أكدت مصر أهمية التزام إسرائيل بالعمل علي إعادة الهدوء مرة أخري والالتزام باتفاقيات جنيف التي حظرت الأعمال العدائية الموجهة ضد أماكن العبادة والتي تشكل تراثا ثقافيا وروحيا للشعوب, واحترام التزاماتها في حماية المدنيين تحت الاحتلال, ووضع حد لانتهاكاتها المستمرة للمواثيق الدولية وللقانون الدولي الإنساني. جاء ذلك في كلمة وزير الخارجية سامح شكري, خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب لمناقشة الوضع في القدس بمقر جامعة الدول العربية أمس وقال شكري إننا نجتمع اليوم في خضم تطورات خطيرة ومتلاحقة تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة, خاصة القدسالشرقية التي شهدت إجراءات إسرائيلية غير مسبوقة تمثلت في إغلاق الحرم القدسي الشريف أمام المصلين لأول مرة منذ عام1969 ثم محاولة نصب بوابات إلكترونية وكاميرات مراقبة أمام أبوابه وتبني إجراءات أمنية متعسفة حالت دون دخول المصلين لممارستهم شعائرهم الدينية, بما نجم عنه موجة من الغضب العارم ليس فقط في الأراضي الفلسطينية المحتلة بل ومدن عربية داخل إسرائيل ذاتها تنذر بتفجر الوضع برمته وذلك لما للحرم القدسي الشريف من قدسية لدي العالم الإسلامي بأسره. ومن جانبه أكد الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط, أن العرب لن يتخلوا يوما عن المسجد الأقصي المبارك أو الحرم القدسي الشريف. وقال الأمين العام للجامعة العربية- في كلمته خلال الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة علي مستوي وزراء الخارجية برئاسة الجزائر بمقر الجامعة أمس والخاص بمناقشة التصعيد الإسرائيلي الخطير في مدينة القدس- إن اجتماعنا اليوم يعد رسالة واضحة في مغزاها ومعناها ورمزيتها, رسالة للعالم أجمع بأن العرب لن يتخلوا يوما عن المسجد الأقصي المبارك أو الحرم القدسي الشريف, إذا دعانا الأقصي فكلنا يلبي النداء بلا تردد أو تهاون أو تأخير. وأضاف يخطئ من يظن أن الأقصي يعني الفلسطينيين وحدهم بحكم أنه يعد جزءا من وطنهم المحتل, فهذه البقعة المباركة هي عنوان لهويتنا العربية والإسلامية, إليها تتطلع أفئدة العرب والمسلمين جميعا, وبها تتعلق أرواحهم وعلي حجارتها الطاهرة تشكل وجدانهم الديني والروحي. وتابع أن قلوب العرب والمسلمين جمعيا معلقة منذ أربعة عشر قرنا بأولي القبلتين وثالث الحرمين, وعيونهم تتطلع إلي هذه الأرض المقدسة بكل خشوع ومحبة وإيمان. وشدد علي أن رسالتنا اليوم واضحة لا لبس فيها, بأن القدس خط أحمر لا نسمح لأماكان بتجاوزه, ولا نقبل أن يكون واقع الاحتلال المرفوض منا, ومن العالم أجمع, مقدمة لتغيير الوضع القائم في هذه البقعة الشريفة المباركة.. القدسالشرقية, مثلها مثل الأراضي التي احتلتها إسرائيل في الخامس من يونيو1967, هي أرض محتلة.. ولا سيادة لدولة الاحتلال علي الحرم القدسي أو المسجد الأقصي المبارك.. لا أحد في العالم يقر بهذه السيادة.. ومحاولة فرضها بالقوة وبحكم الأمر الواقع هي لعب بالنار.. ولن يكون من شأنها سوي إشعال فتيل حرب دينية وتحويل وجهة الصراع من السياسة إلي الدين.. بكل ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر لابد أن يكون الجميع علي وعي بها وقال أبوالغيط إن أزمة الأيام الاثني عشر الماضية, ومنذ قامت سلطة الاحتلال في14 يوليو الجاري باتخاذ عدد من الإجراءات غير القانونية وغير المسبوقة في محيط الحرم القدسي الشريف, والتي تنتهك حرية الأفراد في العبادة, وحقهم الثابت في إقامة شعائرهم الدينية... أقول إن هذه الأزمة كشفت قبل أي شيء آخر عن أن تضامننا وتكاتفنا هما السبيل الوحيد لمواجهة أي تحد, والوقوف بوجه كل من تسول له نفسه المس بمقدساتنا. وأضاف التحية أولا إلي الشعب الفلسطيني البطل, الصامد والمرابط.. والذي تدفقت جموعه حتي فاضت الساحات المحيطة بأبواب الأقصي بعشرات الآلاف من أبنائه الذين أتوا من كل حدب وصوب للصلاة والاعتصام والاحتجاج علي الإجراءات الإسرائيلية الظالمة.. وتحية احترام للقيادة الفلسطينية التي أعلنت موقفها الواضح من اليوم الأول بمطالبة سلطات الاحتلال بالتراجع عن كل الإجراءات التي اتخذتها, وعدم القبول بأي حل وسط في هذا الخصوص. وتابع إنني أوجه رسالة شكر وتقدير إلي الزعماء والوزراء العرب, الذين تحركوا سريعا وبادروا إلي إجراء الاتصالات الضرورية من أجل وقف الإجراءات الإسرائيلية. وقال ويقيني أن هذه الأزمة لم تكن لتجد طريقها إلي الحل بهذه الصورة المرضية للرأي العام العربي, إلا عبر التحرك السريع اليقظ, وبروح التضامن والتكاتف.. ورب ضارة نافعة.. فمثل هذه المواقف تجدد فينا الأمل بأن تضامننا يمكن أن يتحول إلي واقع ملموس, وإرادة فاعلة, وأن تكون له نتائج علي الأرض.. إذا صدقت النوايا وصحت العزائم.