هو شاعر كبير بكل معاني الشعر والكبر رغم أن عنوان ديوانه الثري يحمل اسم مقهي صغير فما يحتويه الديوان من شحنات كهربية وأعصاب عارية ولغة وأحاسيس عالية جدير بأن يضعه في مكان ومكانة خاصة بين الشعراء.. وبينما أقرأ صفحات ديوانه الضخم والفخم( أكثر من أربعمائة وخمسين صفحة) أجدني استحضر روح الشاعر الفرنسي المتميز شارل بودلير صاحب أزهار الشر في أشرف يوسف الذي تظلمه الحركة النقدية في مصر لسبب أو لغير سبب له رؤيته الخاصة العميقة والواسعة وشديدة الإنسانية كما أن له لغته التي تتوالد مع تدفق أحاسيسه متناغمة معها شدة وضعفا ورهافة وحزنا.. لقد أدهشني وهو يستبطن أحاسيس المرأة في كل تبدلاتها.. فهو لا يتحدث عن أرامل ماركس فقط لكنه يتحدث عن كل الأرامل.. عن كل من تعاني الفقد بل وعن أرامل الرجال أيضا! هو كشاعر وكإنسان صادق مع نفسه ومع أحاسيسه ومع الواقع الحياتي حوله, في تلك الأيام التي أصاب منها عادة ما أستيقظ في سريري كريشة تود الطيران وليست لدي أوهام صغيرة سهلة التحقيق. فهل تتحقق تلك الأوهام؟ أم أن الإنسان المرهف حالة لا تتحقق أبدا؟ الديوان الكبير عدة دواوين معا.. أو كما هو مكتوب علي الغلاف متتالية شعرية وقد قرأته وعشت فيه ليال متتالية أيضا.. أحسه وأتأمله حتي بات صعبا علي أن أكتب عنه فماذا أكتب وهو يحتاج دراسات طويلة كحق من حقوق مبدعه.. ومن الواضح أن أشرف يوسف عاني الحياة أكثر مما عاشها ومر بتجارب تحول فيها مراقبا لذاته ومحدقا داخلها واصلا أو محاولا أن يصل إلي الأعماق. وصلت إلي تلك القري البعيدة معي حقيبة للسفر وعدسة لسائح ومخطوطة أعدها كرسالة طويلة بودي أن تقرأ بعينيك البعيدتين فكما تعرف إلا لأمشي في جنازة ليس هذا مقهي صغيرا لأرامل ماركس كما عنونات الكتاب يا أشرف ولكنه عالم كامل متكامل من الظلم ألا ينال مكانته المستحقة بين الذين أضاءوا الطريق. أين النقاد الحقيقيون؟ أم أن النقد مازال يتجول في حدائق الشعر القديمة التي عطنت ثمارها مكتفين بالكلمات المجاملة المحفوظة والتي تعفنت أيضا.. أم أن اليأس قد أوصلهم إلي اعتبار أن عصر الشعر قد ولي وأنه قد مات كما مات المؤلف كما يدعون.. و.... لا نامت أعين الجبناء