تحتل قضية محاربة الفساد أولوية كبري لدي المصريين بعد الثورة خاصة بعدما تم الكشف عن حجم الثروات الهائلة للمسئولين السابقين بدءا من الرئيس السابق وحتي رؤساء الهيئات والمراكز ورجال الاعمال كما أصبحت محاربة الفساد في القطاع العام من اهم القضايا التي تشغل تفكير الحكومة الحالية حتي لا يتم اهدار المليارات من الموازنة العامة للدولة لصالح أشخاص بعينهم مثلما كان يحدث في السابق وهو ما وضح جليا في تصريحات الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء أثناء زيارته لقطر التي أعلن فيها عن إنشاء كيان يهدف إلي حماية المال العام ومكافحة الفساد له جميع الصلاحيات والاستقلالية وتم اختيار شخصية محترمة لرئاسة هذا الكيان' الجهاز' إلا أنه فضل عدم ذكر اسم تلك الشخصية. ورغم أهمية هذا الجهاز إلا أن أسئلة عديدة دارت في أذهان الشارع الاقتصادي الذي أعرب عن تخوفاته من تكدس الدولة بالاجهزة الرقابية دون أي جدوي حقيقية لأن مصر تمتلك اكثر من30 جهازا تتبع4 أجهزة كبري, وهي الجهاز المركزي للمحاسبات التابع لرئاسة الجمهورية الذي تم إنشاؤه عام1942 م تحت اسم' ديوان المحاسبة'; بهدف الرقابة علي أموال الدولة وأموال الأشخاص العامة, ثم توسعت اختصاصاته لتشمل كل المؤسسات والهيئات والنقابات وكل ما يتعلق بالمنح والقروض وجهاز الرقابة الإدارية والذي بدأ عمله منذ عام1958 م كقسم تابع للنيابة الإدارية ثم انفصل عنها عام1964 م, ومهمته كشف وضبط الجرائم التي يقع فيها العاملون داخل الحكومة, والتي تتنافي مع أداء الوظيفة العامة, مثل الرشوة, واستخدام السلطة حسابات شخصية, وهو يتبع رئيس الوزراء كما يوجد جهاز مباحث الأموال العامة التابع لوزارة الداخلية, وجهاز الكسب غير المشروع, التابع لوزارة العدل, بالإضافة إلي هيئة الأمن القومي, والتي تتبع رئيس الجمهورية. خطوة تأخرت ومن ناحية أخري, أكد الخبراء أن إنشاء جهاز مستقل لحماية المال العام هي خطوة تأخرت كثيرا وكان يجب إنشاؤه منذ سنوات عديدة موضحين أن هذا الجهاز موجود في أغلب دول العالم الكبري لتوحيد الاهداف الاقتصادية والاجتماعية لادارة كافة أصول الدولة. وأوضح الدكتور عاطف النقلي استاذ الاقتصاد والتشريعات المالية وعميد حقوق الزقازيق أنه في حالة إنشاء هذا الجهاز لن تتضارب صلاحياته مع الأجهزة الأخري كما يعتقد البعض حيث أن الجهاز المركزي للمحاسبات أقرب مايكون لمراقب الحسابات الذي يقوم بمراجعة ميزانيات الشركات والوزارات أما هيئة الرقابة الادارية فهي جهة تحريات وليست منوط بها الرقابة علي كيفية ادارة الاموال. واقترح النقلي أن يكون لجهاز حماية المال العام الصلاحيات القانونية والادارية للرقابة علي كيفية ادارة المال العام بحيث يكون العاملون به لديهم القدرة والكفاءة الاقتصادية التي تمكنهم من معرفة ما اذا كانت الادارة الاقتصادية للمال العام تتم وفقا للأعراف الاقتصادية وأنها تحقق الأهداف الاقتصادية الكلية للاقتصاد القومي. أضاف أن هذا الجهاز لابد وأن يقوم بدور فعال في التأكد من كيفية الانفاق الحكومي علي المشروعات العامة والتأكد من جدواها الاقتصادية وسلامة الاجراءات القانونية والاشتراك في رسم السياسة المالية للدولة ومن ثم كيفية وضع تقديرات الموازنة العامة لان كثيرا من عمليات إهدار المال العام كانت تتم من خلال وضع سياسات مالية خاطئة تتسم بارتفاع تكلفة هذه السياسات والمخاطر المالية المرتبطة بها هذا الي جانب الرقابة علي كيفية قيام شركات قطاع الاعمال العام بتنفيذ مشروعاتها والتأكد من ان استثماراتها تنصب وتتسق مع الاهداف الاقتصادية للدولة والاشراف علي كيفية انفاق وادارة المنح الاجنبية المقدمة للوزارات الحكومية والتأكد من انفاقها في المجالات المخصصة لها كما أشار النقلي الي أهمية تكثيف الرقابة علي مرتبات ومكافآت رؤساء الهيئات والاجهزة الحكومية وأعضاء مجالس ادارتها بحيث يتم وضع حد أقصي مع مراعاة تحديدها علي أساس نتائج اعمال الشركات. جهاز مستقل ويري الدكتور أشرف جمال الدين الرئيس التنفيذي لمركز المديرين وحوكمة الشركات أن اغلب دول العالم أنشأت جهازا مستقلا لادارة اصول الدولة بهدف تحقيق الاهداف الاقتصادية المنوط بها وقال أن أحد أهم أسباب انتشار الفساد في شركات قطاع الاعمال العام والأجهزة والهيئات الحكومية هو عدم وجود ممثل واحد عن أصول الدولة يضع سياسة وأهدافا موحدة لكيفية الادارة وتحديد الأجور ومعايير الرقابة وبالتالي فإن عدم وضوح الهدف من وجود تلك الاصول ترك الباب مفتوحا أمام تلاعب الفاسدين دون مساءلة وهو مايمثل خطورة علي المال العام خاصة وان إجمالي رؤوس الأموال العامة المستثمرة بكافة الشركات المشتركة بين القطاع العام والخاص يبلغ حوالي59 مليار جنيه منها10.6 مليار تخص شركات قطاع الأعمال العام و35 مليار جنيه تخص شركات القطاع العام والباقي يخص جهات عامة أخري كما أن هناك662 شركة مشتركة تضم حصصا للمال العام منها198 شركة تزيد حصة المال العام بها عن50% من رأس المال بينما هناك336 شركة يسهم في رؤوس أموالها قطاع الأعمال العام وتضم370 ممثلا للمال العام. وقال إن مرحلة النظام السابق كانت قد شهدت كثيرا من الفساد في ادارة اصول الدولة وخاصة شركات قطاع الاعمال العام التي كان يستغلها المرشحون لعضوية مجلس الشعب في تشغيل الشباب بهدف الدعاية الانتخابية او التمييز في الأجور والمكآفات والترقيات مما يعظم من أهمية إنشاء جهاز مستقل لحماية المال العام مؤكدا أن مصر بعد الثورة تحتاج الي اقتصاد جيد وادارة جيدة دون افتعال وظائف عمل او إنشاء وظائف وهمية غير انتاجية.