لم يمنح الإسلام مكانة مميزة لأحد علي أحد إلا بالتقوي وحسن الخلق والفطرة السليمة ولله وحده حق منح درجة التمييز بيننا, وليس من حق أحد منح مكانة لنفسه أو لغيره تحت أي مسمي. ولذا اعتدت ألا أكترث لمن يتخفون وراء ألقاب ما انزل الله بها من سلطان ليفرضوا علي عباده سلطانا زائفا يمكنهم من السيطرة علي عقولهم ونفوسهم. ولذا لا أعرف كيف ومتي ارتبطت كلمة شيخ بكل معمم أو مطلق للحيته أو عامل في شرح الدين؟. فالكلمة, التي تعني في اللغة العربية من بلغ الخمسين من عمره وتجاوزها وتستخدم للتوقير في تقاليد توارثناها, بات لها فعل السحر منذ سنوات مضت حينما سيطرت علي العقول العمائم واللحي, دون مراجعة لقول أو مناقشة في معني أو بحث فيما وراء الموروث. وهكذا صار للشيوخ مكانة لا ينافسهم فيها أحد حتي لو كانوا من عينة شيخ فيلم الزوجة الثانية, تاجر آية وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم الذين استخدموا الدين لخدمة دنياهم ومصالحهم فيها حينما رأوا في التقرب لحاكم, منفعة. وفي استبدال رضا الله برضا السلطان مغنما. نسوا الله فأنساهم أنفسهم وأضاعوها واضاعوا من قبلها عباد الله. لم نسمع أن أبا بكر وابن الخطاب وابن أبي طالب وذا النورين قد حظوا بذلك الاسم قبل توليهم شئون المسلمين. وقد يقول قائل إن هؤلاء من الصحابة لا يحتاجون اللقب وأن للدين مسائل وقضايا لابد وان يبحثها عالم فنطلق عليه شيخا. وأرد: ألم يكن ابن حنبل والشافعي باحثين في الدين ومسائله وقضاياه؟ بالطبع كانا ولكنهما لم يأكلا من عرق فتاواهم ولم يسترزقا من لقب يسبق اسميهما ولو كان توقيرا. حتي تظل كلماتهما لوجه الله خالصة لا يدخل فيها شبهة. وتلك هي القضية الإخلاص لله لا للعباد. والتحرر من قيود الدنيا حتي من قيد اللقب. سعيا للفهم وإعمالا للعقل والتدبر, لا سعيا لبسط سيطرة علي عقول البشر...عبر الدين. ولذا أتمرد علي مقولة الراهب الروسي راسبوتين- الذي نجح في السيطرة علي قيصر روسيا وزوجته قبل الثورة البلشفية عام1917- بأن الدين أفيون الشعوب رغم صحتها. فالأديان لم تخلق للسيطرة علي عقول العباد وتغييبها فيما أنزل الله. بل خلق الله الدين ليسمو بأخلاق البشر وفطرتهم وتحرير عقولهم وإعمالها في كل لحظة لإعمار الأرض وتحقيق خير الناس ليكون الحساب في نهاية العالم علي ما قدمت أيدينا من أعمال نابعة من تفكير عقولنا. ويبقي السؤال كيف تصح مقولة الراهب راسبوتين إذا في مقدرة الأديان علي السيطرة علي عقل وإرادة البشر وعمل دماغ دين؟ تصح العبارة يا سادة حينما يحدث استغلال الدين لخدمة مصالح البشر من أصحاب النفوذ السياسي والديني والاقتصادي. فيصبح الدين وسيلة لتحقيق أهدافهم لا تحقيق شريعة الله. تصح حينما تفسد الدول والحكومات وتعجز عن أداء مسئوليتها وتخشي غضبة الناس ومطالبتهم بحقوقهم. فيكون الخروج علي الحاكم حراما, وتكون الآخرة السبيل للراحة إن عجزت عن العثور عليها في الدنيا. تصح العبارة حينما تغيب دولة المؤسسات والقانون وتفرض دولة الجهل والفقر والفساد سطوتها. اسمعوا قول الله:إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. لقد عني الله بالصم البكم من يصر علي سد آذانه وتغطية عيونه عن الحقيقة دون إعمال العقل. وللحديث بقية