أوقات ثمينة وجهود جبارة, تضيع وتتسرب من بين أيدينا في تصفية الحسابات وتشويه الآخر, وإهالة التراب علي كل ما فعله المسئول السابق, وإن كانت الدنيا كلها تشهد له بالكفاءة والمهنية العالية, وهذه الممارسات الممقوتة التي عفا عليها الزمن لا تحدث سوي في مصر, فبمجرد أن يتولي مسئول جديد إلا من رحم ربي مهام منصبه, يكون همه الأول تشويه صورة من قبله, وليس البناء علي ما تم إنجازه. وليت الأمر يتوقف عند تشويه صورة المسئول السابق, ولكن يمتد إلي الانتقام من كل من كانوا مقربين منه, وكأنهم كانوا يعملون في عزبته الخاصة, وليس في جامعة أو مؤسسة أو وزارة مملوكة للدولة, وبدلا من الاستفادة من الطاقة البشرية الموجودة وتوظيفها لإحداث نقلة نوعية, ندخل في دوامة من الصراعات والمشاحنات والخلافات, وبالطبع تدفع الهيئة أو الشركة أو المؤسسة والعاملين بها فاتورة تصفية الحسابات. وبعد هذه المقدمة الطويلة أسوق نموذجا حيا لما تشهده جامعة مصرية حكومية من تصفية حسابات بغرض الانتقام من رئيسها السابق, وأتمني أن أكون مخطئا, لأنني لم أتخيل أن يحدث هذا في مصر ونحن في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. ورئيس جامعة السويس الجديد منذ أن تولي مهام منصبه أثار العديد من التساؤلات لعل أبرزها.. لماذا قام بتعطيل إنشاء كلية الهندسة رغم وجود المباني الضخمة وإهدار تكاليفها لمدة عام قادم, رغم أنها جاهزة لاستقبال الطلاب والأساتذة بلا عمل حاليا, ولماذا قام بتعطيل كلية الطب رغم وجود أساتذة تم نقلهم فعلا من طب قناة السويس, وموجودون الآن بلا عمل. وفي كلية الإعلام بالرغم من انتهاء المقاولون العرب من المبني, وقيام الإدارة الهندسية بطرح مناقصة لعمل التشطيبات النهائية, ماذا وراء تعطيل الطرح, وحتي الآن الكلية علي الخرسانة, وتدار من مبني مؤقت, وماذا عن تسعة ملايين جنيه للدولة لم تستخدم رغم حاجة استوديوهات الكلية لهذا المبلغ, وكانت المناقصة جاهزة وكراسة الشروط والمواصفات معدة من قبل الخبراء من ثلاثة أشهر, وأيضا عدم طرح الاستديوهات والمعامل حتي الآن. ولماذا تقاعس عن تعيين هيئة التدريس المرشحة قبل بدء الدراسة بثلاثة اشهر حتي الآن مدعيا أن الأجهزة المعنية لم توافق عليهم, ولا يمكنه عمل لجان الاستماع قبل موافقة هذه الأجهزة, وقد بدأت الدراسة منذ شهرين دون أية بادرة أمل في تعيينهم. وماهي حكاية تعليمات إنهاء إشراف العمداء فوق الستين, رغم وجود خمسة عمداء فوق الستين مشرفين علي خمس كليات بالجامعة, رغم أن تعيين المعيدين في القانون يتم في حالتين لا ثالث لهما, إما تكليفا, والكلية لم تخرج أي دفعات, وإما تعييننا بإعلان, والكلية لم تنته من الإعلان الأول حتي تعلن مرة ثانية وماذا عن قيامه بنقل مدير عام مكتبه ومدير المكتب الفني وأمين عام الجامعة؟.