حين تخفت النار فيمكن إحياؤها بمزيد من الحطب الذي لن تجد صعوبة في الحصول عليه في كل طرقات تلك المدينة العتيقة التي لم يعرف عنها سوي انها قبل الزمان بزمان كانت رحم الارض الذي حمل المحبة والسلام للعالم. رجموا مصابيحها لتضاء بألسنة اللهب ولتتحول جنة الله إلي كتلة من نار تخفت وتشتعل من آن لآن, وفي كل ذكري نرتدي أحمالا من الشعارات نحمل نفس اللافتات ونتسلق قمم جبال من الأوهام أن الزمان سيعود بنا إلي الوراء وتنقضي الساعات ونخلع ملابس الحداد وننتظر الذكري التالية لنقوم بنفس الطقوس والبكاء والعويل واجترار الاحزان. القضية الفلسطينية قتلت بحثا واجتماعات ولقاءات و لم تعد تمثل لاحد الاولويات وان كان حتما فيكون الحراك الوحيد لصالح شعب الله المختار فهم يدركون أن العرب قنبلة منزوعة الفتيل وأن دولة إسرائيل أصبحت أمرا واقعا تلقي دعما وتأييدا وتوافق علي أنها العصفور الديمقراطي الوحيد بالمنطقة العربية القابع علي غصن شجرة وسط الغربان الذين لن يتوانوا عن التهامه في أي لحظة ودفاعه عن نفسه بأي وسيلة هو أمر مشروع. وهذا ليس بالجديد ولا الغريب ولكن العجيب أن أصحاب القضية أو مدعيها غير مدركين أن وعد بلفور قد تحقق وقضي الأمر وما زالوا بعد عشرات السنين من الانتكاسات ومئات القرارات الدولية والأممية المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني ملقاة في الأدراج وعلي الأرفف بعد استخدام أمريكا حق الفيتو ضد ما يتعارض مع مصلحة إسرائيل, يمارسون المطالبة بحقوقهم بالمؤتمرات والمسيرات والاحتجاجات والتنديد ببلفور ووعده, وإسرائيل ومستوطناتها وبريطانيا وما قدمته لشعب إسرائيل من وطن علي حساب مواطنين اصليين وتشريدهم وابادة من استطاعوا اليهم سبيلا ومطالبة حكومة انجلترا بالاعتذار للفلسطينيين عن هذا الوعد كان آخر ما تفتق عنه ذهن هؤلاء المهمومين بالقضية وكأنهم وجدوا الحل السحري لمأساتهم وان اسرائيل ستنصاع لهذا الاعتذار مثل الطفل المهذب و يتحمل الجميع مسئولياته وترد الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني مع باقة ورد واطيب الامنيات! الواقع مختلف ورد قاطع من تيريزا ماي رئيسة وزراء انجلترا برفض قاطع لهذه المناشدات التي لا ترقي أن تكون مطلبا وقناعة شديدة بان اكثر عمل تفخر به انجلترا أنها أسست لقيام دولة اسرائيل وان رسالة بلفور تعد من افضل الرسائل في التاريخ وستكتمل رسالته حينما لا تتأثر الحقوق الدينية والاجتماعية( وليس السياسية) للمجتمعات الأخري غير اليهودية!!! والاصوات التي تفند أكاذيب زعم أحقية إسرائيل بالقدس علي أسس تاريخية ودينية تضل طريقها نحو قضاء دولي ربما لعدم ثقة العرب في جدوي القانون أو لعدم اعتيادهم علي اللجوء إليه في حياتهم! والحلم العربي بتخلي إسرائيل عن بعض المكاسب التي حصلت عليها وليس جميعها أمرا صعب فوجود الكيان اليهودي بالنسبة للغرب ليس فقط لمجرد تعلقها بمصالح سياسية واقتصادية أو للأهمية الاستراتيجية لوجود إسرائيل بقلب الشرق الأوسط ولكنه علاقة خاصة جدا باعتقاد ديني بالعمل علي تحقيق نبوة الرب في أرض الميعاد وفقا للتوراة حيث وعد الله بها نبيه يعقوب للجنس السامي من أبنائه فصار المساس بكيان إسرائيل بالقدس كالمساس بوعد الرب ومخالفته جريمة لا يمكن المشاركة فيها, فحين تترابط خيوط الدين بالسياسة يصبح الامر اكثر تعقيدا وحين تعادي السامية فانت تعادي المشيئة الإلهية! ومازال البحث اليهودي جاريا عن الهيكل المفقود من المسجد الاقصي حتي جبل الحلال ويجري البحث العربي عن سلام تايه ياولاد الحلال.