كشف احدث تقرير للبنك المركزي عن أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة إلي مصر تراجعت خلال الربع الأول من العام المالي2010-2011 بنسبة بلغت34.1 % لتصل إلي1.5 مليار دولار مقابل2.4 مليار دولار في الربع الرابع من2009-2010. وهو ما أكده الخبراء نظرا لغياب الاستقرار الامني والسياسي وهو الامر الذي يؤدي الي تخوف المستثمرين علي استثماراتهم في مصر وتوقع الخبراء استمرار تراجع الاستثمارات حتي تستعيد مصر استقرارها الامني والسياسي مرة أخري بعد انتخاب رئيس الجمهورية ومجلسي الشعب والشوري. واشار الدكتور صلاح الدين فهمي رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الازهر الي ان مناخ الاستثمار منذ عام2000 والسنوات التالية عليه بدأ في الارتفاع تدريجيا حتي وصل لأعلي معدل له عام2007 وبلغت الاستثمارات الاجنبية المباشرة نحو12 مليار دولارفي ظل الحوافز التي تم تقديمها للمستثمرين ومنها التخفيضات الضريبية والتي ادت الي حدوث طفرة في الاستثمارات الاجنبية المباشرة الوافدة الي مصر ولكن في عام2008 حدثت الازمة المالية العالمية في الولاياتالمتحدة وتأثرت بها جميع دول العالم نظرا لان العالم تحول في ظل العولمة الي قرية صغيرة وهو الامر الذي ادي بدوره الي تأثر السوق المصرية وانخفاض حجم الاستثمارات الاجنبية في مصر. وأضاف فهمي انه كان من المفترض ان تنتهي تداعيات الازمة المالية العالمية علي السوق المصرية في بداية العام الحالي وتعاود الاستثمارات الاجنبية المباشرة في الارتفاع مرة آخري والتي وصلت قبل الثورة إلي حوالي7.5 مليار دولار ولكن نظرا لقيام ثورة25 يناير وتداعيات السلبية من انفلات امني واضطرابات سياسية جعلت المناخ الاستثماري غير موات لجذب الاستثمارات الاجنبية وهو ما أدي الي تراجعها. وأوضح فهمي ان العالم مازال مترقبا بعد قيام الثورة في مصر والاضطرابات السياسية التي تشهدها الدول العربية متوقعا استمرار اتجاه الاستثمارات الاجنبية المباشرة في الهبوط حتي يعود الاستقرار مرة أخري للبلاد, مشيرا الي ان الثورة لها العديد من الايجابيات ولكن سلبياتها من الانفلات الامني وتوقف حركة الانتاج والاعتصامات والمطالب الفئوية اثرت بشكل قوي علي الاقتصاد المصري وعجلة التنمية. وشدد الدكتور صلاح الدين فهمي علي ضرورة اتخاذ الحكومة كل الاجراءات والتدابير اللازمة التي تؤدي لدوران عجلة الاقتصاد مرة أخري, مؤكدا ان الاقتصاد المصري يعتبر من الاقتصاديات الواعدة وهو الامر الذي يمكنه تحويل مصر لنمر أفريقي علي غرار النمور الاسيوية,مشيرا الي ان الاقتصاد المصري كان يحقق معدلات نمو مرتفعة في ظل الفساد المالي وبالتالي فان الاقتصاد المصري يمكنه تحقيق طفرة حقيقية خلال الفترة المقبلة والتي ستعود بالنفع علي المجتمع ككل. وقال فهمي ان الاقتصاد المصري في الوقت الحالي يحتاج إلي تضافر كافة الجهات في الدولة من حكومة وقطاعي الاعمال العام والخاص لدفع عجلة التنمية للامام فلن يستطيع الاقتصاد المصري استعاده قوته بدون مشاركة حقيقية وفعالة بين ابناء الوطن من جميع الجهات وهو الامر الذي يشجع رءوس الاموال الاجنبية للاستثمار في مصر, مشيرا الي ان الاستثمار الاجنبي يعتبر اضافة للاقتصاد القومي لا يمكن الاستغناء عنه ولكنه لا يعتبر عماد الاقتصاد القومي والذي لابد ان يقوم من خلال قطاعي الاعمال العام والخاص المحليين. وأكد نبيل الشيمي وكيل وزارة التجارة السابق ان المستثمر يفضل الاستثمار في المناطق الامنة والتي تضمن استرداد رءوس امواله وتحقيق عائد من جراء هذا الاستثمار وهو الامر الذي ادي لتراجع الاستثمارات الاجنبية المباشرة الوافدة لمصر, مشيرا الي ان هذا التراجع لم يكن وليد الثورة ولكنه كان هناك شعور قوي ان مصر في طريقها لحدوث اضطرابات سياسية في ظل تفشي الفساد والقمع من قبل النظام السابق ومن ثم بدأ بعض المستثمرين في تصفية اعمالهم بالبورصة المصرية واستثماراتهم المباشرة. وأشار الشيمي الي ان المستقبل امام مصر مشرق وستزيد الاستثمارات الاجنبية بشكل تدريجي وذلك مع بدء استقرار الاحوال السياسية في البلاد, موضحا ان الاستثمارات جزء من البنية الاساسية للاقتصاد والتي تعتبر متشعبة في قطاعات عديدة ومنها المشروعات الاستهلاكية والخدمات الفندقية والمشروعات الاستراتيجية كمصانع الاسمنت والمواد الغذائية والتي ستبدأ في التوسع فيها مع وجود وضع امني مستقر. وأضاف الشيمي انه ستكون هناك استثمارات جديدة وافدة من الدول العربية خاصة وان شروط مصر في مجال الاستثمار ميسرة وليست كشروط الدول الاوروبية فمصر يمكن اقامة مشروعات الاسمنت والبتروكيماويات والتي تعتبر مرفوضة في الدول الاوروبية, كما ان مصر تتوافر بها الايدي العاملة رخيصة الثمن مقارنة بالدول الاخري, كما ان قانون الاستثمار رقم8 لسنة1998 به العديد من المزايا للمستثمرين ومنها انه لا يجوز مصادرة اموال المستثمر او تجميد الارصدة الخاصة به كما انه لا يجوز فرض التسعير الجبري علي السلعة التي يقوم بصنعها وغيرها من المميزات التي يتيحها القانون المصري. واشار الشيمي الي ضرورة التنسيق بين المستثمروالجهات المعنية في الدولة لتوجيه الاستثمارات للصناعات والمشروعات التي بها عجز وتحتاجها السوق المحلية والتي تعمل علي استيعاب العمالة المرتفعة, مشيرا الي ان قوة الاقتصاد القومي لا تكمن في معدلات النمو التي يحققها ولكنها تتمحور في مدي تحقيق معدلات تشغيل تعمل علي استيعاب القوي العاملة والحد من البطالة.