الشباب هو عماد الأمة وسر تقدمها وفي الوقت نفسه الخطر الكامن اذا تم تركه فريسة لأصحاب النفوس الضعيفة والجماعات التكفيرية الذين يستغلون الشباب ويملأون عقولهم بنا هو مخالف لصحيح الدين ومناسب للأفكار المغلوطة المتشددة التي تتبناها تلك الجماعات التكفيرية لهدم المجتمع وترويع الآمنين الأزهر الشريف من خلال علمائه وهيئاته بدأ ينزل علي الواقع, ويلتقي الشباب حيث أطلقت الرابطة العالمية لخريجي الأزهر برئاسة فضيلة الامام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهرمبادرة للحوار مع الشباب لتوضيح حقيقة كيفية الانتماء للوطن والنهوض به وعدم الانضمام لمن يريدون هدمه. وأكد د.سعيد عامر عامررئيس لجنة الفتوي بالأزهر الشريف والأمين العام المساعد للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية سابقا أن دورهم ينقسم الي عدة محاورمنها( المساهمة في بناء الوطن والنهوض به الخوف علي مصالحه والدفاع عنه الاصطفاف الوطني لمواجهة الإرهاب والفساد والتعاون والتكاتف اسباب تقدم المجتمع)مشددا علي أن الوطن يتعرض لمخاطر محدقة ومنعطفات تاريخية خطيرة يأتي في مقدمتها الإرهاب الغاشم الذي لا يراعي حرمة دين ولا وطن ولا إنسانية. وذكر رئيس لجنة الفتوي بالأزهر والأمين العام المساعد للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية أن الضرورة تقتضي مساهمتنا جميعا في بناء الوطن ومقاومة المخاطر التي يتعرض لها, بالأمل والعمل والوحدة والتعاون والإيجابية قائلا قدر الله لهذا البلد المبارك( مصرنا المحروسة) علي مر تاريخها أن تحمل لواء مواجهة التحديات والمؤامرات الكبري, وأن تكون محور استنفاذ لهذه الأمة عندما تعصف بها الفتنة ولذا لابد أن نكون يدا واحدة ضد خوارج هذا العصر حتي نحافظ علي الوطن الحبيب ويعم الأمن والسلام. وأشار الي أن الدين الإسلامي ينبذ كل عدوان وتطرف وإرهاب ويحث علي التصدي للإرهابيين وتطهير الأرض منهم لذا قال تعالي( فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين). وأوضح عامر أن الإرهاب معول تقدم أي مجتمع, ولا نجاة للعباد والبلاد إلا بمنعه من الفساد والتصدي له والوقوف صفا واحدا وأن نكون بأخلاقنا وأقوالنا وأفعالنا صورة مشرفة للإسلام الوسطي موضحا أنه يجب علينا الجد والاجتهاد والعمل والانتاج من أجل النهوض بالوطن والحفاظ علي ممتلكاته والتقيد بأخلاقه وقيمه وقوانينه. وقال ان الدين الإسلامي الحنيف يدعونا إلي نشر الوسطية والاعتدال والبعد عن أي غلو أو تطرف أو انحلال ويقول الله سبحانه وتعالي:( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا), فمفهوم الوسطية في الإسلام يعني العدل والاعتدال والمحبة والتسامح, كذلك البعد عن كل مظاهر الغلو والتشدد فلا إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا تشدد كما يقول المولي سبحانه وتعالي:( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر),( وما جعل عليكم في الدين من حرج), فدلت الآية الكريمة علي تأكيد مبدأ التيسير وعدم الغلو والتشدد في كافة أمور الحياة. وقول النبي صلي الله عليه وسلم( إن الدين يسر, ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه, فسددوا وقاربوا وأبشروا, واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة), كذلك قوله( انما بعثت بالحنيفية السمحة), والنبي- صلي الله عليه وسلم- إذا خير بين أمرين إلا أخذ أيسرهما وهذه قمة الوسطية والاعتدال. وأوضح أن الوسطية تتوافق مع الفطرة الإنسانية السوية, كذلك تتواءم مع العقل السليم, وانتشر الإسلام بالدعوة الوسطية في الشرق والغرب لا بحد السيف كما يتم الترويج له وأنه من النتائج المؤسفه لأعمال التشدد والتطرف الذي يبثه المتطرفون ظهور الفكر التكفيري الذي يكفر الناس ومن لا يتبع منهجهم, مع أن الاسلام نهي عن تكفير الناس. وأكد د.سعيد عامر أن قضية التكفير الأساس فيها يكمن اعتبارات كثيرة فالجماعات والفرق الإرهابية تأخذ المنهج وتكفر الحاكم والشعب والمجتمع وتبيح دمه وعرضه وأرضه, وتستدل ببعض النصوص وتترك البعض الآخر. وأوضح أن التكفيريين يتركون بعض الآيات كقوله تعالي: قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوامنرحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاإنه هو الغفور الرحيم; وقوله تعالي:إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افتري إثما عظيما, كذا إغفالهم للحديث الشريف: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك علي ما كان فيك ولا أبالي, يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي, يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بترابها مغفرة, فكل هذه الآيات دعوة من الله سبحانه وتعالي علي تقبل التوبة وعدم التكفير. وذكر رئيس لجنة الفتوي بالأزهر أن الحروب في الإسلام لم تقم عي الكفر وإنما قامت بسبب الاعتداء علينا والدفاع عن النفس وليس علي أساس ذلك كافر أو صاحب دين آخر ونقوم بالاعتداء عليه ونقتله, فالنبي- صلي الله علية وسلم- كان يعيش في المدينة وكان بها يهود وبها غير مسلمين والنبي تعايش معهم, فقضية الحرب لم تقم علي أساس الكفر أو الإيمان. وقال ان القضية الأساسية هي عدم الفهم الدقيق والصحيح للنصوص وعدم احترام التخصص, فلا يصح ان يتحدث في الدين أي شخص بغير فهم وبغير علم ويعمل علي تضليل الناس. وشدد علي أن الجماعات الإرهابية وما يحدث اليوم يقتلون المسلمين وغير المسلمين ويقتلون رجال الجيش والشرطة ويظنون ان هذا جهاد إلي سبيل الله, وأنه بهذه الأفعال يقترب من الله, فهذا فهم سقيم للدين الإسلامي من الاعتماد علي بعض النصوص وترك نصوص وعدم العمل بكل النصوص مجتمعة, فهم يخدعون الشباب و يسيطرون عليهم بالفهم الخاطيء. وأضاف أن الأسرة هي أول محصن للإنسان فهي التي تغذيه بروح الانتماء وتشيع فيه غريزة الاحتياج إلي الأسرة, فيحب الأسرة ويشعر انها مكون أساسي فيها, والانتماء للأسرة أمر فطري( وهو الذي خلقمنالماء بشرا فجعله نسباوصهرا),( وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا). وقال ان الانتماء للمجتمع يتسع انتماء الفرد ليصل إلي المجتمع من أقاربه وجيرانه وأصدقائه وزملائه في الدراسة والعمل, والشعور بضرورة التعاطف والتعاون مع الآخرين وخاصة الضعفاء في مجتمعه( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربي واليتامي والمساكين والجار ذي القربي). وشدد علي أن الإسلام حث علي الانتماء للوطن وقدم لنا القرآن الكريم النماذج الرائعة في حب الوطن والانتماء إليه كدعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام لمكة أن تكون بلدا آمنا وأن يرزق أهلها من الثمرات, ودعاء سيدنا محمد- صلي الله عليه وسلم- لمكةوالمدينة عند هجرته حيث قال( أما والله لأخرج منك, وإني لأعلم أنك أحب بلاد الله إلي وأكرمه علي الله, ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت), ويقول الرومي في أبيات شعره ولي وطن آليت ألا أبيعه و ألا أري غيري له الدهر مالكا. وذكر أن الانتماء للدين لا يتعارض ولا يتناقض بأي حال مع الانتماء للوطن فكلاهما أمر فطري والانتماء للوطن جزء لا يتجزأ من كيان الدين, و الالتزام بالدين سبب في محبة المؤمنين وحفاظا علي المنظومة المجتمعية, مشيرا الي أن سيناء نموذج للانتماء للدين والوطن قائلا: من فضل الله علينا أن وهبنا أرضا مقدسة عظيمة صارت علي مر التاريخ نموذجا رائعا بين الانتماء للدين والوطن, اصطفاها الله سبحانه وتعالي لتكون موضع تجلياته وكلماته, وأرض الأنبياء وأرض البطولات والتضحية والفداء, فواجبنا أن نحافظ علي أمنه واستقراره وأن نلفت الأنظار إلي قدسية ومكانة سيناء. وقال د. تامر خضر الأستاذ بجامعة الأزهر إن تلك الأخلاق تتضمن محاور عدة منها قيمة الأخلاق في الإسلام وعلاقة الأخلاق بالدين وتربية الشباب مؤكدا أن النبي دعا إلي التحلي بالأخلاق, وجعلها من الإسلام, فالأخلاق هي عملة المبادلة بين المسلمين بعضهم البعض, وبين المسلمين وغيرهم من اتباع الديانات الأخري, وتكون نتيجتها تعايش الجميع في مجتمع واحد مسالم. وأشار إلي أن الدين هو الخلق القويم, ويقصر البعض الدين علي العبادات فقط, إلا أن حقيقة الدين أن العبادات وسيلة لرقي الأخلاق والدعوة إلي تكافل اجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد, مشددا علي أن استخدم بعض الشباب قوتهم في البحث عن الشهوات والسعي خلف النزوات, وما سلك هذا الطريق إلا من ساء خلقه, ويترتب عليه أن يكون منبوذا من المجتمع وأفراده. وقال إن حب الوطن من الدين, فهو غريزة فطرية, ودليل ذلك بكاء النبي صلي الله عليه وسلم عند خروجه من مكة, والواجب الشرعي علي المسلم أن يحافظ علي وطنه وأرضه, وألا يتعاون لهدمهما من أجل مطامع شخصية ومكاسب دنيوية, وأن الشباب هم القوة الدافعة للتقدم, فهم أقوي أساس للبناء إذا أحسنوا الفعل والتكاتف مع دولهم, وقد يكونون أكبر أداة للهدم والدمار إذا أساءوا استخدام طاقاتهم. دولة الإسلام قامت بسواعد شبابها الذين اعتمد عليها القائمون علي أمر البلاد في حينها فكان منهم المحارب كأسامة بن زيد, وكان منهم العالم كعبد الله بن عباس, وتفرغ كل منهم لتخصصه, ولم يزايد علي الآخر. وذكر أن الفكر الإرهابي يعمل علي تحجير عقول الشباب, وتركيز فهمهم وتفكيرهم علي القسوة والقتل والعنف والظلم, لا يريد منهم عمل أو بناء أو رقي لهم ولبلادهم, يستخدمهم فقط في دعم انتشار أفكاره المتطرفة. وقال د تامر خضر إن الأفكار التكفيرية وأثرها في تدمير المجتمع تتضمن العمليات الإرهابية وتفكيك المجتمعات- الفكر التكفيري وتحجر العقول( الثبوت والجمود الفكري)- الفكر التكفيري بين الغاية والدعاوي موضحا أن إدعاء الجماعات التكفيرية حرية الفكر واتباع المنهج الإسلامي فهي في حقيقة الأمر نظرا لأفعالهم تجسيد حي للجمود الفكري والانصياع التام وسلب الحرية الفكرية. ولفت الي أن الجماعات الإرهابية لا تبغي حقيقة الدين الإسلامي بل تهدف إلي تفتيت العقول بسلبهم الفهم الصحيح للدين, فهم يسعون خلف ضعاف النفوس والعقول, حيث نشأت هذه الجماعات لبث روح العصبية الفكرية والبعد عن التعددية, وأن منهج الجماعات التكفيرية يعتمد علي هدم المجتمعات بتكفير المخالف لرأيهم, واستباحة دماء غير المنصاع لفكرهم; وإباحة قتل من قال بخلاف ما يعتنقون من أفكار. وقال ان الجماعات الإرهابية تسعي إلي هدم الدول والمجتمعات باستخدام عملياتهم الإرهابية والتفجيرات سواء للمدنيين أو العسكريين وأن الفكر التكفيري هدفه هدم القيم الاجتماعية ونشر الأفكار الوهابية, وبث الخوف والذعر بين أبناء الوطن الواحد; بدعوي محاربة البدع ومخالفة أهل الضلال, والمتثبت في أفعالهم يجدهم هم أهل الضلال والفساد. و حول حقيقة الدين الإسلامي ومنهجية الجماعات في نشر أفكارها والانتماء الحقيقي للدين الإسلامي والبعد عن الإرهاب والتطرف أكد أن الدين الإسلامي دين عدل ورحمة وسماح, لا يدعو إلي عنف وقتل; والمنهج الإسلامي ينبذ التشدد والتطرف. وقال ان النبي صلي الله علية وسلم حرم قتل الأنفس, وما تقوم به الجماعات الإرهابية من حرق وظلم وذبح وقتل هو فساد في الأرض, يخالف شريعة الإسلام, وهي راية ظلم لا دفاع عن الحقوق.