لم يعد من المجدي الآن أن نعامل بمنطق ان الغاية تبرر الوسيلة مهما كان نبل تلك الغاية, فالوسيلة يجب ان تكون بحد أدني من الراحة ومن مواصفات الأمان ومن طرق معلومة ومحددة السرعة والزمان, حتي لا نفاجأ بأننا كنا ندور في حلقة مغلقة ونعود بعدها لنقطة البداية مهزومين أو مأزومين كما هي الحالة العامة الآن والتي رصدها تقرير السعادة من الأممالمتحدة لهذا العام وتصنفينا بأننا في المرتبة الرابعة بعد المائة بين شعوب العالم التي تتمتع بالسعادة ويسبقنا بمراحل في هذا الترتيب ليبيا والصومال! والتقرير رغم أهميته يبدو انه لا يهم حكومتنا وتعتبره رفاهية لا تليق بنا ولا بوقارنا كفراعنة سابقا ومحتلين من دول العالم لاحقا وأصحاب ثورة حاليا ان ننشغل بهذه التفاهات التي من شأنها ان تكدر الصفو العام, فما دخلها الأممالمتحدة ان كنا سعداء أم تعساء! اكتئاب الشعب هو الإنجاز الوحيد الملموس للحكومة والبرلمان علي حد سواء الذي لا يمكن لجاحد أن ينكره والذي وصل الي الأممالمتحدة في تقريرها لهذا العام وبذلك التقرير الذي يضعنا في ذيل قائمة الشعوب السعيدة ونحن الشعب الذي لا يجيد ولا يتميز بشيء أكثر من خفة الظل حتي كان الوصف الاكثر تعبيرا عنا اننا شعب ابن نكتة حتي في أحلك الظروف وفي اعتي النظم الحاكمة دكتاتورية والذي ترصده حتي صور موجودة علي جدران المعابد منذ الفراعنة وتشهد مجلة ابو نظارة النقدية الفكاهية ليعقوب صنوع ومجلات الكشكول والبعكوكة والفكاهة ان مصر كان بها مجلات متخصصة للفكاهة ورسم الابتسامة, هذه الإصدارات التي اختفت مع الوقت ليحل محلها صحف وأخبار الحوادث والجريمة بمصر! الدين أم السياسة هو من خنق الضحكة في قلوب المصريين؟ ومن يملك شجاعة الاعتراف بأننا في منطقة ضبابية لا يتسلل إليها شعاع شمس ليضيئها, هل نحن ضحايا دين احتكر ناصيته كل من حمل إلينا عسره ومحرماته ومغالاته فأصبح الطريق الي الجنة مفروشا بسجادة الدم الحمراء, ام نحن ضحايا نظم حاكمة لم تر فينا الا شعبا طفلا لا يحق له اتخاذ قرار وتولت عنه اختيار كل شيء يخصه وتحكي له في آخر اليوم حدوتة بكره الأحسن او حواديت أمنا الغولة أو من يترصدنا من خلف القارات! والتفاصيل غير مهمة إلا لصناع القرارات الذين يجدون ان في تلك الأسرار ما لا يجب ان يطلع عليه الشعوب الأطفال, خاصة الذين ثبت مع الوقت أنهم مشاغبون يثيرون الفوضي ويطالبون بالحلوي مثل باقي الأطفال. ان أزمة الشعب الكبري مع الكبار فهم يوهموننا في كل الأوقات بأننا اصبحنا كبارا ونستطيع تحمل الأزمات وفي لحظة يسحبون منا الثقة ويتخذون نيابة عنا كل القرارات والمناشدة بشد الحزام وعلموا أولادكم التقشف والمقاطعة للحوم والأسماك وكافة البروتينات والبقوليات فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان! والخلل الاقتصادي سيظل دائما مقرونا بالخلل الاجتماعي فالشعب الذي يفقد مع الوقت ثقته بنفسه خاصة مع تكرار الرسائل السلبية التي توجه اليه والتي يدرك اي قائد محارب انها بداية الهزيمة في أي معركة ان تبث بين الجنود مدي ضعفهم وقلة حيلتهم ومدي عوزهم وحاجتهم من شأنه أن يصيب بالاكتئاب ولن يري احد نصف الكوب الملآن ولا حتي نقطة الماء. بلاغ إلي من يهمه الأمر عن اختفاء السعادة والابتسامة بمصر في ظروف غامضة.