باب الحديد الصورة الرمزية المصغرة للمجتمع الفوضوي الذي لا تجد به إلا عالم من القضبان والعربات الحديدية ولا تفلت من كل تلك القسوة إلا ببعض تلك الموسيقي والرقص في احدي عربات ذلك القطار الذي عليك ان تكمل فيه رحلتك تستطيع أن تري فيه الأشخاص أنفسهم والعربات منذ تصوير الفيلم في اواخر الخمسينيات. وللتفاخر وكعادتنا بالتباهي بشعر بنت اختنا الاولي مصر الفرعونية وآثارها وبنت اختنا الثانية الحملة الفرنسية وفك رموز الكتابة الهيروغليفية ودخول المطابع والصحف وكتاب وصف مصر وبنت اختنا الثالثة سكة حديد مصر, واننا اصحاب ثاني خط سكة حديد بالعالم بعد المملكة المتحدة حين قرر الانجليز نقل تجربتهم لمصر وتم اسناد المشروع للمهندس الإنجليزي روبرت ستيفن ابن مخترع القاطرة,, وبعد ما أخذنا عنهم وتسلمناه فماذا بعد ؟ كل العالم الذي بدأ متأخرا عنا أو ناقلا منا قام بتطوير أدواته وتدريب وتحسين خدماته وبقينا نحن مثل كذابي الزفة نهلل لبلدنا بالفم ونقطعها باليد ونتعامل معها علي أنها ملك الحكومة وهو تعبير شائع لكل ماهو ملك للدولة ويتصرف كأجير وليس كشريك فهو يري نفسه مرءوسا من كبار يستولون علي نصيب الاسد ويلقون اليه بفتاتهم التي تبقيهم في حالة عوز دائم فيسخط علي أوضاعه ويعلن عن كراهيته لهذا النظام الاجتماعي بسرقة الدولة وعهدتها ومخازنها وساعات عملها وجودته ولا يتحرك ضميره قيد أنملة وهو يعتقد أنه اللص الشريف الذي اضطر أن يلجأ إلي الحصول علي حقه المشروع بطرق غير مشروعة. ولك ان تتعجب في امر قطاع حيوي يخدم عدة ملايين بكل هذا الكم من التكدس لا مثيل له في دول العالم وتقوم الرحلة في مواعيدها المنضبطة بعدد قد لايتجاوز أصابع اليد بالعربه وبكل امكاناتها الفاخرة وتكلفة تشغيلها المرتفعة دون شكوي من أنها تواجه خسائر في الوقت الذي لا تجد تذكرة حجز إن رغبت بالسفر ولا تجد مقعدا خاليا ولا موطئ لقدم حتي تعتقد ان مصر بكاملها علي سفر, وليس صحيحا ان سعر التذكرة الأقل من مثيلها في العالم هو سبب الخسارة فالعروض علي اسعار التذاكر والاشتراكات المخفضة سمة أساسية في تلك البلاد وبما ان وسائل المواصلات اكبر طابونة بمصر نقف فيها بالطوابير وتضيع معها الساعات فلا مفر من استدعاء( خباز العيش ولو ياكل نصه) وان يتم فصل سكك حديد مصر عن وزارة النقل ويكفي الوزارة مابها من قطاعات أخري تسمنها وتغنيها عن قطاع لا تجني من ورائه إلا الخسارة والتهديد بالإقالة من كرسي الوزارة والحل العملي هو التوجه للاستعانة بإدارة اجنبية ولن تتعدي تكلفة رواتبهم ما يحصل عليه السادة المستشارون, السادة كبار المديرين وقبل ان ادخل بقلمي عش الدبابير الوطنية وحماس المصريين للمصريين فالادارة الاجنبية لا تعني الخصخصة ولا البيع ولكن تعني نقل خبرات ونجاحات إدارية, تعني تخصص وخبرات عملية وعالمية وليست شهادات دكتوراه لا تساوي أكثر من عدد كلماتها ووزن اوراقها تعني اننا لا نعمل بجدية والتزام في أي قطاع حكومي مثلما نعمل في شركة أجنبية ولا نلتزم بمواعيد و بإتقان عمل الا خارج بلدنا..فاذا كان الحرص علي فريق كرة قدم يستدعي مدربا اجنبيا ونعتمد علي الأجنبي لاستيراد كل احتياجاتنا فلما لا نستعين به لاصلاح احوالنا وتحويل الفوضي الي منظومة,, الإصلاح لن يأتي بالمسكنات ولا بتغيير الأسماء ولكن بتغيير السياسات ونتوقف علي تعليق الفشل علي شماعة الأسعار بعد ان أثبتت الأيام أن تغيير الوزراء لم يغير من الأداء لأننا دائما ما نفعله هو تهدئة الرأي العام ومجرد مسكنات ليأتي من بعده من يستكمل مسيرة الفشل الإداري بامتياز.