مع تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب مهامه رسميا في غضون أسابيع قليلة وتحديدا في20 يناير المقبل, ليدير شئون أكبر دولة في العالم من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض, سيكون علينا أن ندرك أننا سنتعامل وقتها مع الرئيس ترامب, وليس المرشح للرئاسة أو حتي الرئيس المنتخب. وحتي نتبين علي أي أساس سيكون تعاملنا مع الرئيس ترامب وإدارته الجديدة, علينا أن نسترجع أولا كيف كان ينظر المرشح ترامب إلي قضايا منطقتنا, وبعدها يمكننا أن نتوقع كيف ستكون توجهات إدارته نحو الشرق الأوسط. احتلت ثلاث قضايا شرق أوسطية رئيسية جزءا كبيرا من حملة ترامب الانتخابية, وهي: الاتفاق النووي الإيراني, والأوضاع في سوريا, ومواجهة تنظيم داعش.. كما حظيت قضية التدخل العسكري الأمريكي في ليبيا2011 بجانب كبير من الهجوم المكثف الذي شنه علي هيلاري كلينتون, وحملها مسئولية تحول ليبيا إلي دولة فاشلة. ويمكننا, في ضوء الاهتمامات التي كانت حاضرة في خطابات ترامب الانتخابية ان نتوقع ملامح السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية الجديدة تجاه منطقة الشرق الأوسط, والتي سيأتي في مقدمة أولوياتها مواجهة داعش والقضاء علي هذا التنظيم الإرهابي, مع الأخذ في الاعتبار أن ترامب طرح رؤيته في التعامل مع هذا التنظيم في ورقة السياسات الرئيسية المنشورة علي موقع حملته الانتخابية, بعنوان فهم التهديد: الإسلام الراديكالي, وعصر الإرهاب ويقول فيها إنه سيدعو إلي مؤتمر دولي بشأن التعامل مع داعش, وسيعمل مع الدول الحلفاء في المنطقة, خاصة إسرائيل ومصر والأردن, وكذلك حلف الناتو الذي سيعمل علي دفعه للعب دور في مواجهة داعش. إلا أنه من السابق لأوانه, معرفة مدي استعداد ترامب لتنفيذ ما سبق وأعلنه عن ضرورة إرسال قوات عسكرية أمريكية قوامها ما بين20 إلي30 ألف جندي لمواجهة داعش. أما بالنسبة للموقف في سوريا, فان ترامب غير مقتنع بالسياسات الأمريكية المتعلقة بدعم المعارضة السورية, كما أن موقفه من الرئيس بشار الأسد يختلف عن موقف إدارة أوباما, فهو يري أن المشكلة الرئيسية في سوريا تكمن في التنظيمات الإرهابية المتطرفة, خاصة تنظيم داعش وجبهة النصرة, وليس الأسد. وفي موقف مناقض أيضا لموقف إدارة أوباما, يري ترامب أن هناك إمكانية للتعاون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين, لأنه يمتلك أوراق قوة في سوريا. وفيما يتعلق بالسياسات المرتبطة باللاجئين السوريين, يقول ترامب إنه علي استعداد لفرض منطقة حظر جوي فوق سوريا لحماية المدنيين السوريين, وتوفير منطقة آمنة لهم, بما يمنع تدفق اللاجئين إلي خارج البلاد. وفيما يخص إيران, لا يخفي ترامب رغبته في العمل علي إلغاء الاتفاق النووي الذي وقعته مجموعة(5+1) مع طهران, والذي أنهي أزمة البرنامج النووي الإيراني.. كما لا يخفي نظرته تجاه إيران باعتبارها دولة راعية للإرهاب, تعمل علي زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط. وهذا يعني أن العلاقات الأمريكية- الإيرانية مرشحة بقوة للعودة إلي مرحلة التوتر السابقة علي توقيع الاتفاق النووي الإيراني. يبقي ما يتعلق بقضية الشرق الأوسط الرئيسية, وهي القضية الفلسطينية, حيث من المتوقع أن تعود عملية السلام إلي صدارة المشهد مع سعي الإدارة الأمريكية الحديدة لإحراز أي تقدم في هذا المسار, بما يضيف لها, ولكن تبقي التساؤلات مطروحة عن جدية الطرف الأمريكي, خاصة عندما تثار تعهدات ترامب الانتخابية بنقل السفارة الأمريكية إلي القدسالمحتلة.