اللغة هي الوسيلة الأكثر تداولا للتواصل والتعبير عن الذات, فيها يستخدم الإنسان الرموز الصوتية التي تعبر عن ثقافته وخبراته ونضجه ليعبر من نافذة الصمت إلي نوافذ المعرفة وتناقل الخبرات. ولغة الضاد هي لغتنا العربية التي تميزت بالإيجاز والإعجاز, وهي اللغة التي شاء الله عز وجل أن تكون لغة القرآن الكريم. ورغم أهمية اللغة العربية إلا أننا نعاني من سيطرة لغة الشات أو الفرانكو أرب علي عقول الشباب, والسبب هو اعتماد تطبيقات وبرامج التكنولوجيا الحديثة علي اللغة الإنجليزية مما أدي إلي ضعف هويتنا. واللغة كظاهرة اجتماعية ترتبط قوتها أو فتورها بحركة ونشاط وتقدم المجتمع, فمنذ سنوات تم استحداث لغة هجينة, لا هي عربية ولا هي إنجليزية, ولكنها خليط من هنا ومن هنا, نتج عنه صناعة لغة مشفرة لا يفهمها إلا الشباب. ولكن سرعان ما انتشرت هذه اللغة وتعمقت حتي بين الكبار بسبب سيطرة التكنولوجيا علي حياتنا العصرية بشكل ملح. ولأن لغتنا العربية تمثل هويتنا كان لابد من التصدي لهذه الظاهرة, ولا سيما بعد حالة الانشطار التي يعاني منها شباب اليوم, وكأنهم يرفضون هويتهم بسبب الانخراط في عالم يبعد عن واقعهم, فاستخدام لغة الشات أصبح روشنة والتحدث بلغة مشفرة سواء في وسائل التواصل الاجتماعي أو في الحياة أصبح دليلا علي التحضر; لينتهي الأمر بعزلة الجيل الجديد عن واقعه العربي والعيش في قرية صغيرة عدد سكانها مذهل ومن كل الجنسيات; ومكانها هو الانترنت وجواز سفرها هو جهاز بحجم الكف. ورغم اعترافنا جميعا بإيجابيات التكنولوجيا في حياتنا, لكننا نعاني من آثارها المدمرة فهي تمثل أسلحة الاستعمار الحديثة التي استغنت عن القنابل والدبابات, وأصبحت تصيب الفكر والنفس والهوية قبل الأرض. أسلحة خبيثة غير مرئية تدار بأصابع خفية وتستهدف التقاليد وتحطم الأعراف وتتمكن من هوية الشعوب وتسيطر علي فكرهم وتقضي علي انتمائهم الوطني بشكل تلقائي وبفعل ذاتي. ولهذه الأسباب سعت جامعة الإسكندرية لإقامة مؤتمر دولي يهدف إلي مجابهة اللغات الدخيلة علي وسائل التواصل الاجتماعي وتوعية الشباب بأهمية لغتنا العربية, بغية الحفاظ علي هويتنا وثقافتنا. وسوف يعقد المؤتمر الأسبوع المقبل ان شاءالله بكلية الآداب لمناقشة الأسباب والحلول وطرق العلاج للحفاظ علي هويتنا العربية قبل فوات الأوان. فلغتنا العربية ذات صلة بالعلوم الشرعية كالفقه والحديث والعلوم العربية كالنحو والصرف. ولأن أدوات اللغة ورموزها تعين الإنسان المفكر علي تحديد تصورات عقله وتعمل علي تطوير ما ينتجه العقل والخيال. لم تعد دراسة اللغة مقصورة علي علماء اللسانيات بل امتد الاهتمام بها للعلوم التربوية والاجتماعية والنفسية نتيجة للتأثير المتبادل للغة في اكتساب المعارف وتناقل الخبرات والتعلم وترجمة الأفكار للسلوك الذي يبدو في الصوت والرموز والإيماءات. إن اللغة مؤسسة اجتماعية للتواصل وهي وسيلة التعلم ومرآة الشعوب ومستودع تراثه وأدابه وإهمالها يؤدي لاضطرابات في النطق والكلام. ستبقي اللغة العربية أقوي اللغات فيكفينا فخرا أنها لغة كتاب الله, ونتمني أن يحقق هذا المؤتمر أهدافه ويعي الشباب أن الذي ملأ اللغات محاسن جعل الجمال وسره في الضاد.