في الظن أن كل برامج التوك شو المنتشرة علي شاشات القنوات التليفزيونية الخاصة جاءت من رحم برنامج البيت بيتك الذي يعتبر تقريبا أول توك شو قدمه الإعلام المرئي, وكان ذلك عام2004 عندما بدأت القناة الأولي في ماسبيرو تقدم هذا البرنامج يوميا في توقيت مسائي معين وبمقدمي برامج بذاتهم أيضا, ولقي البرنامج إقبالا كبيرا من المتلقين وحظي بنسبة مشاهدة عالية ومتميزة. وأذكر أن العديد من مذيعي ومذيعات المبني الكبير كانوا يتقاطرون علي مكتب وزير الإعلام آنذاك ممدوح البلتاجي يرحمه الله وكل يطمع في أن تتاح له فرصة المشاركة في تقديم البرنامج بعد أن أخذتهم الغيرة من عظم النجومية التي حظي بها مقدمو ومقدمات البرنامج. وبالقطع فإن جماهيرية البيت بيتك وما حظي به من إقبال كان من أهم الأسباب التي أدت بالقنوات الخاصة لأن تتضمن خريطة برامجها برنامجا علي غرار البيت بيتك فقامت مختلف هذه القنوات بإنتاج برنامج توك شو خاص بها واستقطبت لتقديمه نجوم البيت بيتك بعد أن أجزلت لهم المقابل المادي الذي فاق كثيرا ما كانوا يتقاضونه في ماسبيرو, وبالطبع ترك هؤلاء الذين صنع ماسبيرو نجوميتهم وغادروه إلي القنوات الخاصة حتي أولئك الذين تربوا في حضنه, فما بالك بمن شاركوا في تقديم البرنامج من خارج المبني, وشيئا فشيئا خلت شاشة ماسبيرو من برنامج حواري خاصة بعد أن وقع الخلاف بين منتج البيت بيتك والمسئولين في ماسبيرو, وهذا وعلي مدي السنوات التالية لأحداث25 يناير خلت شاشة ماسبيرو من برنامج حواري علي غرار البيت بيتك في حين تكاثرت برامج التوك شو علي أغلب القنوات الخاصة وساعد علي ذلك ما قامت به تلك القنوات من تجهيز استوديوهات شيك تميزت بديكورات جميلة يذاع منها هذا البرنامج, وعلي العكس من ذلك كانت استوديوهات ماسبيرو كما أن هذه القنوات كانت تدفع مقابلا ماديا مجزيا للضيوف الذين تستدعيهم للحديث والحوار في البرنامج بعكس ماسبيرو والذي لا يقدم مثل هذا المقابل وإن قدم فهو يقدم الزهيد, ثم إن ماسبيرو لم ينجب براعم واعدة يتمتعون بطلة بهية فنجومه ونجماته كبروا في السن وترهلت أجسامهم كما أنه يعاني من خواء مادي يعيق استدعاءه نجوما من خارج المبني وبالتالي يغيب عن التليفزيون الرسمي برنامج توك شو يلتف حوله المشاهدون بعد أن كان ماسبيرو أول من قدم التوك شو الذي أصبح الآن سداحا مداحا في كل الشاشات الخاصة, ومع ذلك فإن ماسبيرو يمكن أن يقدم برامج حوارية شائقة وجاذبة وتنافس تلك التي تقدم عبر الشاشات الخاصة, ودليلي علي ذلك أكثر من برنامج حواري شاهدته علي شاشة القناة الأولي قبل أسابيع, وكانت برامج ممتعة منها مثلا البرنامج الذي قدمه المذيع أحمد مختار وكان ضيوفه سيدة المسرح الفنانة سميحة أيوب ومطرب من أفذاذ الغناء والطرب التونسي لطفي بوشناق. إن هذا البرنامج يمكن أن يكون نواة لتوك شو يقدمه علي مدار الأسبوع ويستضيف عمالقة الأدب والفن والعلوم والقانون والرياضة والاقتصاد لا ممن يسكنون العاصمة, ولكن من مختلف مناحي الوطن شمالا وجنوبا لقد كان الحوار في البرنامج غنيا وراقيا تابعته من خلال ذكريات الفنانة سميحة أيوب عندما كانت تدير المسرح القومي ثم وهي تؤدي مسرحيات لمعت من خلالها فاستحقت أن تكون سيدة المسرح, نفس الأمر بالنسبة للطفي بوشناق الذي أمتعنا بقصائد تمجد الأوطان ويعلي من شأن الانسان في صوت رخيم جميل, والبرنامج بالشكل الذي قدم به يمكن أن يقدمه أكثر من مذيع وأن يخصص له فريق إعداد مثل الذي أعد البرنامج الذي شاهدته, فقد كان لهذا الفريق جهد مشكور في جمع المادة التي كانت محور البرنامج وأيضا أنواه بالبرنامج الذي قدمته مذيعة متمكنة وكان عن الملحن والفنان الراحل محمد الموجي فقد سعدت بما يقدم في هذا البرنامج الذي يمكن أن يقدم من خلاله جهابذة الفن من ممثلين ومخرجين وكتاب سيناريو. إن ماسبيرو يستطيع بأبنائه أن يعود إلي إشراقاته من خلال سهرات تتسم بالجاذبية وتقدم فيها الغناء العذب والحوار الهادف وفي توقيت معين كل ليلة.. ماسبيرو يستطيع شريطة العزم والإصرار علي تقديم الأحسن.