تقترب عدسات الكاميرا المحترفة من إحدي السيارات لترصد لحظة هبوط دبابة من فوق متنها في محاولة مثيرة لدهسها, دقائق معدودات حتي أصبحت هذه الصورة المبهرة هي الأشهر والأكثر تداولا علي صفحات التواصل الاجتماعي واستبدل الكثيرون صور صفحاتهم بها وحظيت بعدد هائل من التعليقات الوطنية والهتافات للجيش وقائد الدبابة الذي يظهر بوضوح علي سطحها ظهور هذه الصورة بالتزامن مع تداول الناس للفيديو الخاص بتمكن إحدي الدوريات التابعة للقوات المسلحة من إحباط عملية إرهابية كانت تستهدف أحد الكمائن بالعريش الذي تعدي المليون مشاهدة وتداوله علي كل الصفحات ونشره في وكالات أنباء عالمية لم يكن من قبيل الصدفة حيث تم الترويج لها علي أنها صورة الدبابة وبطلها حتي هنا والأمور تبدوا رائعة وكم من الشعور بالفخر والايجابية ورفع الروح المعنوية تملأ الأجواء وإحدي عمليات الجيش المصري تنضم إلي آلاف البطولات التي لم ترصدها كاميرات وان سجلت السينما إحدي روائعها في( الطريق إلي إيلات).. ثم وعلي حين غفلة يخرج علينا اللهو الخفي ليعلن أو يهمس بالسر الأعظم أن الصورة كاذبة وليست سوي إعلان لإحدي شركات تصنيع السيارات تتحدي بمتانتها أقوي الدبابات والتي بعد قليل من التدقيق في ملامحها الواضحة ومقارنتها بالفيديو الحقيقي للبطل الذي قام بمناورة شديدة الصعوبة وسط السيارات المارة بالطريق تكتشف الخداع والسؤال لماذا مع وجود فيديو حقيقي ظهرت هذه الصورة المزيفة التي استقبلها الناس بكل هذا الاحتفاء علي كل المستويات بين الناس لتغتال الأصل وتترك الصورة والإجابة لن تخرج عن فرضيتين.. الأولي أنها متعمدة من أحد الدببة التي تقتل صاحبها والتي تري فيما يري النائم ان هذا عمل مشروع يصب في مصلحة المواطن لرفع روحه المعنوية وامداده بطاقة ايجابية حتي يمتلئ وبعد ان يبهر ضوء الصورة عينه حتي لا تري سواها, وهذا تصرف اقل مايوصف به انه غباء سياسي يضاف الي قائمة الغباوات التي تلاحقنا ممن يعانون من العته السياسي وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا فإذا كان هؤلاء الدببة الأصدقاء يشكلون بهذا الفكر الإبداعي لحواديت قبل النوم التي اعتادوا علي روايتها للمواطن الطفل نوعا من الخطورة التي تتضح آثارها الجانبية مع الوقت فان الفرضية الثانية لا تقل خطورة عن الأولي لأنها تخضع لمخطط سهل ومدروس حيث يتم تصدير الحدث مغلف بالوطنية ضخم الملامح مليء بالمعلومات التي لا تصدر إلا عن العالمين ببواطن الأمور. فإذا كان كلا النموذجين يقدم في طبق اليوم الهابي ميل أو الوجبة المفرحة الغنية بالسعرات الإيجابية الفارق الوحيد ان احدهما يقوم بهذا عن جهل والآخر عن عمد والخطورة ان كلاهما يصنعان أزمة ثقة في اي شيء حتي لو كان حقيقيا انهم من يصنعون الكذبة وينفخون بالونها حتي يحين موعد فرقعتها وحتي لا يبقي إلا ظل الحقيقة دون ان تراها وتتوه في سراديب الكذب ويصبح التشكيك في كل شيء منهجا شعبيا وليس ديكارتيا.