رحلة جديدة من الشقاء الدراسي تبدأ إرهاصاتها الأولي مع بدء العام الدراسي في كل بيت حيث تجتمع الأسرة علي قلب رجل واحد ما بين حتمية تدبير المصروفات المدرسية والزي الخاص وجدول الدروس الخصوصية والكتب الخارجية والاتفاق مع الباص, حالة من الطوارئ القصوي في كل بيت لا يخلو من تلميذ ابتدائي أو إعدادي أو حتي ثانوي. أيام وينطلق مارا ثون الدراسة تصاحبه استعدادات غير مسبوقة لإعداد المدارس بالشكل الذي تستوعب معه الفصول قدر طاقتها من التلاميذ ضعفين أو ثلاثة أما المدرسون كل منهم يشحذ عصارة ذهنه في رصد جدول متوازن لمجموعات الطلبة التي تمكن من الحصول عليها. وتبدأ الدراسة وتمر الأيام بشقائها حتي محطة الامتحانات ولحظات طلوع الروح من صدور الآباء هرولة علي أبواب المدرسين والسناتر كي يحصي أبناؤهم ما يمكنهم من اجتياز الامتحان وفي النهاية تبقي المدرسة بلا فاعلية تذكر طوال عام كامل. ولعمري عندما يغيب دور المدرسة تغيب معه أي أحلام للتنمية البشرية فأي منطق يقول إن مرحلة كاملة مثل مرحلة الثانوية العامة لا يجد طلبتها مكانا لهم في المدارس غير انتماء شكلي فلا فصول للصف الثالث الثانوي وعلي الطالب أن يقضي النهار من بزوغ الشمس وحتي غروبها يقفز بين الميكروباصات والتعلق بالأتوبيسات في الميادين والشوارع للحصول علي دروس خصوصية في كل المواد عوضا عن المدرسة فهل هذا معقول؟ كيف يمكن أن نقول بأن هناك منظومة تعليمية سليمة في بلدنا تؤسس لجيل بناء ونحن علي هذا الحال من التردي التعليمي؟ ما ينفقه الآباء وتنفقه الدولة علي أبنائنا في مراحلهم التعليمية المختلفة من مليارات تضيع كلها هباء منثورا علي جيل نظلمه بنظام تعليمي مهلهل ومستقبل مجهول تنعدم معه أي خطة لاستغلال مؤهلاته التي أنفقت عليها الدولة حتي تخرج في الجامعة ليلقي في الشارع عاطلا بالوراثة, عفوا, بالتخرج. هل يعقل أن تعيش الدولة والأسر في البيوت محنة الشقاء التعليمي وسنوات طويلة ثم نلقي بثمار مالنا وأبنائنا إلي الشارع بلا فائدة. يبدأ العام الدراسي ويبقي حال التعليم علي ما هو عليه ولا عزاء للتلاميذ ولا حتي لآبائهم. خ.ح. ا