أجري علماء الاجتماع والطب النفسي دراسات علي أحوال الناس في المجتمعات والدول التي تتعرض لمنعطفات حادة وعنيفة في تاريخها, سواء كانت تغييرات سياسية كالثورات أو اجتماعية كهجرة القبائل او تفشي أزمات اقتصادية حادة تؤدي لغلاء في الأسعار وندرة في المعروض من السلع الغذائية ومستلزمات المعيشة الحيوية او تفشي المجاعة أو طبيعية كالزلازل والبراكين والفيضانات العنيفة والحروب, وقد اثبتت تلك الدراسات ان هذه الشعوب يتعرض سلوك افرادها لتغيرات غريبة عن سلوكهم وطبيعتهم المعتادة والعادية والمعروفة عنهم. أجريت الدراسات علي الشعوب الأوروبية اثناء وعقب انتهاء الحربين العالميتين الأولي والثانية, وعلي المجتمعات الآسيوية التي تعرضت لكوارث طبيعية أو تخوض دولها حروبا تدور علي أراضيها وتدفع شعوبها ثمنها, كذلك علي مجتمعات الدول الافريقية التي تصبح أراضيها مسرحا لحروب إقليمية أو كوارث طبيعية او قحط ومجاعات, وأثبتت تلك الدراسات ان الشعوب محل الدراسة قد أعتري سلوكها اليومي انماط غريبة وشاذة من التصرفات لم تعرف عنها من قبل, فعلي سبيل المثال لوحظ بعد الحرب العالمية الثانية زيادة معدلات الجريمة بأنواعها وخاصة العنيفة منها كالقتل والسرقة والسلوك العنيف بين الناس في تعاملاتها اليومية وتجارة البغاء وانتاج الفن الهابط كأفلام البورنو القذرة وقصصها ومجلاتها واتسام سلوك الناس في تعاملاتهم فيما بينهم بقلة النظام والأنانية وتفضيل الذات عن الآخرين بدون وجه حق, ولا تستمر هذه التغيرات الشاذة طويلا بل عاد سلوك وتصرفات الناس هناك لسابق عهدها بعد زوال سبب تغيرها. تمر مصر حاليا بمنعطف تاريخي حاد في حياتها, بدأ بأحداث يناير2011 والذي جعل شعبها يستشعر الخوف من ان يؤول مصيرها لمصير شعوب شقيقة ومحيطة بها, وقد بدأ ذلك بأعمال عنف شديد وسرق ونهب ممن استغلوا ظرف غياب الأمن وسقوط أجهزة الدولة الضابطة لسلوكهم حتي اضطر الناس لتكوين لجان شعبية فيما بينهم لحراسة منازلهم وممتلكاتهم من هذه العمال الإجرامية, وقد استمرت تلك الحالة عدة أشهر وحتي أثناء حكم الإخوان برئاسة مكتب الإرشاد ومندوبهم بقصر الإتحادية, حيث حدث تعد ممنهج وأعمال عنف مقصودة ضد المسيحيين وإحراق كنائسهم وحصار دار القضاء العالي ومدينة الإنتاج الإعلامي ووزارة الدفاع وأعمال إرهابية ضد جنودنا بسيناء..الخ, وقد استمرت العمليات الإرهابية حتي اليوم في سيناء وأماكن متفرقة من المحافظات طالت شرورها المدنيين والعسكريين علي السواء ومازالت, وقد استتبع ذلك إحساس بعض الناس بالخطر وبعدم الامان وافتقاد السكينة والسلام ولد لديهم أنماطا من السلوك تفتقد الضابط القانوني أو الديني أو الأخلاقي الطبيعي والمعتاد فيما بينها مثلما حدث للشعوب الأخري محل تلك الدراسات. لذلك علينا ألا نتعجب مما نراه يحدث من البعض منا تجاه الآخرين في بعض الأحيان, جشع كبير من التجار وغلو في الأسعار بصورة لا تتناسب أبدا مع ارتفاع سعر الدولار, انتشار أفلام العنف والبلطجة, ورأينا رجلا يعتدي جنسيا علي طفلة لم تبلغ العامين, إضافة إلي تحرش جماعي بسيدة بالزقازيق واغتصاب سائق توكتوك سيدة في السبعينيات من العمر وأعمال سرقة سيارات نقل نقود خاصة بالبنوك أو خطف مقابل فدية او قتل لتخليص ثأر فيما بين المتخاصمين.. الخ. الإنسان المصري بطبعه والذي عرف عنه طوال تاريخه العريق والممتد لآلاف السنين, إنسان طيب سمح ودود كريم ومتدين وذو أخلاق حميدة ولا يميل للعنف أبدا في تصرفات او القفز علي ممتلكات غيره او أعراضهم, وهي خصال بقيت طوال هذه السنين, وستبقي بإذن الله حينما يزول عنها هذا الظرف الاستثنائي في تاريخها قريبا بإذن الله.