هل تكون الدوحة خامس عاصمة عربية تسقط في قبضة إيران؟.. هذا السؤال بات مطروحا بقوة بعد أن ركبت إيران موجة التوتر الراهن بين قطر وجيرانها العرب علي خلفية اتهامها بدعم وإيواء الإرهاب. وما زالت تصريحات النائب في البرلمان الإيراني علي رضا زاكاني حول سيطرة بلاده علي أربع عواصم عربية صنعاءودمشقوبغدادوبيروت تتردد أصداؤها في جنبات العالم العربي, وربما بدرجة أكبر مما توقعت طهران نفسها.تشير مجريات الأزمة القطرية إلي أن النفوذ الإيراني في المنطقة العربية سيصل إلي درجات غير مسبوقة, بعد أن وصلت الدوحة إلي قناعة بأن اللجوء والارتماء في أحضان طهران سيضمن لها الأمن, في مواجهة السعودية والإمارات والبحرين, إضافة إلي مصر. وتدرك إيران تماما أن الفرصة الحالية لن تتكرر لتعميق علاقات التعاون مع قطر علي المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية لإيجاد موطئ قدم أقوي في الخليج لمواجهة السعودية والإمارات. في عام2015 وقعت قطروإيران اتفاقا أمنيا عسكريا تحت مسمي مكافحة الإرهاب والتصدي للعناصر المخلة بالأمن في المنطقة, وشمل الاتفاق إجراء تدريبات عسكرية مشتركة أيضا, مما جعل المراقبين يصفون تلك الاتفاقية: خطوة علي طريق انسحاب الدوحة من مجلس التعاون الخليجي. اللبنة الأولي لهذا الاتفاق وضعت في23 ديسمبر2010 أثناء زيارة أمير قطر السابق إلي طهران والتقائه المرشد الإيراني الأعلي علي خامنئي, ليشمل الاتفاق التعاون الأمني بين الحرس الثوري والجيش القطري أيضا.ومع تصاعد الأزمة التقطت إيران الخيط وأقامت جسرا جويا يربط طهرانبالدوحة لإمدادها بالمساعدات وترددت أنباء قوية عن انتشار قوات من الحرس الثوري الإيراني لحماية قصر الحكم في الدوحة. كما قررت إيران تخصيص ميناء بوشهر ليكون مركزا تجاريا بين طهرانوالدوحة. قبل بداية الربيع العربي كانت سوريا أهم حليف لإيران في المنطقة وقائدة لما يسمي محور المقاومة, وتسعي لتحقيق توازن إستراتيجي مع إسرائيل. أما الآن, فقد حولت الحرب الأهلية سوريا إلي دولة فاشلة وخسرت معظم أراضيها لمصلحة ما يسميه نظامها المجموعات المسلحة. ووجدت إيران الساحة ممهدة وسقطت دمشق في قبضتها. وفي بيروت, كان السقوط قبل ذلك من خلال حزب الله الحليف العضوي لإيران, وتحت عنوان مواجهة إسرائيل, وبات سلاح هذه الميليشيات الشيعية الأكثر حسما في صراعات المصالح والحسابات السياسية اللبنانية.أما بغداد, العاصمة الثالثة التي تتباهي إيران بالسيطرة عليها, فقد سقطت أولا في مستنقع الطائفية وخسرت جزءا كبيرا من الدولة لمصلحة تنظيمات مسلحة مثل داعش وغيرها, وكانت أخيرا حكومة موالية لطهران من قلب العراق.وأخيرا, ويبدو أنه ليس بآخر كانت صنعاء التي سقطت في قبضة الحوثيين الموالين لإيران أيضا. وتبدو مصلحة إيران الأبرز حاليا في دعم نظام بشار الأسد في سوريا ومساندة السيطرة الحوثية الشيعية علي صنعاء وتكريس نظام طائفي شيعي في بغداد, مع الإبقاء علي قوة حزب الله الشيعي في لبنان. يبدو إذن أن الدور علي الدوحة التي استدعت إيران لحمايتها, لكن المؤكد أن خمس عواصم تحت رعاية طهران ستشكل عبئا اقتصاديا وسياسيا وأمنيا لن تستطيع إيران الاستمرار في دعمه أو المحافظة عليه لمدة طويلة.