صرخة عاجلة أطلقها مسئولو محمية وادي الأسيوطي التي تقع شرق مدينة أسيوط من التعديات الصارخة التي تجتاح أراضيها والتي باتت مستباحة من الجميع ويتم الاستيلاء عليها بغرض الاستصلاح الزراعي أو من خلال بناء مقابر أو حتي بإهدار مواردها من خلال محاجر الرمال داخل محيط المحمية. وتعدي الأمر اغتصاب الأرض ووصل إلي حد تهديد أرواح العاملين بالمحمية في حالة الاقتراب من المتعدين أو تحرير محاضر ضدهم قائلين لهم: إنتو بتحموا شويه سحالي واحنا هنموت من الجوع.. وهو أمر ينم عن الجهل بأهمية التوازن البيئي ولينتهي الأمر بهروب كثير من حيوانات المحمية. والغريب في الأمر أنه في الوقت الذي تتوحد فيه جهود الدولة لمواجهة مافيا الاستيلاء علي أراضي الدولة نجد أن مسئولي محافظة أسيوط يركزون جهودهم نحو إزالة العشش التي يقطنها البسطاء من أهالي المحافظة ممن لا يجدون قوت يومهم تاركين الحيتان الذين يتاجرون في أراضي الدولة ويستولون عليها ولا نجد خير مثلا لهذا التسيب أفضل من أرض المحمية الطبيعية التي تم الاستيلاء علي جزء كبير منها وتعجز الدولة عن استردادها منذ سنوات وحان التوقيت لإسترجاعها ولكن مسئولو المحافظة يمارسون عملهم تحت شعار كله تمام يافندم دون تحقيق المستهدف من هذه الحملات. يقول ابراهيم نفادي, مدير محمية وادي الأسيوطي: نحن في معاناة حقيقية واستغثنا كثيرا من انتشار التعديات علي أراضي المحمية والتي تجاوزت التعديات فيها نحو2000 فدان من أراضيها وبما يعادل نحو25 في المائة من مساحتها ولكن لا حياة لمن تنادي خاصة وان قانون المحميات يمنع أي شخص من البناء أو الاستيلاء علي أراضي المحميات باعتبارها ملكية عامة ولا يجوز البيع أو التصرف فيها أو تقنين وضعها منذ إنشائها وفقا لقرار رئيس الوزراء رقم942 لسنة1989 وتم توضيح حدود المحمية وفقا لهذا القرار لتمتد لمساحة8 آلاف كيلو متر بهدف الحفاظ علي الأنواع النباتية والحيوانية المهددة بالانقراض, وتهيئة البيئة المناسبة حيث يوجد بها كثير من النباتات الطبية والحيوانات البرية النادرة واوضح نفادي ان هناك نحو140 متعديا علي أراضي المحمية وان التعديات تزحف علي أراضيها ليل نهار وهناك نحو150 محضرا تم تحريرها كما ان هناك نحو75 قرار ازالة ادارية لم تنفذ حتي الآن بخلاف100 حكم قضائي نهائي واجب النفاذ ضد المتعدين حتي ان المبني الاداري للمحمية حاصرته التعديات من جهتين وفي اي لحظة قد يتم اغتصابه من قبل المتعدين وأشار نفادي إلي أن بالرغم من الأهمية الكبري للمحميات باعتبارها متنفسا بيئيا مهما فان هناك بعض سكان القري المجاورة لمحمية الوادي الأسيوطي بنوا مقابر واستصلحوا أراضي في المحمية وبعض الأشخاص قام بعمل محجر للرمال داخل محيط المحمية مهددا أي أحد من مسئولي المحمية من مجرد الاقتراب, وقام هؤلاء باستغلال شروط وإجراءات التقاضي الطويلة حيث انه في حالة حدوث أي مخالفة يتم تحرير محضر ثم يتم عرضه علي النيابة وعندما يتحول لجلسة يكون قد استغرق نحو6 أشهر وبعد استئناف وإجراءات التقاضي يكون قد مر سنوات لتصبح الفسيلة شجرة ويتعذر معها إزالتها. وأضاف نفادي أن موظفي المحمية يتعرضون لأذي شديد من قبل المعتدين لتضيع مئات الأفدنة من أرض المحمية وينتهي الأمر بهروب كثير من حيوانات المحمية كما أن هناك حاجة ماسة لتجميع الأصول النباتية المهددة بالانقراض وبخاصة أنواع النباتات الطبية والعطرية مثل نبات السكران الذي يستخرج منه سائل يستخدم في العمليات لتوسيع حدقة العين كذلك الصباريات وغيرها من النباتات التي تعتبر أصولا وراثية لمحاصيل اقتصادية مهمة. سلالات فريدة من الحيوانات وقال خالد فياض- موظف بالمحمية- إنه منذ إنشاء المحمية تم عمل حمام سباحة بركة بالمحمية مساحتها30 في35 مترا تهدف لجذب الطيور المهاجرة وبعض الطيور المهدد بالانقراض, كما انه يتم إكثار أنواع من الزواحف المهدد بالانقراض عن طريق ما يعرف بالتربية بالأسر حيث يتم حبس هذه الحيوانات في مكان مهيأ وإطلاق سراحها بعد تكاثرها,كما تم إنشاء مجموعة أبراج للحمام الجبلي ليكون لإكثار الحمام الزاجل والجبلي وتمت تهيئة كل الظروف المناسبة وبالفعل كانت هذه الأهداف في طريقها للتحقق لولا الزحف العمراني والتعديات علي المحمية. وأضاف فياض أنه مع حركة السيارات ليل نهار الخارجة من المحاجر التي أنشأها المتعدون علي أراضي المحمية دون ترخيص هربت كثير من الطيور والحيوانات الموجودة بالمحمية لافتا إلي أن ارض المحمية صارت مطمعا لمافيا الأراضي والذين يقومون علي مرأي ومسمع باغتصاب يومي لأراضي المحمية وبيعها للأهالي ليجنوا من وراء ذلك ملايين الجنيهات وهو ما يتطلب تحركا عاجلا من جميع قيادات المحافظة وإلا سيأتي اليوم الذي ستختفي فيه المحمية تماما.. مشيرا أن هناك سلالات من الغزلان كانت موجودة بالمحمية تنفرد بها مصر وليبيا تعرف باسم الغزال المصري كما يوجد نوع من الذئاب يعرب باسم ابن اوي المسالم والذي لا يهاجم البشر بالإضافة للضب المصري الذي يصارع الانقراض موضحا بأن قانون المحميات يمنع إقامة أية أسوار حولها حتي تكون الحيوانات في حرية تامة وتعيش في بيئتها الطبيعية, وقد تمت ملاحظة وجود كثير من الفضلات وأثار أقدام علي الرمال تدل علي وجود ونزول هذه الحيوانات ليلا. المحمية فقدت أهدافها ويري علي محمد- الباحث البيئي بالمحمية- إن جزءا من المحمية هو الذي فقد شروط المحمية بسب الزحف العمراني عليها والتعديات مضيفا أنه لو نظرنا للأهداف التي قامت المحمية عليها لوجدنا أن أغلبها تحقق فعليا حتي عام2011 ومع الثورة والتعديات بدأت تتراجع هذه الأهداف وجزء كبير من الحيوانات بدأ في الانقراض أو لربما الهروب إلي بيئة أكثر أمنا ومنها ما استقر بوادي اينو أو الوادي الأسيوطي وهناك مقترحات تطالب بضم أجزاء من الواديين للمحمية من جديد حتي الوصول إلي طريق الغردقة الصحراوي وهو جزء محمي طبيعيا. ثروات متنوعة وأوضح الدكتور أبوالحجاج نصر الدين- باحث في شئون المحميات الطبيعية- أن مكان المحمية واختيارها جاء بعد عدد من الدراسات أثبتت وجود أنواع من الرخام يعرف باسم الألباستر, وهو ذو قيمة عالية جدا لأنه من أفضل أنواع الرخام في العالم, كما أن من أهداف نشأة محمية الوادي الأسيوطي في هذا المكان هو الحفاظ علي الأنواع النباتية والحيوانية وصون الموارد الطبيعية الحية والمحافظة علي التنوع البيولوجي الوراثي في مجموعات الكائنات الحية التي تتفاعل في إطار النظام البيئي, وتختلف عن باقي المحميات المصرية في أنها الوحيدة التي تعتبر بالدرجة الأولي بمثابة محطة لتربية وإكثار الحيوان والنبات البري المهدد بالانقراض الموجود بالصحاري المصرية خاصة الصحراء الشرقية, ولذا كان مكان المحمية الحالي بهدف إعادته هذه النباتات والحيوانات لمواطنها الطبيعية, والاحتفاظ بالأعداد الكافية للأغراض البحثية والعلمية واستغلالها كموارد طبيعية ذات قيمة عالية بجانب الاحتفاظ والمحافظة علي الأصول الوراثية التي لها أهميتها بالنسبة لتحديث الزراعة لتكون المحمية استكمالا للبنوك الوراثية للمحاصيل الزراعية والدراسات الخاصة بالهندسة الوراثية, إلي جانب العمل بمثابة مؤسسة للتعليم والتثقيف والاسترواح عن طريق إنشاء متحف حي للأحياء الصحراوية, ولذلك بإمكان اعتبار المحمية مركزا للرصد البيئي لمنطقة الصحراء الشرقية بتوافر الإمكانات التي تكفل تحقيق الأهداف, ومكان المحمية الحالي يسهل علي الباحثين والدارسين الذهاب والعودة, بل لا نبالغ إذا قلنا إن محمية الوادي الأسيوطي هي المحمية الوحيدة علي مستوي الصعيد التي تتوافر بها مقومات المحمية بالإضافة إلي محمية الأقصر في الدبابية. من جانبه أكد بدري محمد بدري رئيس مركز ومدينة الساحل أنه تم حصر التعديات علي محمية الوادي الأسيوطي وسيتم تنظيم حملة مكبرة لازالة التعديات عليها مشيرا إلي وجود حوالي500 فدان أملاك خاصة للمحافظة بجوار المحمية بعضها طالته التعديات وصادر لها قرارات ازالة وسيتم التعامل معها أيضا.