نعرف أن مجلس النواب يعرض عليه في هذه الآونة مشروع قانون يقضي بتجريم ومعاقبة كل من يتجرأ علي إهانه الرموز المصرية, وعلي الرغم من نبل وجمال فكرة المشروع شكلا, إلا أن عدم وضوح المضمون بها في تعريف المقصود بالرموز ومن سينطبق عليه معايير الرمزية ومن ثم تتحول اهانته لجريمة يعاقب عليها القانون, وهل الرمزية في هذا القانون ستكون متعلقة بافراد في مناصب معينة ذات طبيعة خاصة ام انها ستكون متعلقة بمؤسسات بعينها تؤدي أدوارا أساسية في الدولة ومن ثم يصبح التعرض لها عبر العاملين بها يوجب العقاب بتهمة اهانة أحد رموز الدولة. وهنا ورغم أنني لا أنكر استحساني علي المستوي الشخصي للهدف الذي ولدت من اجله فكرة مشروع هذا القانون حيث عانت البلاد ومازالت في واقع الامر من خلط البعض الشديد بين حرية التعبير المكفولة للجميع وبين إهانة الآخر الذي يكون حرصه علي آداء واجبه ومهام وظيفته هي السمة الغالبة عليه. وهو الخلط الذي اعتبره بمثابة الفخ الذي يقع فيه كثير من المصريين علي اختلاف ثقافاتهم وقدراتهم العقلية والتحليلية والاستيعابية, حيث لم يعتاد كثير منا كمصريين علي أن يعرب عن رأيه دون اسقاط أو تجريح او اتهام او مقارنة بالآخر سواء قمنا بذلك عن علم أو إجتهاد أو حتي جهل. إلا انني أجد نفسي وفي تلك المرحلة من عمر هذا المشروع غير مطمئن لحسن تطبيقهإن خلصت النوايا. ورغم ما سيوفره هذا القانون حال اقراره من حالة عامة من الاحترام والتوقير لمن سينطبق عليهم توصيف الرموز طبقا لمواد القانون غير المعلنة حتي الآن, إلا أنه ايضا ربما ينظر إليه البعض علي انه بمثابة قانون لتكميم الأفواه وكبت الحريات ذلك المصطلح المشبوه سيئ السمعة الذي يلجأ اليه كل من يحاول الظهور في ثوب المظلوم متهربا من اخطائه وتصريحاته التي غالبا ما تكون معبرة عن مكنون نفسه وعقيدته الفكرية.. تلك التصريحات بوجهة نظري تطلق بشكل عشوائي وتكون وليدة اللحظة ووفقا لحاجة السياق الدائر لا سيما إن خرجت عبر برنامج حواري يمتلك ناصيته مقدم برنامج متمرس ومهني محترف يعرف كيف ينتزع التصريح المطلوب بكل حرفيه. ولأن الشيء بالشيء يذكر فتجدني عزيزي القارئ مجبرا علي ربط هذا الأمر بتصريح اعتبره الرأي العام المصري بمثابة إهانه للرمز وجاء عفويا علي لسان شيرين عبد الوهاب صاحبة الموهبة المصرية الأصيلة التي ظلت تعتبر لفترة طويلة صوت مصر في افراحها واتراحها فقد رسمت بصوتها جمال الفرحة بكل انتصار مصري وكذلك أسالت من عيوننا دموع الحزن علي شهداء الوطن, وقد اعتبر جزء كبير من الرأي العام ما تفوهت به شيرين إهانة لمصر ذاتها الرمز الأكبر.