هل رأيت أحد مقلدي الفنانين يتقمص شخصية ستيفان روستي؟ بالطبع لا, فالفنان ستيفان روستي المولود في16 نوفمبر1891 له بصمة مميزة لا تعرف من أين تأتي. فلا رنة صوت مميزة, ولا وجه وسيما ولا جسدا رياضيا, ومع ذلك فإنه يمتلك جاذبية مكتسحة, ويمكنك مراجعة مشهد الختام في فيلم تمر حنة(1957 إخراج: حسين فوزي), ففيه تجتمع كل عناصر جذب الكامبرا, هيبة سراج منير, ووسامة رشدي أباظة, وشقاوة أحمد رمزي, وصوت فايزة أحمد, وسحر نعيمة عاكف, وجمال كاريمان, وشعبية زينات صدقي, لكن بساطة ستيفان روستي تستطيع أن تسرق الكاميرا من كل هؤلاء, حتي إن جملته تصبح هي علامة هذا المشهد, وربما الفيلم( في صحة المفاجآت). ولكن هذا ليس غريبا علي رجل تحولت كثير من جمله إلي كليشيهات سينمائية محفورة في الوجدان قبل الذاكرة: نشنت يا فالح, الشمبانيا مشروب الفتاة المهذبة, ثانية واحدة أتحزم وأجيلك, إنت تقدر علي زكي بشكها, وغيرها من المعلوم بالضرورة من السينما المصرية وربما يجدر هنا الحديث عن فيلم سيدة القصر(1958 إخراج: كمال الشيخ) الذي استطاع فيه أن يخلد مشهدا بكلمة واحدة, عندما سألته سوسن( فاتن حمامة) عن طبيعة عمله لدي عادل( عمر الشريف), وهو العمل الذي كان أقرب إلي أن يكون قوادا, فقال: أنا؟ ثم سكت سكتة لطيفة قبل أن يجيب: مهندس؟( الطريف أن كاتب السيناريو هو حسين حلمي المهندس). وبطبيعة الحال فإن حياة أمثال هؤلاء العباقرة تصلح أن تكون فيلما من أفلام التشويق: ابن لأب دبلوماسي نمساوي ثري وله نفوذ( ويقال مجري), أم إيطالية فقيرة زيجة غير ناجحة تتسبب في ولادة طفل يعيش بدون أب, فصل من المدرسة, طرد من العمل كبوسطجي, مغادرة إلي أوروبا للبحث عن عمل, أو للبحث عن هوية, وربما للبحث عن الأب. ويلتقي هناك فعلا بأبيه, وكانت المرة الأولي التي رأي فيها ستيفان والده عندما بلغ سن العشرين, فقد تعرف علي راقصة باليه وسافر وراءها في البلاد. واضطر إلي البقاء في أوروبا وهناك عمل صبي حانوتي, وبائعا متجولا, ثم راقصا في الملاهي الليلية. بطريق المصادفة التقي استيفان بالمخرج محمد كريم الذي كان يدرس السينما في المانيا وتعرف علي سراج منير الذي هجر الطب ليتفرغ لدراسة الفن, قبل أن يعود روستي لمصر عام1924 فيملأ الدنيا فنا وإبداعا. كانت النقلة الأولي مع عزيز عيد, الذي أسند إليه بعض الأدوار, وكانت نقله أخري عندما أخرج فيلم ليلي للمنتجة عزيزة أمير التي أسست أول شركة مصرية للإنتاج السينمائي( إيزيس) وأسندت فيلم ليلي لشاب تركي أسمه وداد عرفي, وفي يوم العرض الخاص تبين أن عرفي لا علاقة له بالسينما, فأسندت إخراج الفيلم لاستيفان الذي قدم بذلك أول فيلم مصري من ساسه لراسه. نعم, كان ستيفان فنانا شاملا, راقصا ومخرجا ومؤلفا, ولعل الكثيرين لايعرفون أنه شارك في تأليف فيلم لن أعترف الشهير للمخرج كمال الشيخ.