كشف الدكتور حمدي السيد رئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب السابق ونقيب الأطباء أن الرئيس السابق حسني مبارك كان يشكو له عندما كان نائبا للرئيس الراحل أنور السادات كلما التقاه في عدة مناسبات من سوء المعاملة له... في مؤسسة الرئاسة وكأنه كان منفيا في مكان بعيد كما كان يشكو له من نظرات السيدة جيهان السادات وأعرب السيد في حواره مع الأهرام المسائي عن تخوفه من الوضع الراهن مشيرا الي أن النجاح الباهر لثورة25 يناير التي أسقطت النظام السابق وكل رموزه من الفاسدين يمكن أن ينتهي بكارثة اقتصادية مؤكدا أن الوضع الاقتصادي الراهن سيئ للغاية وقال د. حمدي السيد إن تحسين الوضع الاقتصادي لن يكون بالشحاتة من دول العالم أو الاقتراض أو طبع أوراق أو أذون خزانة أو السحب من الاحتياطي من البنك المركزي المصري حتي لاتخرب البلد لكن من خلال الاتجاه نحو العمل وزيادة الإنتاج وتحقيق الأمن والاستقرار لجذب الاستثمارات الي مصر. وفيما يلي نص الحوار: *من المتسبب فيما كانت فيه مصر قبل الثورة وهل كنت تتوقع هذا الكم الهائل من الفساد في ظل النظام السابق ورموزه من القيادات التنفيذية والبرلمانية خاصة وأنك كنت قريبا جدا من غالبيتهم؟ ** السبب الرئيسي في حالات الفساد التي انكشفت في النظام السابق ورموزه هو غياب الشفافية فالديمقراطية تقوم علي الشفافية ولايوجد مايسمي بنود سرية في الاتفاقيات أو مايسمي بالأمر المباشر وكل شئ لابد أن يكون واضحا وصريحا ومتاحا أمام الرأي العام فالحكومة يجب أن يحاسبها البرلمان محاسبة حقيقية وليست صورية والمحافظ يجب أن تحاسبه المجالس الشعبية المحلية محاسبة حقيقية أيضا ومن يخطيء مهما كان يجب أن يحاسب وفورا خاصة إذا كانت هناك حالات فساد وسرقة ونهب للمال العام وعلي سبيل المثال ظهرت لنا أكبر كمية فساد في الاستيلاء علي أراضي الدولة لأنه لايمكن في ظل الشفافية والمحاسبة أن أبيع أرضا ثمنها الحقيقي5 جنيهات بجنيه واحد وكذلك ما رأيناه من تربح غير مسبوق لدي العديد من قيادات النظام السابق وذلك كله بسبب عدم وجود الشفافية وعلي سبيل المثال أيضا مايتعلق بشأن تفويض رئيس الدولة في عقود صفقات السلاح التي تصل الي1,2 مليار دولار سنويا من الشركات الأمريكية, وهناك مشتريات للسلاح من فرنسا لا أحد يعرف ماهي هذه الصفقات؟ وذلك منذ عام1974 والبرلمان المصري يوافق لرئيس الجمهورية ويفوضه في ذلك الأمر دون أن يعرف أي شيء علي مدي37 عاما متواصلة وعقود السلاح لايتم عرضها علي مجلس الشعب بدعوي السرية فهل هذا كلام يعقل؟! علما بان عقود السلاح تصل العمولة فيها الي20% وكان يدعي الرئيس السابق حسني مبارك أن مصر تأخذها كمنح تدريب رغم أن عقود السلاح في العالم كله ليست سرية ومعروفة في كل الدول إلا في مصر, وهو ما أدي الي فساد كبير وكان المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات يأتي الي البرلمان ويستعرض تقاريره التي فيها مخالفات وحالات فساد صارخة ولم يتحرك مجلس الشعب أو الحكومة ولم يكن هناك أي قرار يتم اتخاذه ضد مخالفات وزير المالية السابق الدكتور يوسف بطرس غالي لأن الحزب الوطني المنحل يعطي له الثقة والتأييد بأغلبية كاسحة من أحمد عز أمين التنظيم السابق وكل ذلك كان من أسباب وجود كم هائل وكبير من الفساد وأكبر مما كان يتوقعه أي إنسان لدرجة وجود شكوك لدينا أنه لا أحد كان يتعامل في أي أمر إلا بطريقة الفساد ولاشيء غير ذلك هناك عقود تمت وهي باطلة وهناك من وقعوا بالأمر المباشر للعديد من المشروعات الكبري, وقد جر هذا رجالا كثيرين كنت أنا شخصيا أري بعضهم مثالا للطهارة والشرف جديدة للفساد في مصر وذلك يعني أن الفساد كان عملية ممتدة ومتواصلة علي مدي سنوات طويلة في عهد الرئيس السابق. * كيف يمكن تلافي ذلك في المستقبل بعد ثورة25 يناير؟ ** لن يتم الحد أو القضاء علي حالات الفساد في مصر إلا عندما يتوفر عنصر الشفافية والمحاسبة بحيث لاتكون هناك قرارات سرية أو اجتماعات مغلقة وخلف الأبواب وأن تكون الأمور واضحة ومعلنة للجميع وألا تكون هناك عمليات بيع أو شراء مع الدولة إلا بضوابط وقواعد حاسمة وواضحة وألا يكون هناك أي قيود ويحاسب كل واحد وفي مقدمتهم رئيس الدولة الذي سيحاسب كل4 سنوات من الشعب لأن رئيس الدولة القادم طبقا للتعديلات الدستورية مدته4 سنوات ثم4 سنوات( إذا) أعيد انتخابه ثم يأتي بعده رئيس جديد يمكن أن يضعه علي قائمة من أفسدوا إذا كان قد قام بحالات فساد ويمكن أن يتم ذلك حتي في ظل وجود رئيس البلاد في موقعه لأن ثورة25 يناير أثبتت حقا أن الشعب هو مصدر السلطات ويجب علي أي مسئول في موقعه أن يطبق المثل الذي يقول أمشي عدل يحتار عدوك فيك * كنت علي صداقة مع معظم رموز النظام السابق هل كنت تتوقع حدوث هذا الفساد المخجل منهم؟ ** كل الأسماء التي ارتكبت الفساد لا تربطني بهم علاقات صداقة والوحيد الذي كان صديقا لي ولعائلتي هو المرحوم الدكتور عاطف صدقي رئيس مجلس الوزراء الأسبق والباقون أعرفهم علي مستوي شخصي ولا توجد لي معهم أي علاقات حميمية أو عائلية اضافة إلي وزراء الصحة باعتباري نقيبا للأطباء وكنت رئيسا للجنة الصحة بالبرلمان السابق وللحق والتاريخ كنت علي علاقة ما بالرئيس السابق حسني مبارك عندما كان نائبا لرئيس الجمهورية وآنذاك كنت عندما ألقاه في عدد من المناسبات كان يشكو لي مر الشكوي من سوء المعاملة له في الرئاسة وكأنه كان منفيا في مكان بعيد وكان يقول لي إن السيدة جيهان السادات كانت لا تنظر إلي وكأنني غير جدير بهذا الموقع ولكن عندما أصبح حسني مبارك رئيسا لمصر لم ألتق به إلا من بعيد وكان آخر لقاء لي به عام1999. والمحيطون به فرضوا عليه حصارا رهيبا ولم تكن لي علاقات وثيقة بالرئيس السابق وكل علاقاتي كانت بجميع وزراء الصحة فالدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة الأسبق كنت قريبا منه والدكتور محمد عوض تاج الدين كان أحد تلاميذي وكذلك الدكتور اسماعيل سلام * كيف تتصور مستقبل مصر بعد ثورة25 يناير؟ ** أرجو وأتمني من الله أن تنتقل مصر وفي أسرع وقت إلي مرحلة الاستقرار والأمن وأنا وبكل صراحة لدي قلق كبير جدا علي الوضع الاقتصادي المصري وعلي سبيل المثال مدينة6 أكتوبر التي كانت احدي قلاع الصناعة في مصر علي وشك الخراب فهناك مشروعات صناعية كثيرة ومتعددة لا تعمل, وهناك مصانع للبيع وأخري للايجار. والأمن له دوره في التصدي لأعمال العنف والبلطجة وأنا قلق جدا فنحن من المهنيين والحرفيين والمواطنين نقلق حتي هذه اللحظة علي منازلنا وأولادنا. ثم أنا قلق من الحالات والمطالب الفئوية, وقد رأينا احتجاج محافظة قنا عندما أغلقوا الطريق, واعتصموا أمام قضبان السكك الحديدية أين الدولة؟ هل وصلنا إلي أن أي جهة لا يعجبها أي شيء تقوم وتعتصم وتضرب عن العمل, يا سيدي أنا أقول لنفسي أولا ولغيري من الشعب المصري كله وبجميع مؤسساته وأحزابه وأفراده إن أعظم الدول ديمقراطية في العالم هي التي يكون فيها القانون واحترامه هو السيد وما يحدث في مصر لا يوجد له أي مثيل في أي بلد ديمقراطي في العالم مش ممكن تقوم مجموعة من الأفراد بغلق السكك الحديدية هذه ليست الديمقراطية أو الحرية أو العدالة الاجتماعية نحن بهذه الأفعال لم نعد دولة بل أصبحنا مجموعة مهلهلة ولا أحد يغضب من تطبيق القانون وأنا متخوف جدا لأن النجاح الباهر لثورة25 يناير الذي اسقط النظام وكل رموزه من الفاسدين ممكن أن ينتهي بكارثة اقتصادية وأنا ومن خلال جريدة الأهرام المسائي أدعو من قاموا بثورة25 يناير بعقد يوم جمعة للعمل بدلا من المظاهرات وأدعو كل واحد في مصر وفي جميع مواقع العمل والانتاج أن يعمل يوميا لمدة ساعتين زيادة لتعويض ما حدث من تدهور اقتصادي ولنتفق جميعا وبدون استثناء علي ترك المطالب الفئوية لمدة عام حتي لا نضع الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء في مأزق خاصة أن موارد مصر جيدة ولكن علينا استغلال هذه الموارد أفضل استغلال من خلال العمل وزيادة الانتاج * لماذا أنت ضد المطالب الفئوية؟ ** أنا لست ضد أي مطالب فئوية بل أنا سأكون في مقدمة من يطالبون بذلك ولكنني أري ضرورة إعطاء الفرصة للحكومة لمدة عام من أجل توفير الاعتمادات المالية علي سبيل المثال هناك من يريدون أن يكون الحد الأدني للأجور1200 جنيه شهريا ومن الآن.. من الممكن ان أنضم اليهم وأطالب بأن يكون ذلك فورا ولكن ماذا تفعل الدولة وهناك من يقول فليبحث رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف عن قرض من البنك الدولي لزيادة الأجور وفي العام المقبل ماذا تفعل الحكومة والسنوات التي بعد ذلك! الأمر يتطلب أن نعمل أولا علي زيادة الإنتاج وجذب الاستثمارات الموظف لا ينتج ويريد أن يكون كل يوم في الشارع وليس في موقع عمله أي دولة في العالم يحدث فيها إضراب في بعض مواقع العمل والإنتاج في أيام العمل الرسمي لايحصل الموظف علي مرتبه ويعاقب لأنه عندما يتم الإضراب والاعتصام لن يكون هناك إنتاج ولاتوجد موارد مالية لمن يقومون بالإضراب ونحن في مصر نقوم بالإضراب ونريد الحصول علي مرتباتنا وحوافزنا كاملة ونقوم بتعطيل المواصلات, إنه أمر في غاية العجب لا يدل علي ثورية ولا يرضي ائتلاف الثورة الذي لايقبل ذلك تحت أي ظرف من الظروف وكل الأمور التي قامت من أجلها الثورة نحن معها لأنها مشروعة ويجب تلبيتها للشعب ولكن ليس بالشحاتة من دول العالم أو الاقتراض أو محاولة الحصول علي منح أو قروض من البنك الدولي وغيره أو طبع أوراق أو أذون خزانة أو السحب من الاحتياطي لدي البنك المركزي المصري حتي لاتخرب البلد ونحن نريد من الحكومة الجديدة ألا تترك البلد بهذا الشكل وعلينا جميعا أن نساعد هذه الحكومة وذلك لن يكون إلا من خلال الاتجاه نحو العمل. * هل الحزب الوطني ساهم في زيادة حجم الفساد وتراكمه في مصر؟ ** نعم خاصة أن الفساد كان في الحزب الوطني وبين قياداته بصورة كبيرة بسبب وجود أحمد عز, علما بان أيام الراحل كمال الشاذلي كان هناك فساد في الحزب الوطني, ولكن ليس بالصورة التي رأيناها في عهد أحمد عز, لقد كان فساد عز منهجيا, وهو فساد مؤسسي ومن أسبابه أيضا طموح جمال مبارك لوراثة حكم مصر وهذا في اعتقادي الشخصي ما عجل بنهاية النظام السابق واستطيع القول ان الفساد انتشر في مصر خلال العشر سنوات الأخيرة وكان علي نطاق واسع وترعرع هذا الفساد ونخر في مؤسسات الدولة سواء الحكومة أو الحزب الوطني. * مارأيك فيمن أعلنوا خوض الانتخابات الرئاسية القادمة؟ **حتي الآن لا أجد بينهم من أقتنع به, وليست هناك مميزات كبيرة لأحد عن غيره وأري ان هناك مساواة بين عمرو موسي ومحمد البرادعي, كما انهما كبيران في السن عجوزان كما أعرف ان حمدين صباحي رجل متحمسا ولكن له بعض الأفكار المتشددة مثل إلغاء اتفاقية كامب ديفيد وهذا الاندفاع يجر البلد الي مضاعفات, وهشام البسطويسي رجل طيب وقاض وأنا لست متحسما أن يكون رئيس الدولة من القضاة, فالسياسي له خلفية مختلفة ومجدي أحمد حسين من الشخصيات التي من الممكن أن تسبب مشكلات للبلد وسأعطي صوتي للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذي أعلن ترشحه لرئاسة الجمهورية وسوف أدعمه صحيح هو من الأخوان المسلمين ولكنه مستنير كما انه ليس علي وفاق مع الاخوان وهم يعتبرون أفكاره تختلف مع رؤاهم ومن الممكن أن يحظي برضاء شباب الإخوان وشباب ثورة25 يناير, وفي واقع الأمر لقد جاء الي وتشاور معي فيما بين خوض انتخابات الرئاسة أو تشكيله لحزب واقترحت عليه تشكيل حزب بعد انتخابات الرئاسة لأنه عندما يخوض انتخابات الرئاسة مستقلا سيأخذ أصواتا من غالبية الأحزاب * هل ماتم من خطوات يتفق مع أهداف ثورة25 يناير؟ ** أعتقد أن أهم انجاز حققته الثورة هو سقوط النظام السابق, وانتهاء عصر أمن الدولة ومحاربة الفساد والفاسدين ومحاكمتهم, وإعداد دستور جديد للبلاد وكل ذلك من أهداف الثورة التي تحققت. * هل تعتقد أن مصر ستكون دولة مؤسسات بالفعل في المرحلة القادمة وليس مجرد كلام كما كانت في عهد النظام السابق؟ **هذا الأمر سيأخذ وقتا لأن دولة المؤسسات الحقيقية تعتمد علي التعددية الحزبية وأن تكون في هذه التعددية أحزاب كبيرة تتنافس فيما بينها وذلك لن يحدث إلا بعد3 سنوات من الآن علي الأقل خاصة أن قانون الأحزاب الجديد غير جيد وليس علي المستوي المطلوب لان انشاء حزب جديد أصبح أمرا في غاية الصعوبة لايستطيع القيام به الا بعض المجموعات القادرة علي ذلك من ناحية الامكانات المادية والبشرية مثل جماعة الإخوان المسلمين ورجال الأعمال والاستثمار وقد أعجبني رجل الأعمال نجيب ساويرس في الحزب الذي أعلن إنشاءه وهو رجل وطني مصري محترم, وهناك مثلا طلعت السادات لديه القدرة علي إنشاء حزب جديد وكان متحمسا ثم تراجع وكلي أمل ألا يكون هناك حزب واحد قوي وباقي الأحزاب صغيرة وهشة وذلك سيكرر تجربة الحزب الوطني الديمقراطي وهي تجربة فاشلة وسيكون ذلك الأمر بمثابة الفساد السياسي داخل البلاد ولن تكون هناك أي فرصة لتداول السلطة فيما بين الأحزاب.