يقوم الناس بشراء السلع المسروقة من المحلات لرخص سعرها معللين ذلك بأنهم لم يسرقوها, فما الحكم فيمن يشتري هذه السلع؟يقول الله تبارك وتعالي: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة حاضرة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما النساء:29 ويقول( صلي الله عليه وسلم): إنما البيع عن تراض والبيع جائز في الأصل, أي مباح, وقد تعتريه بقية الأحكام التكليفية الخمسة, وهو عبارة عن: نقل الملك في العين بعقد المعاوضة, فالبيع إحدي الوسائل المشروعة الي يتم بها تبادل الأموال بين الناس وللبيع شروط صحة منها: أن يكون المبيع مملوكا للبائع ملكا تاما, أو يكون البائع وليا أو وكيلا عن مالكه. واختلف الفقهاء في حكم بيع الفضولي وهو: الذي يبيع مال الغير أو يؤجره بدون إذن من مالكه ولا تفويض, والسارق الذي سرق وباع لصاحب المحل وصاحب المحل الذي اشتري منه لا يدخلان تحت أي اسم من هذه المسميات, ثم إن السرقة كبيرة من الكبائر محرمة بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة علي حرمتها, والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكلا من الله والله عزيز حكيم المائدة:38, وفي الحديث الصحيح قال( صلي الله عليه وسلم): لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن فنفي رسول الله( صلي الله عليه وسلم) اسم الايمان عن السارق لحظة سرقته وهي من الجرائم المستمرة مادام أن المال لم يرد إلي مالكه, فأخذ أموال الناس بغير حق كبيرة من الكبائر, والحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات والشريعة جاءت لحفظ ضروريات ومنها حفظ المال عن طريق تنميته وتشريع عقوبات رادعة للمحافظة عليه, وبناء علي ذلك فالشراء من هذه المحلات أو غيرها كأفراد مثلا يعتبر شراء وبيعا فاسدا, لعدم ملكية أصحاب هذه المحلات للأشياء المسروقة ولا ملكية من باعها لهم واشتروا منه فهي علي ملك أربابها وأصحابها لم تخرج عن ملكهم بفعل السارق وحيازة أصحاب هذه المحلات لها حيازة غير مشروعة, فيجب علي المسلم أن يتحقق من ملكية البائع لما يبيعه له هل هو ملكه أم لا؟ ولا يتذرع بهذه العلل التي هي أوهن من بيت العنكبوت والطامة تكون أكبر عندما يكون المشتري علي علم بذلك, فهو بذلك يتعاون مع البائع في مساعدة السارق علي تصريف ما يسرقه فهما مشتركان معه في الإثم يقينا, وهذا منهي عنه في محكم الكتاب العزيز, فقد روي الإمام أحمد في مسنده عن ابن عمر( رضي الله عنه) قال: قال( صلي الله عليه وسلم): من اشتري ثوبا بعشرة دراهم وفيه درهم من حرام لم يقبل الله عز وجل له صلاة ما دام عليه ثم أدخل ابن عمر إصبعيه في أذنيه, ثم قال: صمتا إن لم يكن النبي( صلي الله عليه وسلم) قاله. وروي البيهقي بسنده عن رسول الله( صلي الله عليه وسلم) قال من اشتري سرقة أي شيئا مسروقا وهو يعلم أنها سرقة فقد اشترك في عارها وإثمها وروي أحمد في مسنده بسند جيد قال: قال( صلي الله عليه وسلم): والذي نفسي بيده, لأن يأخذ أحدكم حبله فيذهب به إلي الجبل فيحتطب ثم يأتي فيحمله علي ظهره, فيأكل خير له من أن يجعل في فيه ما حرم الله عليه. والله أعلي وأعلم وكيل كلية الشريعة والقانون بالقاهرة