حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي علي رعاية الموهوبين والمتميزين من أبناء مصر يظهر واضحا جليا في العديد من المناسبات التي يحضرها الرئيس ولعل تكريم الرئيس منذ ايام قليلة للمتميزين من رواد التكنولوجيا ووقراره بمضاعفه ميزانية المشروع بعطي دلالة جديدة علي تقدير القيادة السياسية لكل يد تبني أو عقل يبتكر. المسافة واسعة فعلا بيننا وبين الدول المتقدمة فيما يتعلق بالبحث العلمي وتطبيقاته في المجالات الحياتية المختلفة. هذا البون الواسع يعود من وجهة نطري الي عدم الإيمان الحقيقي لدي القائمين علي هذه المنظومة بقيمة ثمار العقول المبتكرة والتعامل مع إبداعاتهم من منظور وظيفي بحت. اعني اننا نعامل مبتكرين ومخترعين هم بطبيعتهم خارج صندوق الوظيفة والروتين نعاملهم بفكر ولوائح الموظفين وبالتالي تكون المحصلة آلاف من براءات الاختراعات ومثلها من المشروعات البحثية مكومة ومحفوظة بنفس إطار الارشيف الحكومي. في ظل المتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم وفي ظروف المنافسة الشرسة بين الدول اقتصاديا تكون المبادرة والابتكار هي ما يحكم المزايا النسبية للمتنافسين ومن ثم فان الصراع الحقيقي علي احتلال مكانة بين كبار العالم سيكون مرهونا بالمقدرة علي الابتكار والابداع. واعتقد ان ذلك ما تدركه القيادة السياسية وتدفع باتجاه جعله عقيدة لدي المسئولين ومجتمع الاعمال المصري خاصة ان هناك شركات عالمية معروفة تبلغ ميزانياتها ما يماثل ويزيد علي ميزانيات دول بأكملها. تهيئة البيئة والمناخ للمبادرين والمخترعين ثم رعايتهم ماليا وعمليا وتقديرهم بالشكل اللائق سيكون مسارا ورافدا مهما يعطي وطننا قوة وتميزا خلال فترة ليست طويله. تكريم الرئيس هؤلاء الشباب يجب ان تتعامل معه الجهات المسئولة بما يعكس معناه ومقصده فما قام به الرئيس هو بمثابة الرسالة الرامية لتضافر الجهات المسئولة لتتعامل مع هذا الملف بما يؤكد أهميته بل وخطورته حيث سيكون من الخطأ الجسيم اعتبار تكريم الرئيس بمثابة نهاية الطريق فالمشوار طويل لم نخط منه الا قليلا. ترجمة رسالة الرئيس هي التحدي الحقيقي امام المسئولين عن البحث العلمي وتطبيقاته ولا اعرف حتي الان مدي انتباه القائمين علي هذا الامر وادراكهم ضروة التحرك سريعا وبلورة رؤية يتم العمل في اطارها لتنتقل مشروعات البحث العلمي الي مجال التنفيذ علي ارض الواقع. الاف الابتكارات والاختراعات الموجودة لدي اكاديمية البحث العلمي اصاب اصحابها الاحباط والملل وبداخل نفوسهم مشاعر سلبية كثيرة. سيقول البعض الميزانيات واللوائح هي الحاكمة لعملنا وسيقول البعض الاخر دورنا ينتهي عند منح شهادة براءة الاختراع وهكذا تتوه القضية ويخسر الوطن فرصا ذهبية تكفل له في حالة تحققها موارد مالية ضخمة ومكانة متميزة علي خريطة الكبار. لا اعلم ماذا يمنع البناء علي ما قام به الرئيس وقيام اكاديمية البحث العلمي بالتعاون مع المراكز البحثية ورجال الاعمال والمستثمرين بعقد سلسلة من الاجتماعات يتم خلالها استعراض مجموعة من الابتكارات والاختراعات القابلة للتنفيذ وتحويلها الي مشروعات انتاجية تحقق الفائدة لكل الاطراف. ليس جديدا التأكيد علي الطفرة الكبيرة التي حققتها دول مثل اليابان والصين والهند وقبلها الولاياتالمتحدةالامريكية بسبب استثماراتهم في ابداعات العقول. القضية فعلا تستحق تناولا غير تقليدي حتي لو كانت البداية بعشرة مشروعات فقط يتم متابعتها والوصول بها الي مرحلة الانتاج الفعلي لتكون نموذجا ونظاما يتيح لمصر الاستفادة من عقول ابنائها فهل تشهد الايام القادمة تحقيق الحلم ؟