تحولت قضية مياه النيل إلي أحد أخطر أوراق الضغط علي مصر في علاقاتها الدولية, بعدما دخلت أطراف كثيرة داخل منطقة حوض النيلوخارجه لتأجيج تلك الخلافات الخاصة بالانتفاع المنصف من مياه نهر النيل. ولم تعد إسرائيل هي المحرك الوحيد في المنطقة, بعد انتهاز أطراف دولية عديدة منها دول عربية فرصة حاجتها للاستثمار والتنمية بغزو أراضي بكر لدولة مجاورة شقيقة بمشروعات زراعية ضخمة تستنزف مياه النيل الواردة, ولوعلي حساب الحصة المحددة قانونيا وتاريخيا وفقا لاتفاقيتي1929 و1959, والمقدرة بنحو ب55.5 مليار متر مكعب سنويا!! ولم يعد خافيا الدور الخطير الذي تنتهجه السودان الشقيقة, للإضرار بمصر مائيا, واتجاهها إلي عقد تحالف ثنائي مع أثيوبيا لنصرة الأخيرة في إكمال بناء سد النهضة, رغم عواقبه الوخيمة عليها,والتي تصل إلي اختفاء الخرطوم من علي الخريطة حال إتمام بناء السد وتعرضه للإنهيار, لعدم دقة الدراسات التي أجريت علي أساسها التصميمات الخاصة به. آخر مخططات السودان الخبيثة تقديمها لمبادرة ظاهرها التوافق بين مصر وإثيوبيا وباطنها تسليم رقبة القاهرة لأديس أبابا, فالمبادرة تقوم علي أساس الكمية الواصلة لمصر من مياه النيل وقدرها55.5 مليار متر مكعب, مضافا إليها مياه النيل الأبيض القادمة من الهضبة الاستوائية ومياه نهر عطبرة, وبناء عليها يتم إعداد النماذج الرياضية لقواعد الملء والتخزين لسد النهضة, وذلك في محاولة للقفزعلي الشروط المرجعية الموضوعة لتنفيذ الدراسات وتفريغها من مضمونها, وهذه هي نقطة الخلاف الجوهرية. فما طرحته الخرطوم مسألة ملتبسة وغير مفهومة, لأنه ليس من حق إثيوبيا أن تقيس خط الأساس وفقا لحصة مصر من مياه النيل, والتي تسعي السودان وإثيوبيا إليها, وهي55.5 مليار, لأن جزءا من هذه الحصة يأتي إلي مصر من الهضبة الاستوائية وليس لإثيوبيا نصيب منه, وهذه هي نقطة الخلاف. كما أن هذه الأمور كلها تصب في خانة عدم الإعتداد بالقواعد العالمية التي تحددها اتفاقية هلسنكي للمياه العابرة للحدود, واتفاقية الأممالمتحدة لعام.1997 لقد بات من الضروري فضح مخططات الضغط علي مصر ودفعها لتقديم تنازلات في ملف سد النكبة, وليكن البدء بأثيوبيا ذات التاريخ الأسود في بناء السدود, والتي بلغت51سدا علي22 نهرا بقرارات منفردة دون تشاور مع دول المصب المجاورة وعددها7 دول من بينها6 سدود تشترك فيها مصر بصورة مباشرة, مما يتعارض مع الأعراف لإدارة الأنهارالدولية المشتركة وقواعد القانون الدولي, ومما يعود بالضررعلي دول المصب. ليس من جراء الأثار السلبية المباشرة فحسب, ولكن أيضا مما يترتب عليه من إرتباك في نظم إستخدام وإدارة مياه هذه الأنهار في دول المصب, نتيجة عدم الإفصاح والتشاور قبل الشروع في الإنشاء حول تصميم وحجم هذه السدود وخطط ملء خزاناتها وعدم إشراك دول المصب في خطط التشغيل وفي المنفعة المشتركة من هذه السدود!!. كما انه من الغريب أن أثيوبيا تتحجج بعوزها لطاقة اضافية من سد النهضة, رغم أن إجمالي ما تنتجه من تشييدها لل51 سدا السالف ذكرها تقدر بنحو3696 ميجاوات, وموزعة بواقع4 سدود علي النيل الأزرق الذي تشترك فيه السودان ومصر وتنتج647 ميجاوات, وسد خامس علي أعالي نهر السوباط الذي تشارك فيه السودان ومصر, وسد سادس علي أعالي نهر عطبرة المشترك مباشرة مع إريتريا ثم السودان ومصر لتوليد300 ميجاوات. وبالإضافة لهذه السدود التيشيدتها أثيوبيا تقوم بإنشاء سدود أخري وقفا لما ذكره د. محمود ابو زيد رئيس المجلس العربي للمياه- أهمها سد النهضة لتوليد6000 ميجاوات, وله أثاره السلبية علي السودان ومصر, وسد غيلغيل غيبي الرابع, والخامس علي نهر أومو لتوليد1500 ميجاوات, و600 ميجاوات, وكلاهما له أثاره السلبية علي كينيا. ومفاجأة أخري هي أن أثيوبيا ليست بحاجة إلي مياه من سد النهضة, لإنهادولة مصب ل12 نهرا و22 بحيرة ولديها مخزون هائل من المياه الجوفية المتجددة, ويسقط عليها900 مليار متر مكعب من مياه الأمطار مما يجعلها ثاني أغني دولة في أفريقيا مائيا بعد الكونغو.