الدين..الجنس..والسياسة, كبرنا وأمام أعيننا اصبع مرفوعة بالتحذير من الاقتراب إلي اي من هؤلاء الثلاث المحرمات بالخوض فيها أو الحديث عنها, فحفظنا شكل الدين ولم نقربه لنفهمه, واختلسنا الجنس في الظلام, وتعاطينا السياسة سرا كتجار المخدرات.. لم نتعامل مع أي شيء حقيقي بالحقيقة, وكان بيع الوهم هو الأكثر رواجا وحلق الخيال فيما نهواه لا فيما نراه, وزرعوا في عقولنا قيراط حظ ولا فدان شطارة, وأن فاتك الميري اتمرغ في ترابه, والفانوس السحري. وخاتم سليمان ومغارة علي بابا. حتي أصبحت مصر بلد الجن والملائكة ينتظر أهلها في ظلمات الليل ان تلقي إليهم الجنية عروس البحر بئر بترول أو منجم ذهب او حتي ورقة يانصيب. وحين تنحي مبارك بحث الجميع عن أمواله وأموال عائلته ووزرائه والمقربين من سدة الحكم في بنوك العالم من مشارق الأرض ومغاربها كم مليارا وكيف سنستردها ومتي وكم سيكون نصيب كل منا, ليالي نضع رؤوسنا ونحتضن أحلامنا في رجوع المنهوب وبدل العيش يبقي جاتوه وحرية وعدالة اجتماعية, ومظاهرات فئوية ليأخذ كل منا نصيبه في تورتة الثورة المصرية. ولم تكن مطالب الثورة أضغاث أحلام فقد سبق عبد الناصر أحلامنا تلك قبلنا وحمل معه خمسة فدادين للفلاح الأجير, ومد يده الطولي وانتزع من فدادين الكبار وحد أقصي للملكية وحد أدني للأجور وصال وجال في مصانع الحديد والصلب وغزل وحلج القطن وفتح التعليم لابن البواب ولخير, فخرج المارد وبني السد وشق بحيرة ناصر وحفر الصخر ورضي المصريون بربط الحزام ضاربين عرض الحائط بشروط صندوق النقد او الخضوع لمساومات وكانت إرادة هذا الشعب هو كل موارده بعد ان ملك كلمة السر لفتح باب تحقيق الاحلام فحين تؤمن وتحب تصبح لك قوة خارقة مثل الجان. هذا المارد الجان الذي عاد في أكتوبر وخرج في يناير واسقط حكم غرابيب سوداء حولوا نهارها إلي ظلام, وأسقط في يدنا ونحن نري وطنا يتساقط حتي كانت كلماتك هل تذكرها؟ نحن نحفظها في قلوبنا تتقطع إيدينا قبل ما تتمد عليكم بهذا حملناك في القلوب قبل الأعناق وتمت المبايعة قبل الانتخابات ان استوصي خيرا بمصر فالحب هو كلمة سرها ومن يحنون عليها سيجد كنوز ملك سليمان أينما حل. لن نبكي علي اللبن المسكوب رغم حاجتنا ولن نثمن علي حكومة احرجتك واحرجتنا ولن نسامح من كان باستطاعته أن يقدم لهذا البلد علما انتفع به وتخاذل ولا من استمر يشارك وهو عاجز وتركك بمفردك في تحديات حربية وإدارية واقتصادية وترغب في الانتهاء منها اليوم قبل الغد وهذا مالا قد يتحمله المريض بالصدمة او بجرعة من العلاج اوفردوزoverdose حتي لو كان فيتامين, فهو يصبح ساما اذا زادت جرعته ومصر تحتاج الآن إلي من يقف علي قدميه لا من يجرها فلا رجاء في وطن من حجر دون بشر, ورغم الألم لن نتخندق مع اعداء الوطن, فرسالتنا وصلتهم واضحة,فالغاضبون علي القرار غير الغاضبين علي مصر ومدركين ماذا سيحدث اذا ماسقط النظام وهذا حلمهم البعيد المنال, فالمصري في سكونه عملاق يتحمل بحب وليس عن إكراه وليس لمن انحاز الينا وفوضناه ان لا ترانا عيناه إلا في الثورات وألا يكون حوارنا إلا منقوصا كالكلمات المتقاطعة وإذا كان علينا صعود هذا الجبل علي الأقدام فسنصعده معك ولكن.. فقط ليس أقل من فرصة لالتقاط الأنفاس.