أنا سيدة في بداية الأربعينيات, تزوجت قبل أن أكمل دراستي الجامعية من أحد أقاربي الذي يعمل في منصب حساس ويكبرني بخمسة أعوام, دامت زيجتنا لأكثر من عشرين عاما أنهيت خلالها دراستي وأنجبت أبنائي الثلاثة وتفرغت لهم ولأبيهم الذي أصبح محور حياتي وصار زواجنا السعيد محل إعجاب العائلة والأصدقاء فقد حرصت طوال سنوات زواجي علي أن أظل السيدة الجميلة التي تعتني بنفسها وتعتني بكل شئون زوجها علي أكمل وجه حتي إنه لم يجد يوما ما يشكو منه, إلي أن شعرت بتغير غير ملحوظ في مشاعر زوجي ناحيتي التقطته سريعا براداري الخاص, وفعلا سرعان ما اكتشفت من خلال تليفونه المحمول أنه علي علاقة بعدة فتيات ونساء يجري معهن أحاديث الحب والغرام, ثم اكتشفت أن علاقته بإحداهن تطورت إلي شراء الهدايا الثمينة لها, ولم أتحمل غدره وخيانته فواجهته بما اكتشفت لكنه راوغني ببراعة ولم يعترف بأي شيء! فلجأت إلي أهلي طالبة الطلاق بعد أن فقدت ثقتي واحترامي له, ومع تدخلهم المستمر لمحاولة إنقاذ زواجي اشترطت عليه أن يكون أمامي كالكتاب المفتوح وأن يلغي كلمات السر من أجهزته الخاصة وتليفوناته لكنه رفض تماما بحجة أن ذلك يتنافي مع كرامته. سيدتي.. لقد مر شهران علي بدء تلك المفاوضات مع زوجي وهو مازال علي رفضه لشروطي وأنا مازلت علي إحساسي بعدم الأمان والثقة, وأهلي مازالوا يقنعونني أن ما يمر به زوجي هي أزمة منتصف العمر وأن كل الرجال يمرون بها ويجتازونها بسلام.. فهل هناك فعلا ما يسمي بتلك الأزمة؟ وهل تنتهي فعلا؟ وكيف أتصرف نحوها؟ وهل ستعود حياتي كما كانت؟ عزيزتي الأربعينية إن المفهوم الدارج لأزمة منتصف العمر المتمثل في القرارات الاندفاعية والانزلاق في علاقات غير شرعية مجتمعيا ودينيا واقتصارها علي الرجل فقط غير دقيق لأن أزمة منتصف العمر يمكن أن تصيب الرجل والمرأة علي السواء, ويكون سببها عادة هو إحساس الشخص بأن النصف الأول من عمره قد انقضي وأنه في طريقه للنهاية مرورا بالنصف الثاني من عمره, مما يصيب كيان الشخص بعواصف فكرية وعاطفية يمكن أن تظهر في صورة انفعالات واندفاعات وربما نزوات, لكن سؤالي هنا هل ما يمر به زوجك هي أزمة منتصف العمر أم أنك اكتشفتي سلوكياته الجديدة في هذا التوقيت فقط بالمصادفة؟ ولقد ذكرتي أن فارق السن بينك وبين زوجك هو5 سنوات فقط أي أنكما في نفس المرحلة العمرية مما يعني أن هناك احتمالا بأن كليكما يمر بمراجعات نفسية وعاطفية ويقيم حياته وكيف يرغب أن يقضي ما تبقي له منها. في واقع الأمر أن ما تصفينه من انفلات سلوكيات زوجك وانخراطه في علاقات مع أخريات بشكل مفاجئ يمكن أن يكون اعرضاب خطيرا. ومن موقع تخصصي فأكثر ما يقلقني هو صحتك وصحة زوجك وأولادك أولا إذا كان زوجك قد تورط جنسيا في هذه العلاقات مما يمثل خطورة عليكما من التقاط عدوي الأمراض المتناقلة جنسيا, فيجب أن تخضعي للتحاليل وتطلبي منه أن يخضع لها أيضا للكشف. عن أي عدوي, فهذا أهم من فك شفرة تليفونه علي كل حال, ثانيا لو أن سلوكيات زوجك صاحبتها تغيرات أخري بجانب الانخراط في علاقات منفلتة مثل مظاهر تغير في شخصيته, عنف غير مبرر, التلفظ بألفاظ جديدة عليه لم يعتد استخدامها, أو مزيد من مظاهر الانفلات في الإنفاق الذي يمكن أن يصل السفه, فيجب اللجوء لمتخصص. أما لو كان سلوكه هو المعتاد عليه لكنك فوجئت به أو اكتشفتيه متأخرة فربما يكون زوجك مدمن علاقات ومريض بالدونجوانيزم مما يتطلب علاجا نفسيا, فبعد أن تتأكدي من براءتك أنت وشريك حياتك من كل الاضطرابات السالف ذكرها تبقي حالة الخيانة التي اكتشفتيها وتحملتيها وصارت عبئا علي العلاقة, لكن الإحصائيات تحمل لك بارقة أمل; حيث إن70% من حالات الخيانة التي يقرر الزوجان الاستمرار بعد اكتشافها ويعقدان العزم علي تخطي الأزمة, تؤدي إلي تحسن علاقتهما عما كانت عليه قبل حدوث الخيانة لذلك أري أن جزءا كبيرا من الأزمة يتمثل في موقف أهلك الداعم للزوج والذي يدفعك لمزاولة حياتك معه بلا قيد أو شرط يضمن التشخيص السليم ومن ثم الحل, لذا يجب عليك إقناع أهلك بأهمية الفحص الطبي وبخطورة استمرار مثل تلك الخيانات علي الأسرة جميعا, فإن لم يتغير موقفهم تمسكي بحقك في حياة متوازنة وصحية لك ولأولادك بفك شفرة علاقتك مع زوجك!.