حضرت اجتماعا لانتخاب مقرر إحدي اللجان الدائمة للترقيات الجامعية وكم كانت دهشتي أن تكون النتيجة التعادل بدون أهداف بين من يريد الالتزام ومن يريد أن يبقي الوضع علي ما هو عليه من تجاوز مقيت تحت دعوي التيسير( والتيسير من ذلك براء) فالواجب هو التيسير في الالتزام وسرعة الإنجاز. كانت دهشتي من وجود نفر وقفوا بجانب الحق وليس العكس مع أن كل الشواهد بل ونصائح البعض أن ينسحب المنافس الجديد من الحلبة, ورغم هذا الأمل الذي لاح في الأفق فإن الواقع دحضه في انتخابات الإعادة بعد أسبوع, حيث تمكنت المجموعة القديمة من استقطاب أحد مؤيدي التقدم خطوة للأمام لتفوز المجموعة القديمة بفارق صوت واحد! كان أجمل تعليق من الفريق الخاسر أن تعليقات من ربحوا بدت وكأن الأمر معركة وليس آلية لتقديم خدمة بدون مقابل مادي, ولكن تحزب أغلب المجموعة القديمة جعلني أفكر في الأمر لأكتشف( وكأنني لم أكن أعرف) أنها تضم أغلب رؤساء القسم السابقين وكأننا فعلا في مواجهة بين فليبقي الوضع علي ما هو عليه وبين التقدم خطوة للأمام لإيقاف مسلسل عدم الانضباط الذي لا يمكن إثباته لعدم وجود شهود عدول في أغلب المواقف. وتذكرت كيف يتم الاستحواذ علي آليات التسلط علي الآخرين وتكوين مراكز القوة, وتذكرت أن المعسكر الخاسر كان واضحا في الوعد بالانضباط في العمل مستشهدا بتاريخه وعلي الجانب الآخر لم يكن ثمة أسلوب سوي: يبقي الوضع. وتذكرت أن أغلب الأعمال الجامعية لم يوضع لها معايير للاختيار فالانتخاب آلية وليست معيارا! ذكرني الموقف بأنه منذ فترة صدمت إحدي السيارات سيارتي ولاذت بالفرار وحينما أردت تحرير محضر بالحادثة سألني الأمين هل هناك شهود قلت نعم فأعاد علي السؤال منبها أن الشاهد قد لا يقول الحق وبالتالي تنقلب القضية ضدي ودارت في ذهني العلاقات الطائفية التي يمكن أن تغير المواقف فآثرت التراجع عما أقدمت عليه محاولا أخذ حقي بالذهاب لأحد كبرائهم وبعد أن أبدي لي تعاطفا مع الموقف لإمكانه إحقاق الحق إلا أنه تهرب لاحقا من وعده! في كلا الموقفين تذكرت إحدي الأغنيات اللبنانية: غابت شمس الحق وصار الفجر غروب, وانشق صدر الشرق وسكرت الدروب, والعدل المصلوب ينزف السلام, نرفض أن نموت وقلوا لهن سنبقي! ولكنني في هذه المرة تمددت ذاكرتي لأستمتع بكلمات الأغنية اللبنانية: منتصب القامة أمشي, مرفوع الهامة أمشي. في ليلة انتخابات الإعادة تم تغيير رئيس الجامعة في خطوة غير مسبوقة خلال العام الجامعي ولكن يبدو أن الأمر جلل مما استدعي تلك الخطوة. في تلك الأجواء جرت انتخابات الإعادة في تلك اللجنة التي شرفت بعضويتها واستبشرت بالوضع إلا أن كلمات شاعرنا بيرم التونسي رنت في أذني بعدما انتهت انتخابات الإعادة: لا تقل ضاع الرجاء إن للباطل جولة, في طريق النصر لن نحني الجبين, لن يهون العزم فينا لن يهون, أرضنا للحق مهد وانتصار الحق وعد, لم يدم للظلم عهد لم تعش للظلم دولة, إن للباطل جولة. جعلتني تلك الكلمات أفكر في آليات اختيار القيادات في مختلف أعمالنا فحين نقارن موقعنا من الإعراب نجد أن طينة أمتنا وشعبنا سخية وأنه قد أضاف علي مدار التاريخ فلماذا لا يضيف الآن؟ القضية تتطلب تكاتف الجميع لتدارك الأمر. شاركت منذ عدة سنوات في لجنة جامعية لوضع معايير اختيار القيادات إلا أنها وئدت بعد عدة اجتماعات ولم تستكمل عملها ليبقي الجرس في رقبة أساتذة الجامعات لتنمية الوطن.