بكيت.. حتي انتهت الدموع, صليت.. حتي ذابت الشموع, ركعت.. حتي ملني الركوع, سألت عن محمد, فيك وعن يسوع يا قدس يا مدينة تفوح أنبياء يا أقصر الدروب بين الأرض والسماء, يا قدس يا منارة الشرائع يا طفلة جميلة محروقة الأصابع حزينة عيناك, يا مدينة البتول يا واحة ظليلة مر بها الرسول, يا لؤلؤة الأديان من يغسل الدماء عن حجارة الجدران؟ من ينقذ الإنجيل؟ من ينقذ القرآن؟ من ينقذ الإنسان؟ يا قدس.. يا مدينتي, لم أجد سوي كلمات نزار قباني في قصيدته الرائعة القدس لأعبر بها عن مشاعر الحزن والأسي المتلاحقة التي انتابتني طوال الأيام القليلة الماضية منذ أن أعلن ترامب نقل السفارة الأمريكية إلي مدينة القدس الشريفة. وعلينا ألا ننسي وسط بركان الغضب الذي يجتاح العالم العربي والإسلامي والدولي, بسبب هذه الخطوة الشيطانية, التي تضرب بكل المواثيق والأعراف الدولية, وبقرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن عرض الحائط, أن السبب الرئيسي لإصدار هذا القرار, هو الضعف والهوان والتشتت والتشرذم والانقسام, الذي وصلنا إليه نحن العرب, فنحن نقتل أنفسنا بأيدينا, ونتآمر مع العدو من أجل إسقاط أوطاننا, الوطن تلو الآخر, فما يحدث في فلسطين الآن, يعود جانب كبير منه إلي الصراع علي السلطة بين فتح وحماس من أجل مكاسب محدودة, وتاهت القضية الفلسطينية وسط هذا الصراع المحموم. وإذا نظرنا إلي ما يحدث الآن في اليمن وسوريا وليبيا, نجد أن هناك من بين أبناء هذه الدول من باع نفسه للشيطان, وتآمر مع رعاة الإرهاب في قطر وإيران وتركيا, من أجل زيادة أمد الصراع في هذه الدول, حتي باتت أرض العرب مسرحا للحرب بالوكالة بين روسيا وتركيا وأمريكا وإيران, لفرض النفوذ وتصفية الحسابات, تمهيدا لنهب ثروات ومقدرات هذه الدولة, واستنزاف مواردها, في شراء أحدث الأسلحة والمعدات الفتاكة, حتي يقتل بعضنا البعض, دون رحمة. وبدلا من البكاء علي اللبن المسكوب, يجب أن يفطن العرب إلي ما يحاك ضدهم في الغرف المغلقة, وأن يفيقوا من سباتهم العميق, وأن يعوا جيدا, أن الطريق الوحيد, حتي يستعيد العرب مجدهم, هو العمل العربي المشترك, والقوة العربية المشتركة, ونبذ الخلافات والمشاحنات جانبا, والتعاون والتنسيق فيما بينهم لمواجهة مخططات التقسيم علي أسس مذهبية وعرقية وطائفية, وأن يدركوا أن المستفيد الوحيد في النهاية من هذه الحروب والمشاحنات هو إسرائيل, التي باتت تنعم بالأمن والسلام, وتتسابق الأنظمة العربية لكسب ودها والتعاون معها. وعلينا في مصر ألا ننسي أننا الصخرة التي تحطمت عليها أحلام أمريكا في شرق أوسط جديد, تتم صياغته علي أسس مذهبية وطائفية ودينية, تكون الغلبة فيه للكيان الصهيوني, نعم نجحت مصر في كسر هذا المخطط الشيطاني. كلمة أخيرة سألوا هتلر: من أحقر الناس في حياتك, قال: الذين ساعدوني علي احتلال أوطانهم.. فسحقا لكل العملاء والمأجورين والخونة.