مازالت أصداء دعوة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي, المتعلقة بالمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث وإطلاق حق المرأة المسلمة في الزواج من غير المسلمين تثير جدلا بين المؤيدين للفكرة باعتبارها تحقق العدل والمساواة,وأنها فكرة اجتماعية اقتصادية تخضع للنقاش العام وهذا الرأي يتحمس له ويتبناه عدد ليس قليل من مؤسسات المجتمع المدني المهتم بقضايا المرأة, ومعارضين للدعوة التي تخالف نصوص دينية قاطعة في القرآن الكريم,خرجت فتاوي وبيانات من المؤسسات الدينية الرسمية في مصر والسعودية ترفض الدعوة, منها بيان الأزهر الشريف الذي أكد أن آيات المواريث الواردة في القرآن الكريم قطعية الثبوت والدلالة ولاتحتمل الاجتهاد, وكذلك أحكام الزواج والأسرة. وتثير الدعوة التي أطلقها الرئيس التونسي ووجدت لها صدي في مصر عدة تساؤلات الأول حول مفهوم المساواة في الميراث هل سيكون في الحالات الأربع التي يرث فيها الذكر مثل حظ الأنثيين, حالة إذا وجد الابن والابنة وإن تعددوا,إذا وجدت الأخت الشقيقة مع الأخ الشقيق وإن تعددوا,حالة الأخت لأب مع الأخ لأب وإن تعددوا,وحالة بنت الابن وابن الابن وإن تعددوا,وهي أربع حالات من أكثر من ثلاثين حالة ترث فيها المرأة أكثر من الرجل مثل حالة وفاة المرأة تاركة خلفها زوجا وابنة ترث الابنةالنصف والزوج الربع,وفي حالات تتحقق المساواة مثل ميراث الأب والأم من ابنهما المتوفي الذي ترك أبناء ذكور وإناث.وحالات تحجب الأنثي الرجل فترث هي ولايرث هومثل حالة الجدة أم الأم ترث ولايرث الجد أبو الأم,وللدكتور محمد عمارة دراسة مفصلة للرد علي مزاعم المساواة في الميراث بين الذكر والأنثي يشرح فيها أحكام الميراث في أكثر من ثلاثين حالة. التساؤل الثاني هل حل الرئيس التونسي المشكلات التي يعاني منها شعبه خاصة الأزمات الاقتصادية وأزمة البطالة,وهل انتهي من أزمات السياسة؟ أم أن الدعوة هدفها الهروب وشد انتباه الشعب التونسي لقضايا جدلية,وهو في ذلك لم يأت بجديد فالقضايا نفسها كانت مطروحة للنقاش في تونس قبل ثورة الياسمين التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي. التساؤل الثالث هل قضية المساواة في الميراث من أولويات المرأة التونسية والمرأة العربية أم أن هناك قضايا أكثر أهمية تتعلق بالحق في الحياة ذاتها وليس الحق في المساواة في الميراث في4 حالات من أحوال الميراث. التساؤل الرابع يتعلق بالحماس الشديد الذي تلقت به بعض منظمات المرأة في مصر دعوة الرئيس التونسي,رغم أن لدينا في مصر ماهو أخطر وهو حرمان المرأة من الميراث بحجة الحفاظ علي أرض العائلة حتي لاتذهب لرجل غريب,ففي عدد من محافظات الصعيد وبعض مراكز المنوفية لاترث المرأة الأنصبة المنصوص عليه شرعا. والحجة التي يرددها الرجال لتبرير جريمتهم بحرمان المرأة من حقها هي أن الرجل مسئول عن أخته يزورها في المواسم ويشرفها أمام أهل زوجها ومنذ سنوات وقضية حرمان المرأة من الميراث مطروحة للنقاش في المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للأمومة والطفولة,دون حسم وهناك اقتراحات بتعديل القانون رقم77 لسنة1943 الخاص بالمواريث لينص علي عقوبة رادعة لمن يحرم المرأة من الميراث..ولكنها تبقي اقتراحات رغم مضي سنوات علي طرحها. الميراث شرعه الله لتحقيق العدل والمساواة,وكآلية من آليات إعادة توزيع الثورة, فكم من فقير جاء الميراث ليغير حاله,ولكن بمخالفة شرع الله يتحول إلي سبب في أزمات وقطع رحم ويصل الأمر لارتكاب جرائم قتل بسبب الجشع وعدم الالتزام بحكم الله, ومن أحسن من الله حكما. [email protected]