من المؤكد أن منظمة هيومان رايتس شأنها شأن أي منظمات أو مؤسسات دولية هي في النهاية مجرد أداة سياسية تسعي من خلالها الدول الكبري المسيطرة علي النظام الدولي الي ممارسة قواعد اللعبة السياسية.. وهي أيضا تعد مهدفة ويتم توجيهها بل وتوظيفها لتحقيق مصالح الدول الكبري ومن خلالها تتم عملية التبرير والتكييف لممارسات هذه الدول ضد الدول المستهدفة.. فالأممالمتحدة كمنظمة دولية من المفترض فيها أن تعمل علي تحقيق السلم والأمن الدوليين وأن تكون مؤسسة دولية ذات سلطة فوق الدول وهو ما لم يحدث علي أرض الواقع.. اذ إنها قد أصبحت في النهاية مجرد انعكاس لموازين القوة في النظام الدولي وأصبحت أداة في يد الدول الكبري وقد أصبح كل عملها من خلال مجلس الأمن الدولي هو مجرد استصدار القرارات التي تكيف وتشرعن سياسات وتصرفات الدول الكبري من منظور مصالحها ضد بقية الدول الأعضاء فيها.. ذلك هو المنظور الذي يجب أن ننظر من خلاله إلي هيومان رايتس وكل المؤسسات والمجالس الحقوقية العالمية وما يصدر عنها من تقارير بشأن أوضاع حقوق الإنسان في دول العالم بصفة عامة ومنطقة الشرق الأوسط علي نحو خاص علي اعتبارها ملتقي مصالح الدول الكبري وعلي رأسها الولاياتالمتحدة.. إذ إن الأخيرة بعد انتهاء نظام القطبية الثنائية قد أصبحت هي القطب الذي يهيمن علي العالم ومن ثم آلت لها السيطرة والتحكم في مداخل ومخارج العلاقات الدولية.. من ثم فإن كل التقارير التي تصدرها مؤسسة هيومان رايتس وغيرها من المؤسسات الحقوقية لا تعكس حقيقة الأوضاع في الدول المستهدفة بقدر ما هي مجرد تقارير تتم بناء علي طلب الدول الكبري بالكيفية التي تتفق مع مصالحها( الولاياتالمتحدة).. ومما يؤكد تلك التبعية وذلك الدور الذي تلعبه هذه المنظمة لصالح الولاياتالمتحدة ما صرح به المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأممالمتحدة في بيانه الذي انطوي علي توجيه انتقادات للحكومة المصرية.. حيث أظهرت كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف تلك الحالة من الخلط وعدم التوازن الذي يؤكد سوء النية ضد مصر.. فقد اعتبر أن الحكومات ومنها حكومة مصر تعد أكثر خطرا علي العالم من الإرهابيين والمتطرفين إذ إنها تملك القدرة علي طمس معالم العالم.. وقد وصف في كلمته أن قانون الجمعيات الأهلية بمصر يشكل قيدا علي المجتمع المدني وهو ما يعد انتهاكا للقانون الدولي.. كما ادعي أيضا أن الحكومة المصرية قد قامت بقطع الخدمات الحيوية التي تقدمها منظمات المجتمع المدني.. إن ما ينطوي عليه ذلك البيان بمثل تلك الحالة من التناقض وعدم الموضوعية في عمل هذه المجالس الحقوقية والتي قد أصبح عملها من خلال تقاريرها وبياناتها بمثابة سيف الباطل المسلول علي رقاب الدول لإثنائها عن مواقفها والتدخل في شئونها التي تعد من قبيل أعمال السيادة.. وبغض النظر عن الانتقادات التي وجهتها الحكومة المصرية من خلال مندوبها الدائم لدي الأممالمتحدة إلا أن الأمر يأتي كجزء في إطار ما تمارسه إدارة ترامب علي مصر من خلال الملف الحقوقي وما ينطوي عليه من مزاعم ودعاوي زائفة.. وعلينا أن نتذكر أن ذلك القرار الذي اتخذته واشنطن من حرمان مصر295 مليون دولار من المعونة المخصصة لمصر كانت مبرراته من خلال ذلك المنظور الحقوقي الزائف.. وعقب ذلك القرار خرج أحد المسئولين في الإدارة الأمريكية لوكالة السي ان سي أن واشنطن لديها قلق كبير حيال قضية حقوق الإنسان وحسن الإدارة في مصر.. وقد ذكر أيضا ضمن المبررات التي دفع بها هي عدم رضاء واشنطن علي قانون الجمعيات الأهلية ولكن مصر قد أصرت علي موقفها ورفضت الضغوط الأمريكية لأنها تعتبر ذلك من قبيل أعمال السيادة الداخلية.. ومن خلال الربط بين التصريحات التي صرحت بها واشنطن عقب قرارها بتخفيض المعونة المخصصة لمصر وبين تلك التي جاءت علي لسان المفوض السامي لحقوق الأنسان يتضح لنا حقيقة الدور الذي تقوم به هذه المنظمات والمجالس الحقوقية وكيف أنه لا تعدو أن تكون سوي أداة لتبرير قرارات الدول الكبري صاحبة السيطرة علي النظام الدولي.. وأن ما يصدر عنها من تقارير عن الوضع الحقوقي في الدول يرتهن بإدارة مصالح الولاياتالمتحدة وتوجهات سياستها الخارجية.