أصابني بالذهول أعداد الأفدنة التي تم الإعلان مؤخرا عن نجاح أجهزة الدولة في استرداد ملكيتها وذلك بعد صدور توجيهات الرئيس السيسي بسرعة تقنين أوضاع تلك الأراضي, ومصدر الذهول والدهشة يكمن في عدة أمور أولها أن أجهزة الدولة المصرية كانت تعرف بالضرورة ومنذ فترات طويلة مضت أن تلك الأراضي وغيرها ملك خالص للدولة المصرية وأنها تحت سيطرة آخرين يحصدون خيرها دون وجه حق في ظل صمت مطبق ورضاء واضح من كل المسئولين ممن تولوا أمر هذا الملف في عصور سابقة. وهنا وبعيدا عن سوء الظن يبرز السؤال لماذا فرطت الدولة كل تلك السنوات بحقها في ملكية وإدارة مثل ذلك الكنز؟ ولماذا لم تظهر مثل تلك الإرادة في السابق بما يحقق الخير والنماء للوطن ككل؟. وبالرغم من كل تلك الأسئلة التي جالت بخاطري, فإنني سعدت كثيرا بذلك النجاح الذي تحققه الأجهزة المعنية في هذا الصدد, وهو النجاح الذي تؤكده ضخامة أعداد المساحات المستردة خلال أيام قليلة منذ إعلان الرئيس إشارة البدء في كل محافظات مصر. ذلك النجاح الذي أري أنه يصلح أن يكون بداية قوية صحيحة للعمل علي الطريق نحو المستقبل وإصلاح الأوضاع, وهو الحلم الذي يأمل الجميع تحقيقه وفي مقدمتهم الرئيس نفسه. وهنا أتمني أن تكون تلك الخطوة الناجحة متبوعة بخطوات أخري ينعكس أثرها علي خزانة الدولة بالشكل الذي يعود علي صالح الوطن والمواطنين الذين عانوا ومازالوا من سيطرة القلة علي ثروات البلاد من الأراضي, كأن توضع الخطط السريعة الفورية لاستغلال تلك الأراضي وتشكيل جهاز رقابي علي أعلي مستوي يختص بالإشراف علي تلك الأراضي المستردة فقط بهدف التأكد من حسن استغلالها ومتابعة العمل فيها حتي لا يواجه ملاكها الجدد أية تهديدات أو معوقات من ملاكها القدامي من واضعي اليد في حال تخليهم عنها برفضهم تقنين أوضاعها. إن النجاح الذي تحققه كافة الأجهزة في هذا الملف بوجهة نظري المتواضعة يمكن أن يتحقق في مختلف القطاعات الأخري في الدولة وذلك إذا توافرت الإرادة السياسية والكوادر المخلصة المحبة لصالح هذا الوطن وترابه, فها هي الأحداث دائما تثبت أن بقدر قوة الإرادة السياسية وحسمها بقدر ما تتشكل قوة الدولة وقدرتها علي استرداد مواردها المسلوبة وبالتالي يعود للدولة ما لها من احترام وهيبة بفضل قدرتها علي الحفاظ علي ممتلكاتها التي تعد بمثابة الأصول الثابتة التي سوف يعتمد عليها الأجيال الحالية والقادمة بما يضمن للدولة المصرية ولاء مواطنيها الذي حاول البعض الرهان عليه عبر تاريخ مصر الحديث, وكانوا دائما ما يخسرون, فارتباط المصري بوطنه لا تحكمه شروط ولا تتحكم فيه ظروف مهما كانت عصيبة. أدعو في هذا المقال كافة الأجهزة المعنية لشن ذات الحملات الناجحة لاسترداد هيبة الدولة في كافة القطاعات التي باتت علي وشك الانهيار, وعلي المصريين المخلصين كل في مكانه أن يؤدي عمله بما يحقق الصالح العام, وذلك حتي تخرج البلاد من كبوتها الاقتصادية بما ينعكس إيجابا علي المواطن المصري ايا كان انتماؤه الطبقي, وأري أن مسيرة الإصلاح قد بدأت بالفعل بقطاع الإعلام وها هي تطول اليوم قطاع الأراضي, ونحن في انتظار ثورات حقيقية تطول مجالات الصحة والتعليم ما قبل الجامعي والجامعي, إذ أن تلك المجالات تعد من الاساسيات الاولي لأي مجتمع يحلم بالنجاح والتقدم. أستاذ مساعد التاريخ القديم بآداب الإسكندرية