سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تنشر بترتيب خاص مع الأهرام ويكلي برعاية أمريكا وصمت روسيا وتجاهل النظام السوري.. الأكراد يحتلون الرقة
مقاتلو داعش يتبخرون.. واحتفالية بالسيطرة تخلو من أي مظاهر عربية
سيطرت ميليشيات كردية علي مدينة الرقة شمال سوريا, وتبخر فجأة مقاتلو( داعش), واستفرد حلفاء الأمريكيين بمصير المدينة الغامض. في17 أكتوبر, بعد حملة عسكرية دموية استمرت نحو أربعة أشهر, وبدعم من التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة, أعلنت( قوات سوريا الديمقراطية) التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي عن سيطرتها علي مدينة الرقة شمال سوريا, التي كان يطلق عليها اسم عاصمة التنظيم في سوريا, وقال الأكراد: إنهم حرروا الرقة كليا, وطهروها من مقاتلي التنظيم الإرهابي. خلال الحملة العسكرية, قال الأكراد: إن عددا كبيرا من قادة ومقاتلي التنظيم الأجانب محاصرون في الرقة, ويريدون التفاوض علي الخروج منها دون قتال, وتناقضت الأرقام التي قالها الأكراد, فمرة قالوا إن المقاتلين يشترطون خروجهم ب1200 حافلة, ومرة قالوا إنهم يريدون مئتي حافلة, وفي مرة ثالثة قالوا إنهم يحتاجون لعشرين حافلة فقط ليخرجوا من الرقة مع أسري طلبوا أن يخرجوا معهم كدروع بشرية. مرت الأيام, وسيطر الأكراد علي الرقة دون أن يظهر أي مقاتل من مقاتلي التنظيم الأجانب, واختفي كل أثر لهم, ولم ير أبناء المدينة المدمرة أيا منهم, وقال أهالي المدينة المحاصرون فيها: إن الأكراد اتخذوا من وجود مقاتلي التنظيم الأجانب حجة لتقوم قوات التحالف الدولي بتدمير المدينة كليا علي رءوس أصحابها, وهو ما حصل. بعد تحرير الرقة, قامت القوات الكردية, التي تعتبر ذراعا سورية لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا تنظيما إرهابيا, بتعيين مجلس محلي للمدينة, غالبيته من الأكراد, وفيه البعض من سكان المدينة من الموالين للأكراد, علي الرغم من أن تواجد الأكراد في المدينة قبل الحرب السورية كان لا يزيد علي3% من عدد سكانها, وبدأ هذا المجلس المعين يتخذ قرارات بشأن المدينة بخلوها من سكانها الذين فروا منها بمئات الآلاف, ووفق حملة( الرقة تذبح بصمت) فإن معركة السيطرة علي مدينة الرقة تسببت في مقتل1873 شخصا ونزوح450 ألف شخص ودمار90% من المدينة. عرضت الميليشيات الكردية صورا لاستسلام275 عنصرا سوريا من تنظيم الدولة الإسلامية, لكن سكان المدينة المهجرين منها استطاعوا التعرف علي غالبية المعتقلين, وأوضحوا بالاسم حالة بعضهم مؤكدين أنهم لا يمكن أن يكونوا بأي حال من الأحوال من مقاتلي التنظيم. بعد يومين من سيطرة الأكراد علي المدينة, قالت مصادر من المعارضة السورية من مدينة القامشلي: إن دفعة من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية وعائلاتهم غادروا المدينة بطائرة خاصة برفقة مسئولين شيشان, ورفقة عضو في مجلس الاتحاد الروسي( الدوما), زاروا جميعهم بتوقيت واحد مدينة القامشلي والتقوا بقياديين في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي علي رأسهم صالح مسلم. رفض وفد من شيوخ عشائر الرقة حضور احتفالية الأكراد بالسيطرة علي المدينة بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية منها, وأقيمت الاحتفالية في المدينة, وحضرها مقاتلون أكراد, غالبيتهم العظمي غير سوريين, ورفعوا صورا لعبد الله أوجلان الزعيم الكردي- التركي, ورفعوا أعلام كردستان, ورايات صفراء لتنظيمات كردية, وخلت الاحتفالية نهائيا من أية ملامح عربية, وأعلنوا أن الرقة لن تعود لسوريا إلا ضمن لا مركزية اتحادية, لتربط بذلك مستقبل المدينة التي حررتها من تنظيم الدولة الإسلامية بخطط الأكراد لإقامة مناطق حكم ذاتي في شمال سوريا. إذا, هو احتلال كردي لمدينة الرقة, برعاية ودعم ورضي أمريكي, وصمت روسي, ولا مبالاة من قبل النظام السوري, وعدم رضا من المعارضة السورية ومن تركيا. التزمت واشنطن الصمت تجاه أداء ذراعها العسكرية الكردية في عملية السيطرة في الرقة, وغضت الطرف عن استباحة عاصر الميليشيات الكردية للمدينة, وعن قيام الأكراد بحرق سجلات الملكية, ونقل ملكيات أراضي وعقارات لأسماء كردية غير معروفة لأحد, وعن الإحداثيات المضللة التي أعطوها للأمريكيين ليقصفوا أحياء مليئة بالمدنيين ولا يوجد فيها أي مقاتل, والكذب المستمر بشأن معارك وهمية, وسرقة ممتلكات الناس, والقيام بعملية تجنيد إجباري للشباب. غض الأمريكيون الطرف عن كل جرائم الحرب التي قام بها لأكراد في الرقة, فلا ضير في أن الضحايا في مدينة مثل الرقة, والمجرمين أكراد, مقابل نصر سياسي مهم لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. في الحقيقة, فإن التصريحات الأمريكية التي تشدد علي أن الولاياتالمتحدة لن تدعم مشروعا انفصاليا في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد, هي مجرد تصريحات لا قيمة لها, فهي وحدها التي دعمت الأكراد لاحتلال الرقة وتهجير سكانها وإعلانهم حكما لا عودة عنه للمدينة, ينضم لفيدرالية يقوم الأكراد بالإعداد لها منذ ثلاث سنوات, ومنحتهم مصادر الطاقة والتمويل والحياة: آبار النفط, سد الفرات, ومحطات الطاقة الكهربائية, وحقول القمح, لكنها في نفس الوقت فتحت الباب واسعا أمام شتاء ساخن ستشهده هذه المنطقة من سوريا. الرقة الآن مدينة مدمرة بالكامل, أكوام الركام وأنقاض المنازل تبعث برسائل واضحة عن الإستراتيجية الأمريكية, وهو أن القوة الأمريكية المدمرة حاضرة دائما, وأن الولاياتالمتحدة لن تتورط بريا في سوريا مادام هناك من يمكن أن تستخدمهم كبندقية لها, مقابل أن تلعب بعواطفهم القومية, وتمنحهم مؤقتا بعض الأذهان, وأن الولاياتالمتحدة أيضا لن تنسحب من المناطق التي كان بها إرهابيون حتي لا تتكرر معها تجربة سحب قواتها من العراق في العام2011, وهو الانسحاب الذي أدي إلي انهيار كامل في صفوف الجيش العراقي, وأدي لتورطها بريا. يقول المعارض السوري سعيد مقبل: ثمة ثلاث حقائق أساسية اليوم, أولاها تدمير الرقة نهائيا وتبخر مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية منها. والثانية أن الميليشيات الكردية هي قوة احتلال, واستمرارها بهذه الطريقة هو مقدمة لعودة النظام السوري للسيطرة علي الرقة قريبا. والثالثة أن الرقة لن تشهد استقرارا في المدي المنظور, وسيكون طرد تنظيم الدولة الإسلامية منها هو بداية أزمتها, ومقدمة لمواجهات كبري بين قوي محلية وإقليمية. للرقة أهمية رمزية وإستراتيجية لكل الأطراف, فهي مهمة بالنسبة لتنظيم الدولة الإسلامية بسبب كونها مقرا سابقا لتخطيط عملياته الرئيسية, بما في ذلك الهجمات الإرهابية خارج سورياوالعراق, ولموقعها الجغرافي الذي يتيح له حرية الحركة في مختلف الاتجاهات, كما هي مهمة للسوريين لأنها تضم أكبر وأهم سد لتوليد لكهرباء في سوريا, ومهمة للأكراد لوصل الكانتونات التي يريدونها لفيدراليتهم, أو لاستقلالهم المأمول, وهي مهمة للأتراك لتقطع بها حلم الأكراد بالوصول إلي المتوسط, حيث لا يوجد لكل المناطق الكردية في سورياوالعراقوتركيا أي منفذ بحري, وهي منطقة مهمة لروسيا وللنظام السوري بسبب الوجود العسكري الكثيف لهما هناك, ومهمة بالسبة للإيرانيين لأنهم يعتبرونها جزءا من الطريق الذي يمكن أن يكمل هلالهم الشيعي, ولأهميتها الدينية لهم. لهذا من الممكن أن تبقي المنطقة الممتدة من الرقة وحتي الحدود العراقية أرضا لا يمتلكها أحد, وفي نفس الوقت أرضا لصراع الجميع. يقول مقبل: يبدو أنها مرحلة إعادة رسم الخرائط السياسية في إقليم يعاني من ميوعة سياسية وإستراتيجية, وفوضي عسكرية غير مسبوقة, والخطر الكبير سيبقي ماثلا لزمن ليس بقليل, وثمة سلسلة من الاعتبارات الإستراتيجية التي يرتبها خروج التنظيم من الرقة, منها أين اختفي التنظيم, وأين ذهب قادته ومقاتلوه, وما هو مصير مئات الآلاف من السكان, ومن سيقوم بإعادة تأهيل مدينتهم, وكيف يمكن للحكومة المركزية بدمشق أن تتحكم بهذه المنطقة الحرجة, وهل سيتعامل الأكراد مع النظام, وبحال تعاملوا هل ستبدأ حرب مفتوحة بينهم وبين المعارضة, وهل سيبقي تقاسم الأدوار الناعم بين الروس والأمريكيين, وهل سترضي إيرانوتركيا بحصصها المعدومة تقريبا, كلها أسئلة تؤكد انفتاح المنطقة علي صراعات أعنف وأغرب. وفي خضم هذه الفوضي, يطالب المجتمع الدولي النظام السوري والميليشيات الكردية وجميع الجهات الفاعلة الأخري علي الأرض السورية بالسماح للمنظمات الإنسانية الدولية, وتسهيل عملها في مساعدة مئات الآلاف من النازحين داخليا في مدينة الرقة, وضمان وصول الإغاثة الإنسانية إلي المحتاجين, والكشف عن مصير الآلاف من المختفين في سجون التنظيم في الرقة اختفوا هم بدورهم فجأة, وتقديم دعم مادي أكبر للحملات الإنسانية لهذه المدينة المدمرة. فيما تطالب المعارضة السورية بإنهاء الاحتلال الكردي لها, وتغليب الطابع العربي في معادلة الرقة, كي لا تخضع المحافظة لتأثيرات إثنية قد تفجر الوضع المحلي وتحوله إلي حرب أهلية, وأملهم أن تكون الزيارة التي قام بها وزير الدولة السعودي لشئون الخليج ثائر السبهان للرقة بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية منها برفقة مسئولين أمريكيين رفيعي المستوي, مقدمة لنقل المدينة لمظلة عربية.