يوما بعد يوم, يكشف مهرجان كان السينمائي الدولي عن المزيد من الدرر السينمائية التي حشدها في مسابقته الرسمية وفي غيرها للاحتفال بدورته السبعين التي تختتم الأحد المقبل.. وقبل حتي عرض نصف أفلام المسابقة( أكتب هذه الرسالة بعد عرض8 أفلام من أصل19), اتضح لجميع الصحفيين والنقاد المتواجدين في كان أن مسابقة هذا العام أقوي كثيرا من نظيرتها العام الماضي, والتي لم تشهد من هذه الدرر سوي فيلمين أو ثلاثة. وأبدأ بالفيلم المفاجأة120 ضربة في الدقيقة, للمخرج الفرنسي- المولود في المغرب- روبين كامبيو, والذي ينتمي للسينما التي لا يحبها البعض لكنها كاشفة ومؤثرة ومهمة, السينما الخشنة التي لا تهتم بالجماليات والبصريات قدر اهتمامها بالموضوع.. والفيلم, الذي يقترب من كونه وثائقيا, يعود إلي أوائل تسعينات القرن الماضي, حين كان وباء الإيدز منتشرا ومتوحشا, وكان قد حصد- علي مدي عشر سنوات- مئات الأرواح حول العالم. ويركز كامبيو علي جماعة أكت أب- باريس النشطة جدا ضد الإيدز وضد حالة اللامبالاة التي يتعامل بها جميع المسئولين وجميع الجهات المختصة مع الوباء.. ولا شك أن الفيلم ومخرجه هما اكتشاف كان الأهم هذا العام حتي الآن. وهناك اكتشاف آخر لفيلم مفاجئ آخر وبديع هو المربع, للمخرج السويدي روبين أوستلوند, والذي يتتبع- بخفة ظل ورشاقة شديدة- حياة وأزمات مدير شاب لمتحف للفن الحديث, ويعتمد- مثل معروضات المتحف- علي أسلوب حداثي تماما ومختلف في السرد يتميز باللمسات الكوميدية الذكية, ويبدو متشظيا في ظاهره لكنه في الحقيقة متماسك للغاية, وتمثل قطع الموزاييك التي يتكون منها عملا فنيا جميلا وموحيا. أما التحفة المتوقعة والتي لم تخيب ظن من كانوا يترقبونها, فهي فيلم الرهيب, الذي كان تميزه متوقعا, ليس فقط لأنه يدور حول حياة أسطورة السينما العالمية جان لوك جودار, ولكن أيضا لأنه يحمل توقيع المخرج الفرنسي الكبير ميشيل هازانافيسيوس, الذي أبهر العالم واكتسح جوائز الأوسكار قبل سنوات قليلة بفيلمه الأبيض والأسود والصامت أيضا الفنان. هنا, يبدو هازانافيسيوس مختلفا تماما في أسلوبه وطريقة معالجته, ويصنع فيلما عن جودار دون أن يتأثر به أو يتقمصه, مع التعبير المذهل والأمين للغاية عن روح وحقيقة هذا السينمائي الكبير كيساري ثائر ومتمرد وغريب الأطوار أيضا, خاصة في مرحلة ازدهار الموجة الجديدة الفرنسية, وأزمة مايو1968, حين طالب جودار ورفاقه بإلغاء مهرجان كان في ذلك العام تضامنا مع مظاهرات الطلبة والعمال ضد الرئيس الفرنسي في ذلك الوقت شارل ديجول. توزيع جوائز مركز السينما العربية من ناحية أخري, أقيم في الخامسة مساء أمس, بجناح مركز السينما العربية بسوق الفيلم بقصر مهرجانات كان, حفل إعلان وتوزيع جوائز النقاد السنوية التي ينظمها المركز, والتي انفرد الأهرام المسائي بنشرها أمس, منوها باكتساح مصر لها, حيث حصدت الأفلام المصرية أربع جوائز من أصل خمس. والمعروف أن آخر أيام المدينة, للمخرج تامر السعيد, فاز بجائزة أفضل فيلم, ومحمد دياب بجائزة الإخراج عن فيلم اشتباك, وتقاسم دياب جائزة السيناريو مع شقيقه خالد عن نفس الفيلم, فيما ذهبت جائزة أحسن ممثلة للمصرية هبة علي عن فيلم أخضر يابس, للمخرج محمد حماد. أما الجائزة الوحيدة التي لم تفز بها مصر, فهي أفضل ممثل, وكانت من نصيب التونسي مجد مستورة عن فيلم نحبك هادي, للمخرج محمد بن عطية. وقد تسلم دياب, المتواجد في كان لمشاركته في عضوية لجنة تحكيم مسابقة نظرة ما, جائزتيه بنفسه, بينما لم يتمكن كل من تامر السعيد وهبة علي من الحضور.