لم تدرك سميرة أن السعادة التي حلمت بها عندما تقدم ابن خالتها للزواج منها خيال أبعد ما يكون عن الواقع الذي عاشته بعد ذلك وأن سيناريو من الشقاء والألم كان حتما عليها ان تعيشه منذ أن خطت أولي خطواتها في بيت الزوجية.....! لم يكن البيت الذي دخلت به بيتا عاديا أو حتي شقة صغيرة تسترها وزوجها وتكون اللبنة الأولي لحياتها مستقبلا ولكنها كانت حجرة خشبية أعلي سطح أحد البيوت بمنطقة كفر الجبل بالهرم.. لم يكن عريسها ميسور الحال ورغم ذلك كان تقدمها لها هو الفرصة الوحيدة المتيسرة لفتاة مثلها ولدت في لجة الفقر المدقع وارتأي والدها أن حملا انزاح عن كاهله وبقي له من أشقائها من يثقلونه بهمهم وأن قبوله لابن شقيقة زوجته سترا لابنته وأملا في أن يتيسر لها الحال معه يوما ما وكما كان الواقع مريرا استقبلت سميرة حياتها بمرارة أكثر فما ان مضت بها بضعة أشهر من الزواج حتي حملت في ابنها الأول البسمة والفرحة التي أشرقت في حياتها العتمة ولكنها فرحة لم تكتمل فقد ولد محمد بعيوب خلقية في المخ تمثلت في قصور ذهني توقف معه عمره العقلي عند مرحلة الطفولة المبكرة.. كان جسده ينمو أمام عينيها ولكنه لا يعي من أمر نفسه شيئا وفي أمومة مبكرة صبرت علي حالها واحتضنت صغيرها تدفيء عجزه بحنانها ولكن محمد لم يكن غير الحلقة الأولي من حلقات الشقاء في حياتها حيث رزقها الله عز وجل بمولودتها الثانية شهد التي كانت حالتها الصحية أكثر قسوة وألما من أخيها الأكبر محمد فقد ولدت وبها نسبة ضمور كبيرة في المخ أفقدتها القدرة علي الوعي والحركة بنسبة عجز مئة بالمائة في أطرافها الأربعة وعقل غير متزن.. استكانت سميرة لحالها وظلت صامدة إلي ما لا نهاية تعضد من عزم زوجها كي يخرج للعمل طالبا للرزق صباح كل يوم عاملا بالأجرة ويعود في آخر النهار بما يسد الجوع ولا يكفي نفقات العلاج للولد والبنت ولكنه الصبر والجلد يصاحبانه والأم علي قسوة المرض وأنيابه الشرسة....! بضع سنوات أخري مضت وقدم حسن الابن الأصغر, لم يكن معاقا مثل سابقيه ولكنه كان يعاني ضعفا في نسبة الذكاء يمكن علاجه بالعقاقير الدوائية ولكن من أين لسميرة وزوجها الأجري يوما بالمال يشتريان به الأدوية التي تصل لآلاف الجنيهات شهريا للأبناء الثلاثة.ضاقت الدنيا بسميرة وأغلقت في وجهها كل أبواب الأمل إلا أبواب الرحمة حضرت إلي الأهرام المسائي نطرقها املا في الله أن يسخر لها أحد من عباده يترفق بحالها ويعينها علي حمل أولادها المرضي وعلاجهم كما تناشد الدكتور أحمد عماد الدين وزير الصحة لعل صدره يتسع لمعاناتها ويصدر توجيهاته بعلاج أولادها علي نفقة الدولة وتضيف أن العلاج الذي يصرف لهم من التأمين الصحي بلا فاعلية تذكر وهي لا طاقة لها بالأدوية المستوردة. تقول سميرة محمود حسن40 سنة: ليس مهما أن نموت جوعا انا وزوجي ولكن أطفالنا ما ذنبهم, أراهم يموتون كل يوم ألف مرة والعجز يحيطني لا أدر ماذا أفعل لهم, لا أملك غير الدعاء من قلب ملؤه العجز والخوف علي أولادي من الضياع في غياهب المرض والموت.