يقع يوم الأصدقاء الحميمين في شهر يونيو من كل عام تأكيدا علي دور الصداقة الحميمية في الدفع للأمام! ومما تذكرته بهذه المناسبة قصة صديق تقدم في أوائل ثمانينيات القرن الميلادي المنصرم للجنة ترقيات جامعته للترقية لدرجة أستاذ مساعد في تخصص هندسة الحاسبات وكان من أوائل من حصل علي درجة الدكتوراه في الحاسبات متناهية الدقة فرع تخصصه من أوروبا بعد عدد من السنوات من نشأة هذا الفرع تقل عن عدد أصابع اليد الواحدة(!) ولكن مقرر اللجنة( وكان رئيسا للقسم الذي يعمل به) وضع أوراق ترقيته في الدرج لبضعة أشهر لحين ترقية زميل له في القسم نفسه( لا يحمل نفس مؤهلاته بل ومتخصص في فرع آخر لا يمت لهندسة الحاسبات بصلة ولكن كان مدخله للعمل في القسم هو علوم الحاسب( وهو تخصص لم يمكن تعريف من يعمل به بدقة حتي اليوم) تقدم بعده للترقية لدرجة نفسها كي يسبقه في الأقدمية بلا سبب إلا أن الأيام كشفت أن نسيب ذلك الزميل الذي تم نقله من إحدي الجامعات الإقليمية ليعمل في القاهرة محل إقامته كان وكيلا لأحد مجلسي التشريع وقتها. ودارت الأيام ولم يعر صديقي الأمر أهمية وتعاونا معا لرفعة القسم رغم فارق التخصص. في ذلك الوقت كانت رئاسة مجلس القسم ممتدة لحين بلوغ المعاش فاتفق صديقي وزميله هذا( اتفاق رجل لرجل غير مكتوب) علي أن يحاولا تغيير الوضع لضخ دماء جديدة في رئاسة مجلس القسم الذي يعملان فيه وعلي ألا يشغل أيهما رئاسة مجلس القسم أكثر من ثلاث سنوات! وعندما آلت رئاسة القسم للأقدم وهو زميل صديقي تنكر للاتفاق واستمر في رئاسة مجلس القسم لحين تغير القانون وقصر المدة علي دورتين فقط! في تلك الأيام كانت متابعة تنفيذ القانون موجودة فاستعجلت الجامعة استكمال إجراءات ترقية صديقي وتمت ترقيته ولكن بعد ترقية زميله! القضية بهذا السرد موثقة لأن أشخاصها مازالوا أحياء ويبقي فيها أن صديقي لم يعتد أن يتملق أو يتابع حقه أو يطلب أي شيء لنفسه أو لمعارفه تجنبا لشبهة التملق. ورغم أن من معارفه من أصبح في سدة الحكم إلا أنه عزف عن الاتصال بهم حال تقلدهم مناصبهم ليتصل بهم بعدها في وقت انفض من حولهم الناس وهي عادة مجتمعنا للأسف! تذكرت هذا الموقف الذي يشير بلا شك إلي أن القانون بلا متابعة أعرج بل ويصبح بانتقائيته مكرسا للظلم بمختلف ألوانه وأشكاله, تذكرته حينما تجاوز عميد الكلية التي يعمل بها صديقي عن أحقيته( والأمر تكليف وليس تشريفا) في الانضمام مؤخرا لمجلس الكلية التي يعمل بها مخالفة لنص صريح في قانون تنظيم الجامعات ولكن حين لا توجد آلية متابعة يبرز قانون السلوك العام بلا وازع نفسي: من أمن العقاب أساء الأدب. كان صديقي أكبر من الموقف تجنبا لشبهة البحث عن مصلحة شخصية رغم مدافعته عن حق أي زميل بل وعن انضباط منظومة العمل طبقا للقانون علي كل المستويات وفي كل المحافل. يبقي الجانب الآخر من الصورة الذي يسعد صديقي أنه لم يصف بالتحيز ضد أحد بل يحاول أن يدفع للأمام قدر طاقته أي موقع يشغله, بكل الطرق وبصورة متكاملة حسب رؤيته( بقصورها واكتمالها), فكان لصديقي إضافات متعددة في مجالات تقنية أسفرت عن انخراطه في العديد من مجالات الفكر والعمل الهندسي بصورة تخدم نهجه في الحياة رغم تصادمه مع آليات التبسيط المخل للمسائل العامة مما أدرجه في موسوعات الشخصيات البارزة في مصر وأمريكا وإنجلترا.