كيف يمكن لصانع السياسات الاقتصادية استيعاب الوحدات السكنية في أسواق العقارات ؟ كيف يمكن إقناع من استثمروا مدخرات حياتهم في شراء شقق أو فيلات أو وحدات لمنزل صيفي في الساحل الشمالي أو شرم الشيخ أو الغردقة بفتح هذه الوحدات وتأجيرها وطرحها في سوق العقارات. ؟ هناك حديث مجتزئ وحقائق غائبة فيما يتعلق بسوق العقارات في مصر: أولا: هناك لهجة نحذر منها خاصة بفتح هذه الوحدات السكنية بقوة القانون, هذا لن يجدي فتيلا وسوف يحدث أحجاما عن الأستثمار في سوق العقارات بل وقد يؤدي إلي كارثة لا تحمد عقباها. ثانيا: هناك حديث حول ملايين من المصريين يسكنون في العشوائيات بينما هناك شقق مغلقة تقدر بنحو12 مليون وحدة كما ذكر الآحصاء الأخير, والربط هنا فيه مغالطة شديدة لأن من يسكن في العشوائيات ليس لديه قدرات مادية تسمح له بالدخول في سوق العقارات والشراء أو دفع الإيجار الذي يفرضه السوق وفق قانون الايجارات الحديث, نحن نتحدث هنا عن مشكلة تنمية لها علاقة باستيعاب هؤلاء في سوق العمل وبالتالي إتاحة دخل معقول لهم يسمح بدفع20% منه مقابل ايجار أو تمويل تأجيري أو شراء علي مدي طويل بأقساط طويلة, نحن هنا نتحدث عن تنمية اقتصادية تسمح برفع متوسط دخل الفرد قياسا بالناتج المحلي الاجمالي وبالتالي زيادة القدرة الشرائية في المجتمع. حين الحديث عن فتح الشقق المغلقة التي تقدر بالملايين لا بد أن ندرك أن سوق العقارات في مصر يتسم بفوضي شديدة وأن هناك حاجة ماسة لتنظيم هذا السوق من خلال أولا: توافر قاعدة معلومات صحيحة عن سوق العقارات وهذا لن يتوفر الا باتاحة تسجيل هذه العقارات في الشهر العقاري برسوم بسيطة واجراءات أبسط, كل من مر من قبل بمسألة تسجيل شقة أو منزل أو قطعة آرض يدرك الصعوبات الهائلة التي تواجه عملية التسجيل, ويكفي أن نذكر أن عمليات التسجيل قد تستغرق سنة كاملة وما يعنيه هذا من عذاب التردد علي الضرائب العقارية والشهر العقاري ومنظومة الفساد الكاملة التي ينبغي أن يمر من خلالها. ثانيا: ربط سوق العقارات بالجهاز المصرفي من خلال توفير التمويل العقاري للوحدات السكنية, مصر هي البلد الوحيد في العالم الذي يضطر فيه المالك الي دفع كامل قيمة العقار كاش أو بتسهيلات من المطور العقاري في حين أن سوق كندا أو الولاياتالمتحدة يتيح لك دفع10% من قيمة العقار كمقدم علي أن تحصل علي قرض عقاري يسدد بجزء من دخلك الشهري. ثالثا: تطوير الوسيط العقاري المتمثل فيما يسمي في الغرب نوتير وهو شخص له صبغة قانونية لكنه لا يصل إلي مرتبة المحامي ومهمة هذا الشخص هو أن بكون وسيطا بين كل الأطراف.. البائع والشاري والبنوك وجهات تسجيل العقارات, حين يتأكد من سلامة كل الاجراءات يقوم بسداد ما تبقي من القرض العقاري ومنح المالك ما يخصه بعد سداد الضرائب وكل الرسوم. رابعا: رقمنة النشاط العقاري من خلال موقع الكتروني رسمي واحد خاص بالعقارات يدخل عليه كل من يبغي البيع والشراء لتحديد الوحدات التي تحظي برضاهم علي آن يقوم العميل العقاري بمهمة لقاء البائع والشاري وفحص العقار قبل تقديم عرض خاص للشراء. خامسا: ضرورة تنظيم المعاملات الورقية الخاصة باستمارات تقديم عرض الشراء والذي يوقع عليه كل من البائع والشاري ويصبح وثيقة قانونية معمول بها. سادسا: هناك مهمة تشريعية خاصة بمجلس النواب لتنظيم الإطار القانوني لعمليات بيع وشراء العقارات وكذلك تنظيم مسألة قانون الايجارات بحيث يتواءم مع المستجدات. بدون هذه الاجراءات يصبح من الصعب أن يوجد لدينا سوق مرن للعقارات يتيح للملاك طرح عقاراتهم في السوق وبالتالي حل مشكلة الاسكان في النهاية. وقبل ذلك وبعده لا بد من احترام حق الملكية فهو حق دستوري لا يمكن المساس به من قريب أو من بعيد. الحل إذن هو في تنظيم السوق و توفير إطار مرن تتحرك فيه العقارات بحرية بشكل يسمح للمالك بالحفاظ علي ملكيته واستثمارها بالشكل المناسب ويسمح لمن يرغب في الشراء أو التأجير دخول السوق والخروج منه بشكل آمن.