ما إن تراه قادما من بعيد حتي تأخذها نشوة عجيبة, يفتر ثغرها عن ابتسامة سرعان ما تتحول إلي ضحكات متتابعة ممتدة كصهيل فرسة جامحة, لا تتمالك نفسها فتتقافز مرحا كعصفورة علي غصن تغازل وليفها تفتح ذراعيها إغراء له ليحملها بين ذراعيه ويضمها إلي صدره, ما إن تستقر في حضنه حتي تمطره بقبلات علي شفتيه وأنفه ووجنتيه, تعضه بأسنان لم تظهر بعد, تا.. تا.. تا, يبادلها القبلات, يرفعها بيد واحدة إلي الأعلي حتي تكاد تلامس سقف الغرفة, تصرخ بدلال تتصنع الخوف وهي تعيش أمانا لا حدود له بين يديه, يسيل لعابها شهدا يسقط قطرات علي وجهه وملابسه, تؤلمه ذراعه فينزلها, يجلسها علي الأرض فتتشبث بيديه باكية. سجدة آية للحسن, لوحة بديعة; وجه ملائكي مستدير, عيون عسلية تفيض براءة, شعر قصير يتطاير فوق جبهتها, تشبثت بيد أبيها ووقفت علي ساقيها الصغيرتين لحظات قبل أن تسقط, هي المرة الأولي التي تقف علي قدميها, بصوت فرح نادي محمود زوجته أم سجدة لتري طفلتهما الجميلة تخطو أولي خطواتها, ساعدها محمود مرة أخري علي الوقوف, خطت نصف خطوة نحوه ثم هوت جالسة, لم تكتمل فرحة محمود فقالت له زوجته مواسية, وابتسامة رضا تنير وجهها: لا تتعجل, لا تزال صغيرة, إنه فقط شهرها الثامن. ألقي محمود بجسده علي المقعد القريب, هذا المجهود البسيط الذي بذله مع سجدة أرهقه, منذ تعرض للحادث قبل6 سنوات وهو يعاني الإجهاد والتعب لأقل مجهود, لا يستطيع العمل رغم حصوله علي دبلوم في السياحة والفندقة, كان قد أنهي دراسته المتوسطة ويستعد لتقديم أوراقه ليلتحق بالخدمة العسكرية, لكن القدر كان يخبئ له شيئا آخر, بينما كان يقود دراجته النارية علي كوبري أكتوبر صدمته سيارة فأسقطته وكادت تودي بحياته, لكن الله قدر أن ينجو بنصف حياة, فقد أصيب بكسور مضاعفة, وأجري عدة عمليات جراحية, وأصبح يحمل في جسده( طنا) من المعادن: ثلاثة مسامير نخاعية, وثمانية مسامير صغيرة, واربع شرائح تسند عظامه التي تفتت بفعل الحادث, نجا من الموت لكنه أصبح عاجزا عن العمل, وحصل علي إعفاء طبي من الخدمة العسكرية. يكمل محمود بعد شهور قليلة عامه الرابع والعشرين, عندها سوف ينقطع معاش يحصل عليه من والده المتوفي, هذا المعاش هو كل ما يتحصل عليه من دخل, ينفق منه علي أسرته الصغيرة; زوجته التي جمعه بها القدر قبل عامين, وقرة عينه سجدة التي لم تكمل عامها الأول بعد, يدفع منها إيجار شقته,400 جنيه نظير شقة صغيرة في بيت إحدي قريباته بالكيت كات بنظام الإيجار الجديد. ماذا يفعل محمود بعد انقطاع المعاش الشهري؟ هذا ما يشغل باله ليل نهار, يؤرقه وينغص عليه حياته, يفكر في فتح كشك صغير, يقضي فيه وقته ويكسب منه رزقه ورزق أسرته الصغيرة, لذا يناشد محمود درويش محمد, المقيم بالكيت كات إمبابة, والعاجز عن العمل نتيجة إصابته بكسور مضاعفة جراء حادث وقع له قبل6 سنوات, يناشد اللواء كمال الدالي, محافظ الجيزة, منحه رخصة كشك في منطقة الكيت الكات.