37 عاما علي رأس السلطة في زيمبابوي كفيلة وحدها بضربها في مقتل. روبرت موجابي الرئيس الأوحد للبلاد تربع علي سدة الحكم منذ استقلال روديسيا الجنوبية الاسم السابق لزيمبابوي عن بريطانيا عام1980 بلغ عامه ال93 ولم يعد قادرا وفق تكهنات نشرت قبل شهور علي إدارة شئون الحكم في البلاد حتي إنه كان ينام خلال لقاءاته الجماهيرية مع الشعب. لا يمكن تصور استمرار شخص واحد في سدة الحكم ل7 ولايات رئاسية متتالية بناء علي طلب الجماهير, أو وفق قواعد الحكم الديمقراطي, فضلا عن أن الرجل اقترب من عامه المئوي, ومازال متمسكا بالكرسي الرئاسي والترشح لولاية ثامنة ! بعد استيلاء الجيش علي السلطة بشكل سلمي( من دون إراقة دماء) أعلن موجابي رفضه الاستقالة خلال مباحثات مع بعض المسئولين العسكريين. الموقف الدولي مما يجري في هذا البلد الإفريقي الفقير لخصه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بالدعوة للتعامل مع سيطرة الجيش علي الأمور في زيمبابوي بطريقة سلمية, وقال: لا أحب مطلقا تدخل الجيش في السياسة, علي أن اعترف أنه موقف مربك.. وآمل أولا وقبل أي شيء ألا يكون هناك سفك دماء وأن يتم ذلك سلميا, معربا عن أمله في التوصل إلي حل سياسي ديمقراطي وأن تكون الانتخابات الرئاسية المقبلة حرة ونزيهة لتمكين الشعب من اختيار مستقبله. أما المعارضة فطالبت بسرعة تشكيل حكومة انتقالية وعودة الحكم الدستوري بعد يوم واحد من الاستيلاء العسكري المفاجئ علي مقاليد الحكم ووضع موجابي قيد الإقامة الجبرية. أيد ذلك دوجلاس مونزورا أمين عام حزب رئيس الوزراء السابق مورجان تسفانجيراي الحركة من أجل تغيير ديمقراطي بقوله: الحكومة الانتقالية في الوقت الحالي هي أفضل طريق نسلكه, نؤيد الخطوة التي قام بها الجيش. العربات المدرعة المتمركزة عند المنشآت الحكومية تحتفظ بأماكنها, وعلامات الارتياح بدت ظاهرة علي وجوه الجنود الذين تبادلوا الابتسامات والأحاديث الخفيفة مع المارة, بينما مظاهر الحياة الطبيعية تتسيد الموقف في العاصمة هراري وباقي مدن البلاد, الناس في أعمالهم والأطفال في مدارسهم.. وعلامات الارتياح ظاهرة في الشارع الزيمبابوي إلي ما حدث, ف37 عاما تحت حكم رئيس واحد ربما يعد أمرا مثيرا للضجر والملل, والأكثر منه إثارة للغضب محاولات تمهيد الأجواء لقبول توريث الحكم لزوجته التي كانت قطعت شوطا كبيرا في هذا الاتجاه, وانتقاله من رجل شاخ فوق كرسيه إلي زوجته الشابة! مبعوثو رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما التقوا زعماء زيمبابوي الجدد وفاوضوهم حول مصير موجابي, ومسئولو مجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية( سادك) اجتمعوا في جابورون عاصمة بوتسوانا لبحث الأزمة. ديديموس موتاسا( وزير دولة سابق في زيمبابوي تم إقصاؤه أواخر2014 بسبب دعمه نائبة موجابي آنذاك جويس موجورو قال: ما نحتاجه الآن هو حكومة قادرة علي قيادة زيمبابوي حتي يحين الوقت المناسب لإجراء انتخابات. أما جاكوب مافوم المتحدث باسم حزب الشعب الديمقراطي الذي تترأسه تندي بيتي, فأكد أن أي حكومة مؤقتة يجب أن تشمل جميع الأطراف المعنية ومن بينها الكنيسة وجميع الأحزاب. الشاهد أن الأزمة تمضي حتي الساعة غاية في السلاسة والنعومة والتحضر, فلا اشتباكات عنيفة بين أطراف متحاربة, ولا أنصار مسلحين للرئيس الذي بلغ من العمر أرذله يصرون علي بقائه في منصبه بالقوة العسكرية, وكأن كل قوي المجتمع توافقت علي ما جري. الجيش من جانبه قام بتأمين الرئيس, وإن كان هناك تضارب في المعلومات بشأن مكان زوجته جريس, وسط أنباء عن فرارها خارج البلاد. ولعل التكهنات التي انتشرت بقوة قبيل استيلاء الجيش علي السلطة بأن جريس52 عاما تستعد لتسلم كرسي الرئاسة من زوجها هي التي عجلت بالأزمة ودفعت بكبار مسئولي الجيش إلي اتخاذ خطوتهم وتنحية الرئيس ما حظي بتأييد بعض الساسة. شاعت مخاوف من إمكان الإطاحة ب موجابي من جانب الدائرة المقربة منه وهو ما يري البعض أنه تحقق مع فرض الجيش سيطرته علي العاصمة والقصر الرئاسي. موجابي الذي ولد في فبرايرعام1924 لأسرة فقيرة, وأنهي دراسته الجامعية ليعمل بالتدريس, تعرض للسجن الفترة ما بين1964 و1974 بسبب نشاطه المناهض لنظام الحكم العنصري آنذاك, وبعد الإفراج عنه فر إلي موزمبيق وترأس حزب زانو الذي قاد حرب عصابات ضد حكومة إيان سميث العنصرية في روديسيا الجنوبية( زيمبابوي حاليا). ثم شغل منصب رئيس الوزراء بعد فوز حزبه في الانتخابات التي أجريت عام1980 حتي1987 ليتولي منصب الرئاسة دون منازع حتي الآن. الرئيس التسعيني بدا وكأنه يرفض تنحيته عن منصبه إلي الأبد وذلك عندما أعلن عقب حلوله في المركز الثاني بعد مورجان تسفانجراي في انتخابات جرت عام2008 أن الله وحده يمكنه أن يزيحه عن السلطة, رغم تصريحاته التي أدلي بها قبيل الانتخابات مباشرة وقال فيها: إن من يخسر الانتخابات ويرفضه الشعب عليه أن يترك العمل السياسي, إلا أن أكبر رؤساء العالم سنا لم يجد غضاضة في أن يحتفل بعيد ميلاده الثالث والتسعين بتكلفة بلغت مليون دولار في بلد يعاني من أزمة اقتصادية حادة, بل ودعا مواطنيه إلي أن يرسلوا له تمنيات بدوام العمر! تنحية موجابي قد تمنحه الفرصة لنوم هادئ بعيدا عن السلطة بدلا من أن ينام أو يغلق عينيه في المناسبات العامة.