نحن جئنا بتفكير شعري وموسيقي مغايرة.. غيرنا كل شيء, لماذا؟ لا أدري.. تأثرنا بعبد الوهاب تأثرنا بسيد درويش تأثرنا بالعديد من الفنانين لكن عندما جئنا نكتب كتبنا الخاصة.. ورأينا علي الفنان أن يقول جديدا أو ليصمت. هكذا تكلم الرحبانية عن فنهما, وهكذا استطاعا أن يكونا نسيجا خاصا في تراث الأغنية العربية. اليوم تحل الذكري88 لميلاد عاصي الرحباني الشقيق الأكبر في الثنائي اللبناني الأشهر. عاصي الذي وجد عشر ليرات في مقهي والده حنا إلياس الرحباني في مدينة بنطلياس فاشتري بها آلة كمان بدأ بها طريقه للموسيقي. عاصي الذي بدأ حياته في سلك الشرطة, وهو ما منعه من الغناء والموسيقي فترة حتي استقال مع شقيقه الذي كان يلازمه في كل شيء حتي البوليس, ثم قرر احتراف الموسيقي وتأليف كلمات الأغاني. وفي عام1955 يتزوج عاصي رحباني من نهاد حداد التي نعرفها باسم فيروز, وهي المطربة الوحيدة التي يمكنها منافسة أم كلثوم في الشهرة واعتزاز بني قومها بها. وكون الثلاثة( عاصي ومنصور وفيروز) فرقة موسيقية بدأت من الصفر, من أغاني التراث, وإعادة تقديمها, ثم لم يتركوا مسلكا في الموسيقي دون أن يسلكوه, وفي عام1960 اتجه الثلاثة اتجاها آخر جعل أسهمه تعلو في عالم الموسيقي والغناء, وهو المسرح الغنائي الذي اشتهروا به. قدم الرحبانية مع فيروز عشرات المسرحيات, ومئات الأغنيات, التي كانت من أفضل ما عبر به اللبنانيون عن أنفسهم, وفي أثناء الحرب الأهلية اللبنانية كانت الطوائف اللبنانية تقتتل في الشوارع بينما يعودون في المساء لا شيء يجمعهم إلا صوت فيروز. دخل الرحبانية عالم الأغنية المصرية من باب محمد عبد الوهاب, فقد حدث تبادل ما فلحن عبدالوهاب لفيروز, في حين تم السماح لهم بالدخول إلي مصر. وكانت أول ثمار هذه الاتفاقية أغنية إسهار التي لحنها عبدالوهاب لفيروز, وأغنية ضي القناديل التي قدمها الرحبانية لعبدالحليم والتي حملت, ويا للعجب اسم عبدالوهاب كملحن, في حين بقي اسم الرحبانية كمؤلفين وموزعين للعمل. ثم قدما أغنيات لعدد من المطربين المصريين منهم نجاة الصغيرة وهي أغنية دوارين في الشوارع, وكذلك عفاف راضي التي يقال إنها تقدمت بالأساس للجمهور لمنافسة فيروز, فلحنا لها غرب الجزيرة الهوي, ويا وابور الساعة12. غير أن المفاجأة التي قد يتعجب لها محبو الموسيقي والغناء هي أن الرحبانية قدما ألحانا غنتها المطربة ليلي نظمي, التي كانت دارسة متعمقة للموسيقي, كما أنها صاحبة تجارب في التأليف والتلحين. غنت نظمي من ألحان الرحبانية لتؤكد أنهما كانا قادرين علي تلحين ما يشاءان من موسيقي, ولو أرادا تلحين الجريدة لفعلا. ولكن أجمل إنتاج مشترك بين فيروز وعاصي الرحباني هو ابنهما زياد رحباني الذي قدم تجربة غنائية متفردة, تليق بملحن قام بتلحين أغنية مثل سألوني الناس وهو في الخامسة عشرة من عمره.