تستعد مصر لأكبر حدث عالمي وهو استقبال شباب العالم من خلال ذلك المنتدي العالمي للشباب الذي أعلن عنه الرئيس السيسي من أجل التقريب مابين الثقافات والحضارات من خلال تكريس الحوار, باعتباره الصيغة والآلية التي يجب أن تسود.. إن ذلك المنتدي العالمي الذي سوف تأتي فيه وفود الشباب من مختلف دول العالم له مغزي عظيم الدلالة بالنسبة لمصر وبالنسبة للعالم الذي بات يئن تحت سطوة الصراعات الناجمة عن سوء الفهم والإدراك مابين الثقافات, وفي ظل شيوع تلك النظريات والمقتربات التي تكرس الصراع والتنافس بين الحضارات.. ففي ظل ذلك الإرهاب المدمر الذي ساد العالم ولم يستثن منه جزءا وقد طال الدول المتقدمة والنامية والمتخلفة علي حد سواء والذي يعود الي سوء الإدراك والعديد من الثقافات والمفاهيم المغلوطة التي تكرس العداوة والكراهية للآخر, والتي لم تتورع من أن تتوشح بعباءة الأديا,ن كان لابد من العمل علي تصحيح هذه المفاهيم.. إن العالم الآن قد بات تعتصره الصراعات والحروب والمؤمرات في محاولة من قبل القوي أن يأكل الضعيف ويقضي ويستأصله, ولم يعد يسوده سوي مبدأ الغابة وهو أن البقاء للأقوي الذي تم تجميله ليصبح للأصلح, وقد كان لمنطقتنا النصيب الأكبر منها ومن ويلاتها.. وقد وصل ذلك التنافس إلي ذروته من خلال تحويل مجراه من صراع بين الثقافات والحضارات إلي صراع بين الأديان من أجل زيادة وطيس الكراهية والعدائية, لما للأديان من مكانة في النفوس ولإضفاء صفة القدسية عليها( الحرب المقدسة) و مسحة من الشرعية.. إن كل النظريات والتوجهات التي تسود العالم الآن وتطغي علي سلوكياته وتصرفاته تكرس الفرقة والصراع الذي تحركه الكراهية القائمة علي أساس عرقي وعقائدي بداية من نظرية صموئيل هينتجتون صراع الحضارات ونظريات التفوق العرقي ألمانيا النازية وشعب الله المختار لدي اليهود.. من هنا تأتي أهمية ذلك المنتدي الذي هو محاولة تستهدف انتشال العالم من غيابة جب تلك النظريات والمفاهيم التي تكرس الكراهية والبغضة والصراع والتقاتل مابين شعوب العالم من خلال الحوار وتقريب وجهات النظر وفهم الآخر الذي هو المدخل إلي قبوله.. ومن المؤكد أن التركيز علي الشباب في ذلك المنتدي العالمي هو عين الصواب لأن الشباب هم الذين يمثلون النسبة الأكبر, كما أنهم هم المستقبل وهم الذين يرتهن بهم ماسيكون عليه الوضع في العالم, فهم قادة المستقبل وساسته وصناع القرار فيه وهم علماؤه ومعلموه ومنظروه ومخططوه.. ومن ثم فإن جلوسهم معا والتعرف علي الثقافات المختلفة هو المدخل الصحيح للوصول لعالم أفضل يسوده الوفاق والتعاون.. كما أن ذلك المنتدي له العديد من الدلالات بالنسبة لمصر والتي تزداد دلالاتها في ظل الظروف التي مرت بها وتلك التحديات الجسام التي تواجهها والتي تواجه دول المنطقة العربية.. الدلالة الأولي هي أن المبادرة بالدعوة إلي ذلك يؤكد ليس فقط علي الدور الحضاري لمصر المعروف تاريخيا بحكم موقعها الجغرافي باعتبارها قلب العالم ولكن أيضا تعاظم الدور الريادي العالمي لها وليس فقط علي المستوي الإقليمي.. لقد لخص عالمنا النابغة جمال حمدان شخصية مصر الجامعة بقوله أهي توشك أن تكون مجمعا لعوالم شتي, فهي قلب العالم العربي وواسطة العالم الإسلامي وحجر الزاوية في العالم, وهي بذلك تعد ملكة الحد الأوسط وسيدة الحلول الوسطي وأمة وسطا بكل معني الكلمة.. الدلالة الثانية هي أن ذلك المنتدي العالمي هو أقوي رسالة للعالم علي مدي ثبات أركان الدولة المصرية واستقرارها ومد ي الأمن والأمان الذي تتمتع به ويعد في ذات الوقت بمثابة صفعة قوية للمتربصين بها من قوي الشر.. كما أن علينا ألا نغفل البعد الاقتصادي الذي سوف يكون أحد المحصلات غير المباشرة لذلك المنتدي ليس فقط من خلال تشجيع المستثمرين للقدوم إلي مصر ولكن أيضا سوف يكون بمثابة فرصة لتطارح وجهات النظر حول الوضع الاقتصادي من خلال الملفات الاقتصادية التي سيتم تناولها.. [email protected]