أظهرت النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة الفرنسية التي أنطلقت جولتها الأولي أمس أن إيمانويل ماكرون المنتمي الي تيار الوسط الليبرالي, ومارلين لوبان, زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة, سيخوضان الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية في7 مايو المقبل. وحصل زعيم حركة إلي الأمامإيمانويل ماكرون-وفقا للنتائج الجزئية- علي23.7% بينما حصدت زعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبن22% من الأصوات. وأقبل الفرنسيون امس علي مراكز الاقتراع وسط تدابير أمنية مشددة في ظل التهديد الارهابي, للإدلاء بأصواتهم في الدورة الأولي من انتخابات رئاسية يلفها الغموض وتعتبر حاسمة لمستقبل الاتحاد الأوروبي. وقبل ثلاث ساعات من إغلاق آخر مراكز الاقتراع بلغت نسبة المشاركة6942% بتراجع طفيف عن انتخابات2012(7059%), لكنها بين أفضل النسب منذ40 عاما, بحسب أرقام وزارة الداخلية. ويعد مستوي التعبئة بين الناخبين البالغ عددهم47 مليونا, عنصرا أساسيا في هذه الانتخابات, في وقت كان ربعهم لا يزال مترددا في حسم خياره حتي اللحظة الأخيرة قبل الدورة الأولي. وقال الناخب كريم محمود(42 عاما) في مدينة ليون( جنوب شرقي) انه حسم امر مرشحه مساء السبت مقرا بانه بقي حتي ذلك الحين مترددا. ومن أصل11 مرشحا يتواجهون في هذه الدورة, اشتدت المنافسة بين أربعة منهم يتصدرون نوايا الناخبين, وفي طليعتهم الشاب إيمانويل ماكرون(39 عاما-وسط) ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن, يتبعهما بفارق طفيف المحافظ فرنسوا فيون وزعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون. أما المرشح الاشتراكي بنوا آمون فتشير جميع الاستطلاعات الي تخلفه وراء الأربعة بفارق كبير. وبعد ثلاثة أيام من الاعتداء علي جادة الشانزيليزيه الذي تبناه تنظيم داعش وأدي إلي مقتل شرطي, تم نشر خمسين ألف شرطي وسبعة آلاف عسكري في جميع أنحاء البلاد لضمان حسن سير عمليات الاقتراع. ودعا الرئيس المنتهية ولايته فرنسوا هولاند الذي لم يترشح لولاية ثانية, الناخبين الي اثبات ان الديموقراطية اقوي من كل شيء, وذلك لدي الادلاء بصوته أمس في تول, معقله الانتخابي السابق وسط فرنسا. وتعيش فرنسا التي شهدت منذ مطلع2015 سلسلة اعتداءات نفذها جهاديون أوقعت239 قتيلا, تحت تهديد الإرهاب. وهي أول انتخابات رئاسية تجري في ظل حالة الطوارئ التي فرضت بعد اعتداءات13 نوفمبر2015 في باريس. وقال الموظف الباريسي سامبا باتيلي البالغ41 عاما ان الاعتداءات لن تؤثر علي خياري. فهذا ما يريده المتشددون. وتراهن مارين لوبن(48 عاما), رئيسة حزب الجبهة الوطنية, علي الموجة الشعبوية التي حملت دونالد ترامب إلي البيت الأبيض, ودفعت بريطانيا إلي اختيار الخروج من الاتحاد الأوروبي, للفوز في الانتخابات. وتصف هذه المحامية نفسها بأنها وطنية قبل أي شيء, ترغب في سحب بلادها من اليورو ومن نظام التنقل الحر في فضاء شنغن الأوروبي, وفق برنامج قد يسدد, برأي المراقبين, الضربة القاضية إلي اتحاد أوروبي بات في وضع هش بعد بريكست. في المقابل, يعرض ماكرون, أصغر المرشحين سنا, برنامجا ليبراليا سواء في الاقتصاد أو المسائل الاجتماعية, وبني حملته علي خط مؤيد لأوروبا. وحقق وزير الاقتصاد السابق(2014-2016) الحديث العهد بالعمل السياسي, شعبيته علي أساس رفض الأحزاب التقليدية, والرغبة في التجديد التي عبر عنها الفرنسيون, محددا توجه حركته إلي الأمام! بأنه ليس من اليمين ولا من اليسار. وكانت الحملة الانتخابية حافلة بالمفاجآت والتقلبات في المواقف, فشهدت سقوط المرشحين الرئيسيين الذين كانوا يشغلون الساحة السياسية منذ عقد, الواحد تلو الآخر, ومن ابرزهم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي خرج من السباق منذ الانتخابات التمهيدية لليمين. واضطر الرئيس المنتهية ولايته الاشتراكي فرنسوا هولاند إلي التخلي عن الترشح لولاية ثانية في ظل شعبية متدنية أضعفت موقعه, في سابقة في فرنسا منذ أكثر من ستين عاما. وفشل رئيس وزرائه مانويل فالس في الفوز بالترشيح الاشتراكي, وقد هزم في الانتخابات التمهيدية أمام مرشح أكثر اتجاها إلي اليسار هو بنوا آمون. وازاء الدروس المستفادة مما وصفته الصحف ب لعبة التصفيات, اكد كافة المرشحين لاحقا رغبتهم في القطع مع الوصفات القديمة وروجوا لبرامجهم الراديكالية والمجددة او المناهضة للمنظومة القائمة. لكن الفضائح طغت علي الحملة الانتخابية وغيبت لأشهر النقاش حول البرامج. وفي مفاجأة أخري من جانب اليمين, تراجع المحافظ فرنسوا فيون(63 عاما) الذي كان الأوفر حظا بعد فوزه الكبير في الانتخابات التمهيدية لحزبه, في استطلاعات الرأي بعد الكشف في نهاية يناير2017 عن فضيحة وظائف وهمية في البرلمان استفادت منها زوجته واثنان من أولاده. وبالرغم من توجيه التهمة إليه في آذار/مارس2017 باختلاس أموال عامة, رفض سحب ترشيحه, واستمر في الدفاع عن برنامجه الراديكالي في خفض النفقات العامة. وشهد الشوط الأخير من السباق مفاجأة أخيرة كانت تقدم مرشح آخر من خارج الأحزاب هو جان لوك ميلانشون, الاشتراكي السابق الذي جمع اليسار المتطرف تحت شعار فرنسا المتمردة, الذي نجح في الاقتراب من فيون في استطلاعات الرأي. ومع تقدم هذا الخطيب المفوه المستعد لإخراج بلاده من الاتحاد الأوروبي إن لم يصلح التكتل أنظمته, تعززت الشكوك بشأن نتيجة هذه الانتخابات التي تلقي متابعة حثيثة في الخارج. فرنسيات يتظاهرن عاريات احتجاجا علي لوبان باريس وكالات الأنباء: أقدمت ناشطات من منظمة فيمن بالتظاهر عاريات الصدر خارج مركز للاقتراع في بلدة هينان بومونت شمالي فرنسا, حيث كانت مقررا أن تدلي مرشحة زعيمة حزب الجبهة الوطنية, مارين لوبان, للانتخابات الرئاسية, بصوتها, امس. وقبل وصول مرشحة اليمين المتطرف بدقائق إلي مركز الاقتراع في هذه البلدة التي باتت تعد معقلا لحزب الجبهة الوطنية, فاجأت زهاء ست ناشطات رجال الأمن, حين خرجن من مركبة وهن عاريات الصدر. وأظهرت صور, نشرتها صحيفة الدايلي ميل البريطانية, رجال الشرطة وهم يوقفون الناشطات وهن عاريات الصدر ويضعن علي وجوههن أقنعة تمثل لوبان المعروفة بمواقفها المتطرفة. وقالت الصحيفة, علي موقعها الإلكتروني, إن الشرطة اقتادت الناشطات إلي مركبة للأمن, قبل أن تصل لوبان إلي المنطقة, حيث دخلت إلي مركز الاقتراع وأدلت بصوتها.