المقاومة الفلسطينية تطلق رشقة صاروخية تجاه "كيبوتس نيريم" القريبة من قطاع غزة    مواعيد مباريات اليوم الإثنين في أمم أوروبا 2024 والقنوات الناقلة    الحالة الثانية خلال ساعات، وفاة حاجة مصرية أثناء رمى الجمرات، وجيرانها: كانت بتتمناها    أتجوز عليها.. ربة منزل تضرم النيران بشقة زوجها في الوراق    لجنة الحكام تُعلن عن طاقم تحكيم مباراة الزمالك والمصري البورسعيدي    حقيقة عودة كهربا إلى الدوري السعودي    "لبس العيد شياكة وأناقة".. بيراميدز يعلق على إطلالة لاعبيه    يورو 2024 - دي بروين: بلجيكا جاهزة لتحقيق شيء جيد.. وهذه حالتي بعد الإصابة    في لقاء أخوي، السيسي يلتقي ولي العهد السعودي في مشعر منى    مدرج اليورو.. إطلالة قوية لجماهير الدنمارك.. حضور هولندي كبير.. ومساندة إنجليزية غير مسبوقة    انخفاض درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف حال. الطقس خلال أيام العيد    جثة مذبوحة وسط الطريق تثير ذعر أهالي البدرشين    وفاة مواطن من الفيوم أثناء تأدية مناسك الحج بالأراضي المقدسة    أثناء رمى الجمرات، وفاة رئيس محكمة استئناف القاهرة خلال أداء مناسك الحج    خايفة عليها، عبير صبرى تكشف سر منع شقيقتها من التمثيل، وأختها تكشف مفاجأة عنها (فيديو)    الصحة تُوجه نصائح مهمة للعائدين من الحج.. ماذا قالت؟    مشاهد توثق اللحظات الأولى لزلزال بقوة 6.3 ضرب بيرو    فوائد إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية فوق أسطح المباني.. تقلل انبعاثات الكربون    في ثاني أيام العيد.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الإثنين 17 يونيو 2024    الكنيسة الكاثوليكية تختتم اليوم الأول من المؤتمر التكويني الإيبارشي الخامس.. صور    صفارات الإنذار تدوى فى كيبوتس نيريم بغلاف قطاع غزة    محافظ جنوب سيناء يشهد احتفال أول أيام عيد الأضحى بالممشى السياحى بشرم الشيخ    حظك اليوم برج الجوزاء الاثنين 17-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هل تتمتع الحيوانات بالوعي؟ كيف تغير الأبحاث الجديدة المفاهيم    عيد الأضحى: لماذا يُضحى بالحيوانات في الدين؟    «إيمي» تطلب الطلاق بعد 10 أيام لسبب غريب.. ماذا كتبت في دعوى الخلع؟    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن فى ثانى أيام العيد الإثنين 17 يونيو 2024    أجهزة مراقبة نسبة السكر في الدم الجديدة.. ماذا نعرف عنها؟    كيف يمكن التعامل مع موجات الحر المتكررة؟    القافلة الطبية «راعي مصر» تصل القنطرة شرق بالإسماعيلية    لم يتحمل فراق زوجته.. مدير الأبنية التعليمية بالشيخ زايد ينهي حياته (تفاصيل)    بيلينجهام رجل مباراة إنجلترا وصربيا في يورو 2024    العيد تحول لمأتم، مصرع أب ونجله صعقا بالكهرباء ببنى سويف    فقدان شخصين جراء انقلاب قارب في ماليزيا    موعد مباراة إنجلترا والدنمارك في يورو 2024.. والقنوات الناقلة    من التجهيز إلى التفجير.. مشاهد لكمين أعدّته المقاومة بمدينة غزة    وزير الداخلية السعودي يقف على سير العمل بمستشفى قوى الأمن بمكة ويزور عدداً من المرضى    عاجل.. موعد اجتماع لجنة تسعير المواد البترولية لتحديد أسعار البنزين والسولار    الأنبا ماركوس يدشن كنيسة ويطيب رفات الشهيد أبسخيرون بدمياط    ممثل مصري يشارك في مسلسل إسرائيلي.. ونقابة الممثلين تعلق    وفاة خامس حالة من حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    هل يجوز بيع لحوم الأضحية.. الإفتاء توضح    المحامين تزف بشرى سارة لأعضائها بمناسبة عيد الأضحى    إيلون ماسك يبدي إعجابه بسيارة شرطة دبي الكهربائية الجديدة    خفر السواحل التركي يضبط 139 مهاجرا غير نظامي غربي البلاد    وفاة الحاج الثالث من بورسعيد خلال فريضة الحج    زيلينسكي يدعو لعقد قمة ثانية حول السلام في أوكرانيا    متى آخر يوم للذبح في عيد الأضحى؟    بعد كسر ماسورة، الدفع ب9 سيارات كسح لشفط المياه بمنطقة فريال بأسيوط    أجواء رائعة على الممشى السياحى بكورنيش بنى سويف فى أول أيام العيد.. فيديو    ماذا يحدث في أيام التشريق ثاني أيام العيد وما هو التكبير المقيّد؟    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج جورجيا بتجارة القاهرة    محد لطفي: "ولاد رزق 3" سينما جديدة.. وبتطمئن بالعمل مع طارق العريان| خاص    فلسطينيون يحتفلون بعيد الأضحى في شمال سيناء    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    منافذ التموين تواصل صرف سلع المقررات في أول أيام عيد الأضحى    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد بدر    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأهرام المسائي يحاور الدكتور شريف حتاتة..
في ظلال مائة عام من العشق والنضال والإبداع نعم كنت انتهازيا ومستهترا ومتساهلا في أحيان كثيرة

أحيانا كثيرة تتملكني حالة نفسية سيئة, وأشعر بأن النهاية قد دنت, وأني لم أعد قادرا علي أن أكون منتجا كما كنت من قبل, وأني قد أصبحت عاجزا عن فعل أي شئ..
بهذه الكلمات المفعمة بالأسي والألم تكلم د.شريف حتاتة إلي الأهرام المسائي وحرصنا علي أن نلتقيه بما له من قيمة أدبية ونضالية كبيرة يحترمه فيها كل أطياف المجتمع, لما دفعه خلال رحلته من ثمن غال من حريته وعمره وصحته...
ويتكلم د. شريف في مراجعة لكثير من الخطوات التي أقدم عليها في شبابه, ويقول: عندما أفكر في انضمامي لمنظمة حدتو, وعندما تركت عملي كطبيب لأتفرغ للعمل السياسي السري يأخذني العجب من تلك التصرفات, ولذلك عندما أفرج عني بعد13 سنة ونصف تركت المنظمة للعمل السياسي الحزبي.. لكنه الشباب.
ويقول برغم الحملة الشعواء التي شنتها علي زوجتي السابقة د.نوال السعداوي, عند اقتراني بالدكتورة أمل الجمل, إلا أنني ما زلت أحترمها وأعتز بسنوات عمري التي قضيتها معها..
وقال: برغم سنوات عمري التي تشر ف علي قرن من الزمان فما زلت أكتب وأفكر وأحب وأعشق وأحترم النساء, وأحلي الكلمات لم أقلها بعد, وأحلي الروايات لم أكتبها بعد...
(ونحن حينما نتحاور مع الدكتور شريف حتاتة نرتكز علي كثير من إبداعاته باعتباره كاتبا ذا رؤية مميزة وروائيا ذا حنكة وإبداع من طراز فريد وهو ما تراه في إبداعاته( العين ذات الجفن المعدني) و(الهزيمة) و(الشبكة) و(قصة حب عصرية) و(نبض الأشياء الضائعة) و(عمق البحر) و(عطر البرتقال الأخضر) و(ابنة القومندان) و(الوباء) و(رقصة أخيرة قبل الموت) و(النوافذ المفتوحة) و(طريق الملح والحب) وغيرها من الأعمال الإبداعية واليوميات والدراسات الأدبية والكتابات السياسية ومنها( فكر جديد في اليسار) و(العولمة والإسلام السياسي) و(فكر اليسار وعولمة رأس المال).
وكان د. شريف صريحا معنا إلي أبعد الحدود عندما سألناه: هل من الممكن أن يصف د.شريف حتاتة نفسه علي طول عمره الأدبي, بأ نه كان مثقفا ملتزما؟
بالطبع لا.. فقد مرت علي أوقات كثيرة كنت أتصرف فيها تصرفات سيئة, وكنت انتهازيا ومستهترا ومتساهلا في أحيان كثيرة, ولحظات كثيرة كنت فيها ضعيفا جدا, هذه اللحظات عندما أتذكرها الآن أندم كثيرا عليها لأنني لم أتخذ فيها الموقف الذي كان يمليه علي كوني مثقفا ملتزما, فالإنسان تتنازعه نوازع شتي هي التي نطلق عليها الخير والشر, وهذا الصراع أبدي, ولكن محاولتك إصلاح نفسك هي مسألة مهمة, لأنك في محاولتك للوقوف بعد سقوطك وتصحيح أخطائك هي محاولة لإصلاح الذات, وليس عيبا أن أخطئ أو أسقط مرة ومرات, العيب أن أترك نفسي بلا مراجعة وأنا أسير في طريق الخطأ.
وما الأشياء ندمت عليها في حياتك؟
ندمت علي أشياء عديدة, أهمها علي شكل علاقتي بأمي, والرواية التي كتبتها مؤخرا فيها شجن وعرفان, وفيها ندم, بالإضافة لشعوري القوي بأنني لم أعط هذه السيدة حقها كما كان ينبغي, وكذلك ندمت علي علاقات كثيرة في حياتي لم أوفها حقها مع آخرين.
.. وكمثقف, هل هناك ما ندمت عليه في مشوارك الأدبي؟
كثيرا من المواقف التي ندمت عليها, ورأيت بعد ذلك أنه كان يجب أن أتخذ خلالها موقفا مغايرا, ومواقف أخري سكت عنها وما كان يجب علي السكوت تجاهها..
مشوارك في الحياة.. هل فعلت فيه كل شيء, أم أن هناك أحلاما مازالت مؤجلة, وآمالا تتمني لو طال بك العمر لتنجزها؟
بالطبع لم أفعل كل شيء خططت له وحلمت به, ومازال لدي الأمل لأكتب, ومازلت أقول إن أجمل الروايات لم أكتبها بعد, وإن أفضل الكلمات لم أقلها بعد, وعندما أفكر في مشوار حياتي بشكل عام, أحيانا أكون راضيا, وأحيانا أخري غير راض.
لو رجع الزمن بك سبعين عاما للوراء, هل كان من الممكن أن تمشي نفس الخطوات التي مشيتها في حياتك؟
هذا سؤال لا أجد إجابة عليه, ومع ذلك أعتقد أنني كنت سأفكر بتريث وبشكل أعمق, لكن في العموم أنا راض عن حياتي, وإلا ما كنت أحببت حياتي ومن فيها..
هل هناك طقوس معينة تتبعها للكتابة الآن؟
أكتب يومياتي, وعندما يشغلني أمر ما أكتب عنه, وإن كنت لا أنشر شيئا مما أكتبه الآن, والآن لا يشغلني التفكير في روايات أخري بعد روايتي الأخيرة, التي كتبتها عن أمي, التي كانت حاضرة معي في كل كلمة من كلماتها..
كم عدد أعمالك التي أنتجتها خلال مشوار حياتك؟
كتبت12 رواية و3 كتب رحلات وعدد من الكتب الفكرية, وكم كبير من المقالات التي جمعت بعضها في كتب, لكن معظمها مازال متفرقا في عدد من الصحف المختلفة.
لسيرتك الذاتية ظلال في كل أعمالك, ومن يقرأ النوافذ المفتوحة يري هذا بوضوح.. فلماذا الاتكاء علي الذات في حين أن الموضوعات كثيرة ومتعددة في حياتك؟
أنا أحب السيرة الذاتية, وتظهر بأشكال مختلفة في رواياتي المختلفة, وكتاب كثيرون كانت معظم كتاباتهم من خلال ذواتهم, وبعضهم قال عن نفسه: كل ما كتبته سيرة ذاتية مستقلة, وأي عمل لأي كاتب مهما كان ستجد فيه جزءا صغيرا أو خيطا رفيعا من السيرة الذاتية, وأنا لست مغرما بالصراع الدائر بين السيرة الذاتية والرواية, وسواء سميتموها رواية أو غير ذلك, الفيصل فيها, هو أن أكتب أدبا أم لا, والنوافذ المفتوحة يعتبرونها سيرة ذاتية, وهي أفضل من روايات كثيرة, والبعض يقول لي إنهم يريدون أن يكتبوا سيرة ذاتية مثلي, فقلت لهم لكي تكتبوا مثلي, فلا بد أن تعيشوا حياتي.
ما بين الميلاد والذكريات, قرابة قرن من الزمان, كيف تبدلت الأشياء والمعاني وتغيرت الظروف والأوطان والأمكنة؟
أبدأ من قبل البداية, حيث ولدت عام1923, في فترة مضطربة من حياة العالم, وفي منطقة الشرق بشكل خاص, في وقت كانت الخلافة الإسلامية تلفظ أنفاسها الأخيرة مع غروب شمس الإمبراطورية العثمانية, ومصر تغلي بالمظاهرات التي لا تهدأ علي أثر الاعتقالات وأحكام الإعدام التي صدرت بحق قيادات ثورة..1919 ويصدر دستور1923 ما بين قبول البعض ورفض الأغلبية..
وكان والدي يدرس في بريطانيا وتزوج من سيدة بريطانية, وولدت في لندن ورجعت إلي مصر عقب اندلاع الحرب العالمية الأولي, وسافرنا مرة أخري ورجعت وعمري5 سنوات, وكانت طفولتي وفترات الدراسة عادية جدا ولا يوجد بها شيء ملفت, وكنت أتكلم اللغة العربية بلكنة أجنبية, ودرست في مدارس أجنبية ثم التحقت بكلية الطب, وكان لدي إحساس دائم بالعزلة لطبيعة الحياة التي عشتها مع أمي, وكانت كلية الطب في مقدمة الكليات التي قادت المظاهرات والحركة الطلابية, وشاركت في هذه المظاهرات, وهنا أحسست بإحساس جديد, شعرت بأنني جزء من المجتمع المصري التي كانت علاقتي به ضعيفة جدا.
لكن.. ما الذي دفعك للانخراط في العمل السياسي السري وأنت من أسرة أرستقراطية ومستقبلك مضمون إلي حد ما؟
في هذه السن حركتني عوامل مختلفة كثيرة, أولها الحركة الوطنية التي التحقت بها, وثانيها: أنني فوجئت بالفقر الشديد الذي رأيته علي وجوه المرضي وأجسادهم وأنا نائب بالقصر العيني, ورأيت أننا نعالج المرضي ثم يعودون لنا في حالة أسوأ وأشد مرضا مما تركناها عليهم آخر مرة, وأحسست أن عملي في تلك الظروف بلا جدوي, وثالثها: أنني كنت أبحث عن حياة جديدة, حياة مختلفة, مليئة بالتطلعات والحماس..
كل هذه الأفكار هي التي دفعتني للانضمام لليسار, وبقيت في المنظمة حتي رحيل الملك ومجيء الرئيس محمد نجيب ثم عبد الناصر, وأيدنا الضباط الأحرار, ولكن بدأ الصدام عندما أصر عبد الناصر ورفاقه علي ألا يكون علي الساحة أي تنظيمات سياسية سواهم, وتمسكت الحركة بوجودها لضمان حياة ديمقراطية مستقلة, نتج عن هذا الموقف أن قادنا الضباط للسجن في سنة1954, من خلال قضية الجبهة الوطنية التي حكم فيها علي أنا وخمسة عشر آخرون بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات أمام محكمة الدجوي, وأضيف لهذا الحكم فترة الخمس سنوات التي حكم علي بها قبل الثورة وهربت من تنفيذها وخرجت من مصر في حادثة معروفة مختبئا في قاع سفينة إلي فرنسا, وأصبحت فترة اعتقالي خمسة عشرة سنة, قضيت منها بالضبط ثلاث عشرة سنة ونصف السنة وخرجت في نهاية عام1963 م, وخرجت من المعتقل وأنا علي عهدي بالعمل في السياسة, وتركت حركة احدتوب والتحقت بحزب العمل لمدة عام, وتركته لما وجدت أنه حزب لا ينتمي لليسار بأي شيء, وأنه حزب يساري حكومي, ولم تعجبني الشخصيات التي تقوم بالعمل السياسي, فلم يكن الأستاذ خالد محيي الدين هو الذي يقود ويحرك العمل بالحزب, بل كان رفعت السعيد هو المتحكم في كل شيء, فقد بدأ السعيد سكرتيرا للأستاذ خالد, ثم أصبح للسكرتير التأثير الغالب علي الأستاذ, وكان رفعت السعيد يعطي كل وقته للحزب وكان يتدخل ويقوم بحل كثير من المشاكل بالحزب, ما جعل اعتماد الأستاذ خالد عليه كبيرا, وفوق هذا كانت تربطهما علاقة قوية, وتركت حزب التجمع.
في تلك الفترة عدت للعمل بوزارة الصحة, وتعرفت علي زميلتي في العمل, ووجدنا أن اهتماماتنا واحدة, ومنطلقاتنا في الحياة ليست مختلفة إلي حد كبير, فهي مهتمة بقضايا المرأة, وأنا تجذبني قضية الحريات والديمقراطية, وهي كاتبة مشهورة, وأنا لي ميول وإن لم تظهر بعد في الكتابة الأدبية, كانت هذه الزميلة هي الدكتورة نوال السعداوي.
ووجدت أن مكابدة الكتابة شيء مبد ع ومثير, ولما انتهيت من الكتابة تساءلت أمام نفسي: هل سأعود للكتابة مرة أخري؟
في هذا الوقت كنت أعمل في المجلس الأعلي للأسرة وجاءني عرض للعمل في الأمم المتحدة وسافرت إلي الهند وآسيا وكانت تجربة غنية جدا في حياتي, ولما رجعت كتبت رحلة االحب والملحب ثم أولي رواياتي االشبكةب.
رواية الشبكة هي التي تعرفت من خلالها علي زوجتك د. أمل الجمل.. أليس كذلك؟
بالضبط فمن خلال رواية االشبكةا أيضا كان لقائي مع د.أمل الجمل, حيث كانت تعد لعمل سيناريو لها بالاشتراك مع الفنان نور الشريف عام2004, وكانت تأتيني وتسألني عن الرواية وتحدثني عن الميزات الموجودة في الرواية, ولأول مرة أفاجأ بشخص يكلمني عن ميزات عملي وأسراره, ما أثر في ذلك وانجذبت إليها وأعجبت بها وأحبيتها, وارتبطت بها من خلال الرواية, وبعد ذلك كنا نذهب للسينما سويا, ونناقش الأفلام والحياة وارتبطنا معا, وأنا أعتز بها لرقتها وشخصيتها القوية.
من هم أبطال الدكتور شريف حتاتة, أبطالك في الكتابة, وأبطالك في الحياة, وأبطالك المتخيلون؟
حقيقة الأمر أني لم يكن لي أبطال, بل كان لي أناس أثروا في وتركوا في نفسي بصمة وعلامات, سياسيون وغير سياسيين, أصدقاء وغير أصدقاء, أناس من تجارب وعلاقات مختلفة من خلال العمل والصداقة والعلاقات, ولا أستطيع أن أقول إنه لدي أبطال خارقون, وأتحفظ في استخدام كلمة أبطال لأن البطولة أمر نسبي, وعندما تنظر إلي رواية الشبكة, البطل فيها ضعيف وقوي, مناضل وانتهازي, نبيل في حزنه, ورقيق في فرحه, أشياء بسيطة تغيره, وحوادث كبيرة لا تستطيع النيل منه, والبطل عندي, هذا هو الإنسان, وأنا أحب الإنسان وأنحاز للإنسان..
كيف تقرأ, وكيف تقضي يومك, وكيف تنتقي كتبك؟
ليست لي قراءات منظمة أو من خلال خطة, أقرأ كثيرا من الأدب وعلم النفس ومن كل اللغات, وبعضا من الفلسفة, وإن انقطعت الآن عن قراءة كتب الطب..وفي يوم من الأيام كنت أجلس بالبيت, وفي حالة نفسية سيئة لظروف السن وتعب الشيخوخة, وأنا أشعر بأن النهاية قد دنت, وأصبحت عاجزا عن فعل شيء مثلما كنت من قبل, في هذا اليوم كنت عاجزا ويائسا, نزلت من البيت أتمشي, ولم أستطع السير إلا مسافة قصيرة جدا, وجلست علي الرصيف, وجلست أفكر: ماذا أفعل؟ وفي هذا اليوم عثرت علي كتاب يحكي قصة الكون منذ أن كان خلية أولي, الكتاب مكتوب بشكل عبقري, ولم أتركه إلا وقد انتهيت منه, وألهمني كتابة آخر رواية لي وهي رواية اشريط الحزن الأبيضب.
هل هي الحياة المختلفة التي دفعت د.شريف لأن يترك الطب والحياة المطمئنة للعمل السري,الذي دفع ثمنه ثلاث عشرة سنة ونصف السنة من حياته خلف القضبان, وعشرات المطاردات, وترك من ورائه أما لا تعرف أين يقيم إبنها الوحيد, وهل هو حي أم ميت؟
أنا في الأصل لست مغامرا, لكن أكره الجدران والنوافذ المغلقة, وأمقت السدود والحدود, ولما أتحبس أبذل كل ما في وسعي لكي أخرج, ولما أمل من الطب أغيره, ولا أطيق العيش في مكان أو وظيفة لفترة طويلة إلا إذا كانت حياتها متغيرة ومتبدلة, لأني أكره الرتابة, وحياتي ثرية جدا ولا تحب البقاء علي حال واحد, فلما اعتقلوني هربت, ولما اعتقلوني مرة ثانية فكرت في الهروب لسنوات, ولكني في النهاية خرجت إفراج, والحياة غنية جدا ومتداخلة جدا وتحتاج إلي مرونة عالية, وهي كالبحر كلما سبحت فيها زادت متعتك وبهجتك .
وحتي في زيجاتي, لم أبق علي حال واحد فتزوجت ثلاث مرات, ليس لأن زيجاتي كانت فاشلة, بل العكس أعتز بكل زوجاتي, والثلاثة ظللن صديقاتي حتي بعد الانفصال, وإن كانت واحدة منهن رحلت, وأهديتها آخر كتبي, كانت أمها إيطالية وأبوها مصري, ولم يستمر زواجنا سوي خمسة شهور واعتقلت أنا, وانضمت هي لمنظمة كانت تهرب المناضلين الوطنيين من البلاد التي يحكمها الطغاة, وسجنوها في فرنسا وهربت من السجن.
في سيرتك الذاتية االنوافذ المفتوحة بقدر ما ذكرت أمك كثير ا, لم تذكر والدك إلا قليلا.. ما السبب؟
ذكرت والدي, وإن لم يكن كثيرا, لأن والدي كان من الناحية العملية غير موجود دائما بالبيت, وهو موظف كبير بالحكومة المصرية, وحالته المادية ميسورة, وكان اقمارتيب مدمنا علي لعب القمار ويرجع غالبا مع الفجر, وكان ظريفا معي, وساعدني مساعدا ت كبيرة خلال مشوار حياتي, ومع ذلك لم يكن له تأثير قوي علي شخصيتي, لأنه لم يكن اجتماعيا معي بما فيه الكفاية..
الحب والعشق في حياتك.. كيف عشت حياتك وعشقت حبيباتك, وأنت رجل عشقت الحرية قبل عشقك للنساء, وأراك حرا في أفكارك, ولا شيء يقيدك, فهل كانت رؤيتك لمن أحببتهن, بمثل عشقك لحريتك؟
أشياء كثيرة تقيدني, منها الحب نفسه, فأنا لما أحب زوجتي أكون مرتبطا بها في شراكة حياة وأقدرها وأصبح مسؤولا في علاقتي مع من أحب, وأنا أحترم المرأة جدا, ورأيي أن تأثيرها خطير, ومع ذلك لم تنل حقها للآن, وعلاقتي مع زوجاتي كلها في قمة الاحترام, فأنا عشت مع الدكتورة نوال السعداوي أربعين سنة, وكانت الصداقة بيننا قوية جدا وبرغم الاختلافات التي بيننا إلا أنني كنت أحترمها جدا.
وكذلك علاقتي بالدكتورة أمل الجمل قوية جدا, ولما ارتبطنا ببعض وحدث علينا هجوم كبير من المجتمع, ومن أطراف مختلفة, والسخيف جدا مما أثير حولنا من كلام وإشاعات وكلام ما كان يجب أن يقال, لم نسكت بل دافعنا عن حبنا وعن هذه العلاقة بكل ما فينا من قوة وكتبت وتكلمت كثيرا دفاعا عن حقنا في الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.