راعني ماجري علي أرض ملعب الإسكندرية عقب ختام البطولة العربية لكرة القدم, فقد فاق التصور, وتجاوز كل معاني المنافسة الرياضية بين أشقاء, ولم يعر أي اهتمام لكل المفاهيم والمبادئ التي من أجلها كان تنظيم البطولة, فكان الختام مأساويا بكل معني الكلمة, أهال التراب علي كل شيء, الهدف والمعني وحتي ما حققه الفريق الذي فقد توازنه في لحظة طيش, فأنسي الناس إنجازه وأداءه المشرف في مباريات البطولة التي سبقت النهائي, وبينما أفرك عيني وأنا أحملق في الشاشة متابعا لمايجري من طعن للروح الرياضية والأخوة العربية وإفساد في مكونات الملعب, وجدتني أتساءل: هل هذه هي الرياضة عندنا بني العرب؟ وهل ما نفعله يمت للرياضة الحقة بصلة؟ ووجدتني أتذكر بيت شعر لشاعر النيل حافظ إبراهيم يقول فيه: يتنازعون الفوز فيما بينهم, وقلوبهم خلو من الأضغان, ورحت أطبق بيت الشعر علي مارأيت فلم أجد إلا الأضغان تنشب أظافرها في الروح الرياضية لتقتلعها من ملاعبنا اقتلاعا, ووجدني أصرخ بأعلي صوت: لماذا هكذا ملاعبنا العربية ؟ لماذا نتفرد نحن العرب بالتمرد علي قانون الرياضة الذي ينص علي أن لا أحد يفوز أبدا ولا أحد يخسر دائما, لماذا نصر علي أن نقطع بهزل القدم كل الروابط الحقيقية الراسخة بيننا كشعوب تنطق لغة واحدة وتقيم في منطقة جغرافية واحدة وبينها أواصر ونسب, لماذا نص علي أن نبقي أسري في دائرة المشاحنات, وبينما أنا علي هذه الحال توقفت أمام أصل الأزمة, فوجدت أنها من صنع المسئولين عن الرياضة في البطولة ومعهم جل المسئولين عن الرياضة في الوطن العربي, إذ كيف نفسر قيام إداري مسئول بالنزول الي أرض الملعب لينطح الحكم أمام أعين لاعبيه وأنظار عشاق اللعبة عبر الشاشات, ماذا ننتظر من اللاعبين وهم يرون كبيرهم يخرج عن النص بهذه الصورة الفجة, حتما ما رايناه كان نتيجة لقصر نظر مسئول, ثم أن غياب العقاب الرادع في الحالات المشابهة السابقة كان سببا في استمرار هذه الحالة السيئة, وتعجبت من حالنا نحن بني العرب, إذا وجدت أن حكماءنا وشعراءنا الكبار سبقونا إلي معرفة قيم الرياضة بل واللعبات بتخصصها ومنها كرة القدم وخلدوها في قصائدهم لتبقي نبراسا لمن يريد ان يتعرف علي حقيقتها وسبب وجودها, ووجدتني مدفوعا لأن أجدد ذكرها لعل الناس يعودون الي رشدهم ونتعرف من جديد علي الرياضة الحقة التي ينبغي أن تمارس في ملاعبنا بعيدا عن العنف والشغب والتعصب الذي يطيح بالثوابت التي تجمعنا وهاهي بعض من أبيات قصيدة كتبها الشاعر العراقي الكبير معروف الرصافي عن كرة القدم مع بداية انتشارها في بلادنا العربية قصدوا الرياضة لاعبين وبينهم كرة تراض بلعبها الأجسام وقفوا لها متشمرين فألقيت فتعاورتها منهم الأقدام يتراكضون وراءها في ساحة للسوق معترك بها وصدام وبرفس أرجلهم تساق وضربها بالكف عند اللاعبين حرام وتدور بين اللاعبين فمحجم عنها وآخر ضارب مقدام راضوا بها الأبدان بعد طلابهم علما تراض بدرسه الأفهام أبناء مدرسة أولاء وكلهم يفع مرير المرفقين غلام لابد من هزل النفوس فجدها تعب وبعض مزاحها استجمام فإذا شغلت العقل فاله سويعة فاللهو للعقل الطليح جمام ورياضة الأبدان ملعبة بها حفظت نشاط جسومها الأقوام إن الجسوم إذا تكون نشيطة تقوي بفضل نشاطها الأحلام هذي ملاعبهم فجسمك رض بها وأسلك مسالكهم عداك الذام