أصيب باكتئاب شديد فانطوي علي نفسه وساءت بعدها أحواله الصحية والنفسية, فحاولت أسرته مساعدته علي اجتياز محنته وإدماجه من جديد في المجتمع من حوله واصطحبوه إلي أحد شيوخ المنطقة لمعرفة سبب معاناته وعلاجه من مرضه إلا أن محاولاتهم لم تنجح في انتشاله من حالته النفسية حتي صار ملازما للمنزل لا يخرج منه إلا قليلا, وفي كل مرة ينزل فيها إلي الشارع يطارده الصبية الصغار ويلقون علي مسامعه كلمات الاستهزاء والسخرية منه فيعود إلي منزل أسرته تسيطر عليه الأحزان شاعرا أن الجميع ممن حوله يلفظونه وانه لن يستطيع الاستمرار في الحياة علي هذا الدرب.. بدأ علي يجلس لساعات طوال بين أركان غرفته الضيقة تسيطر عليه الهواجس ينظر بعيون زائغة لا تستقر علي شيء يهذي بكلمات وعبارات غير مفهومة لا يبارح مكانه إلا قليلا, يذهب ويجيء في الغرفة داخل الشقة ويحني رأسه يمينا ويسارا وهو يضع يديه علي أذنيه محاولا كتمهما كل فترة كان الشاب يسمع صوتا دويا أحيانا أشبه بالفحيح في أغلب حالاته... نصح الجيران أسرته باصطحابه إلي أحد الأطباء النفسيين لعلاجه من الاضطرابات التي يعاني منها إلا أن حالته لم تتحسن بالشكل الملحوظ بل تدهورت إلي الأسوأ.. لم يرحم المجتمع من حوله سوء حالته حيث أصبح ينعته أطفال الحي الذي يقيم به بالعبيط كانت تلك الكلمة تثيره بالجنون يمسك بالحجارة ويعدو وراء من ينعته بها.. وفي إحدي الليالي حالكة السواد أثناء تجوله في شوارع المنطقة هائما علي وجهه يجرجر قدميه بصعوبة سبه أحد الأطفال وبدأ يجري خلفه للامساك به بعد اعتياد الطفل علي السخرية منه في كل مرة أثناء سيره في الشارع إلي أن تمكن المهتز نفسيا من الإمساك به.. كان اللواء محمد منصور مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة قد تلقي إخطارا من نائبه اللواء هشام لطفي يفيد بورود بلاغ إلي المقدم وسام عطية رئيس مباحث قسم المعصرة من عبد الباقي محمد خليفة57 سنة ومحمد سيد شرف الدين47 سنة والمسئولين عن حراسه مقابر المعصرة في الوصلة بين كورنيش الاوتوستراد دائرة القسم بعثورهما علي جثه لطفل داخل أحد المقابر بالمنطقة تحت حراستهما وبانتقال رجال مباحث القسم بقيادة العقيد حازم سعيد مفتش المباحث لمناظرة الجثة تبين أنها لطفل مجهول الهوية يبلغ من العمر حوالي9 سنوات في حاله تعفن يرتدي بنطال ترنج اسود بخط ازرق وبلوفر احمر وتي شيرت ازرق وملابس داخليه عبارة عن شورت ابيض وفانلة بيضاء ويرجح أنه قد مضي علي وفاته أسبوعان.. تم تشكيل فريق بحث أشرف عليه اللواءان محمد منصور مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة وأحمد الألفي مدير إدارة المباحث الجنائية باشره العميد هشام قدري رئيس مباحث قطاع الجنوب ضم ضباط مباحث فرقة حلوان بقيادة العقيد حازم سعيد مفتش المباحث لكشف غموض الواقعة والقبض علي المتهمين حيث تم وضع خطة بحث اعتمدت علي فحص حالات الغياب بدائرة القسم.. وتبين لفريق البحث ورود بلاغ من أحمد عبد الكريم34 سنة عامل سيراميك بغياب نجله السيد أحمد9 سنوات طالب بالصف الأول الابتدائي بمدرسة الخلفاء الراشدين ومقيم دائرة القسم والذي تتشابه أوصافه مع أوصاف الجثة المعثور عليها وتعرف علي ملابس المجني عليه وأقر بأنها ذات الملابس الخاصة بنجله التي كان يرتديها وقت غيابه..وبتكثيف إجراءات البحث وردت معلومات تفيد أن المتغيب شوهد بصحبة المدعو علي محمود29 سنة ومقيم دائرة القسم يعاني من إضطرابات نفسية في وقت سابق علي غيابه وأنه وراء ارتكاب الواقعة.. عقب تقنين الإجراءات واستصدار إذن من النيابة وبإعداد الأكمنة اللازمة بالأماكن التي يتردد عليها أسفر أحدها عن ضبطه وبمواجهته اعترف بارتكابه الواقعة وأضاف بأن المجني عليه دائم التعدي عليه بالسب والشتم والاستهزاء به مما يسبب له هياجا عصبيا نظرا لمعاناته من إضطرابات نفسية فقرر التخلص منه حيث قام باصطحابه لمنطقة المقابر وقام بضربه بإناء زرع من الفخار الثقيل علي رأسه ثم قام بتجريده من ملابسة ودفنه داخل المقبرة محل العثور. ارشد المتهم عن الأداة المستخدمة في الحادث عبارة عن حطام إناء فخار عليها آثار شعر آدمي و تي شيرت موف اللون خاص به ملوث بالدماء وعثر عليهما بمكان إخفائهما داخل المقبرة محل الواقعة.. تم تحرير محضر للمتهم وبإخطار اللواء خالد عبد العال مساعد أول الوزير لأمن القاهرة أمر بإحالته للنيابة التي تولت التحقيق.