بعد العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولاياتالمتحدةالأمريكية علي روسيا أخيرا, يتوقع المراقبون أن يدعم الكونجرس الأمريكي الرئيس دونالد ترامب دعما واسعا في فرض عقوبات مماثلة علي الصين بسبب قضايا تتعلق بالملكية الفكرية, الأمر الذي يتيح لترامب توحيد الصف في مجلس النواب بعد خلافات عميقة بين أعضائه بشأن إلغاء نظام الضمان الصحي الذي وضعه سلفه والمسمي ب أوباماكير. وينتظر أن تعلن الإدارة الأمريكية قريبا جدا عن عقوبات ضد الصين علي خلفية فشلها في حماية الأسرار الصناعية والتجارية للشركات الأمريكية, في تحرك يدعمه الديموقراطيون. وحتي الخبراء في مجال التجارة, الذين عارضوا الكثير من تحركات ترامب المتعلقة في اختصاصهم وشككوا في معلوماته, يتفقون علي أنه يجب القيام بتحرك ما حيال الصين. ولكنهم يخشون من النتائج, وخاصة فيما يتعلق بقيام بكين بأي عمل انتقامي. ولطالما اشتكت الشركات الأمريكية من القوانين الصينية التي تجبرها علي مشاركة الملكية الفكرية, وهو ما يؤدي إلي تفشي سرقة المعلومات في مقابل إجراءات عقابية تكاد لا تذكر. وأفادت الممثلية التجارية الأمريكية في تقريرها السنوي المتعلق بمسائل الملكية الفكرية والذي نشر في ابريل الماضي, أن الصين مقر لانتشار الأنشطة المخالفة, بما في ذلك سرقة الأسرار التجارية وتفشي القرصنة عبر الانترنت والتزوير إلي جانب المستويات العالية من المنتجات المقرصنة والمزورة التي يتم تصديرها إلي الأسواق حول العالم. وإضافة إلي ذلك, تشترط بكين علي الشركات الأمريكية تطوير ملكياتها الفكرية في الصين أو نقلها إلي كيانات صينية للوصول إلي السوق الصيني, بحسب التقرير. ولكن شركات مثل آبل وجوجل تجد صعوبة في تحدي بكين خوفا من فقدان قدرتها علي الوصول إلي ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وخلال حملة الانتخابات الرئاسية, تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة45 بالمائة علي جميع المواد المستوردة من الصين لمعالجة العجز التجاري بين البلدين الذي بلغ309 مليارات دولار العام الماضي. ولكن منذ تنصيبه هذا العام, خففت الإدارة الأمريكية من اللهجة المعادية للصين واتجهت أكثر نحو التعاون, حيث عقدت محادثات تجارية الشهر الماضي سميت بالحوار الاقتصادي الشامل بين الولاياتالمتحدةوالصين. ولكن مع تحقيق هذه الجهود القليل من النجاح ومع عدم مساعدة الصين في كبح جماح طموحات كوريا الشمالية في تطوير برنامجها النووي والباليستي, باشر ترامب تحركات أحادية لمواجهة التجارة غير العادلة في الألومنيوم والفولاذ والآن الملكية الفكرية. ويري جاري كلايد هوفبوير من معهد بيترسون للاقتصادات الدولية أنه لو شعر ترامب أنه يحصل علي تعاون جيد في ملف كوريا الشمالية ما كان ليزيد الضغوطات التجارية علي الصين. ويعطي قانون أمريكي متعلق بالتجارة ويعرف باسم الفقرة301 رؤساء الولاياتالمتحدة هامشا واسعا لاتخاذ إجراءات انتقامية ضد السياسة التجارية لدولة أخري ينظر إليها علي أنها غير منصفة. ويقول الخبراء التجاريون إن الانتقام قد يأتي علي شكل رسوم جمركية محددة تستهدف شركات معينة, مثل الشركات الصينية الحكومية التي يعتقد أنها تستفيد من الملكية الفكرية الأمريكية. وبإمكان البيت الأبيض فرض عقوبات أوسع, مثل الرسوم الجمركية علي الواردات أو القيود علي الاستثمارات الصينية في الولاياتالمتحدة حيث لا تواجه الشركات أي قيود. وتعامل ترامب وفريقه مرارا مع التجارة وكأنها مسألة يمكن التعاطي معها عبر اتفاقات ثنائية, كما كانت الحال في الثمانينات, حتي أنهم حاولوا التفاوض مع ألمانيا التي تتبع سياسات الاتحاد الأوروبي التجارية بذات الطريقة. ويرجح أن تفرض الصين رسوما من ناحيتها كذلك وترفع شكوي إلي منظمة التجارة العالمية ضد الولاياتالمتحدة. وقد يصب الرأي العام كذلك في صالح بكين في وقت تدافع عن نفسها في وجه ما ينظر إليه علي أنه تحرك جديد لترامب ضد حرية التجارة. ولكن في واشنطن, سيتمتع ترامب بدعم الديموقراطيين, الذين هم أكثر اعتراضا علي حرية التجارة من الجمهوريين.