الداخلية: السجن والغرامة والترحيل ل25 مخالفًا نقلوا 103 أشخاص ليس لديهم تصريح بالحج    ميلوني تترك القرار بشأن رئاسة المفوضية الأوروبية مفتوحا    لامين يامال يصنع وكارفاخال يسجل هدف إسبانيا الثالث أمام كرواتيا    عاجل.. حجاج بيت الله يبدأون التوجه إلى مزدلفة بعد أداء الركن الأعظم    توقيع الكشف الطبى على 821 حالة خلال القافلة الطبية بإدفو في أسوان    85 ساحة لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك بمراكز الشباب والأندية ب كفر الشيخ    «من كل فجٍّ عميق».. السعودية تكشف عدد الحجاج هذا العام    إيرادات فيلم اللعب مع العيال في 3 أيام عرض    تحذير مهم من «الإفتاء» بشأن تلويث البدن والثياب والممتلكات بدماء الأضاحي    بعثة المجموعة الإنمائية «SADC» تطلع على التجربة المصرية في التعليم الرقمي    مساجد الإسكندرية انتهت استعداداتها لاداء صلاة عيد الأضحى    الهلال الأحمر الفلسطيني: الاستهدافات الإسرائيلية للمنشآت والمرافق تستهدف إبادة مقومات الحياة في غزة    عودة البريق لألبومات الصيف بموسم غنائى ساخن    ما أسباب تثبيت الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة؟.. خبير اقتصادي يجيب    لكل مشتاق لزيارة بيت الله الحرام.. شاهد| دعاء مؤثر لأزهري من جبل عرفات    د. أيمن أبو عمر: يوم عرفة فرصة للطاعة والتوبة    أسقف جنوب سيناء ووفد كتدرائية السمائيين يهنئون المحافظ بعيد الأضحى    قبل احتفالات عيد الأضحى.. احذر من عقوبات التنمر والتحرش والتعدي على الغير    بعد تريند «تتحبي».. تامر حسين يكشف تفاصيل تعاونه مع عمرو دياب للأغنية 69    محمد رمضان يشوق محبيه بطرح «مفيش كده» خلال ساعات | صور    عيد ميلاد صلاح.. عودة أوروبية وحلم إفريقي في عامه الجديد    وزير سعودي خلال زيارته للفلسطينيين في مكة: لا مكان لمن يقتات على الفتن في هذه البلاد المباركة    "الخضيري" يوضح وقت مغيب الشمس يوم عرفة والقمر ليلة مزدلفة    هل يجوز للحاج أن يغادر المزدلفة بعد منتصف الليل؟.. الإفتاء تُجيب    حزب المؤتمر يهنئ الرئيس السيسى والشعب المصرى بعيد الأضحى    «الغذاء والدواء السعودية»: شرب الماء بانتظام وحمل المظلة يقي الحاج الإجهاد الحراري    إحالة مديري وحدتي الرعاية الأساسية بالميدان والريسة ب العريش للتحقيق بسبب الغياب    مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحذر الحجاج من الوقوف في منطقة تقع على حدود جبل عرفات في السعودية ويشير إلى أنها "يفسد الحج".    محمد شريف يعلن تفاصيل فشل انتقاله ل الزمالك    خطبة وقفة عرفات الكبرى: الشيخ ماهر المعيقلي يخاطب أكثر من مليوني حاج    كم تكبدت الولايات المتحدة جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟    ميسي يتصدر قائمة الأرجنتين النهائية لبطولة كوبا أمريكا 2024    أردوغان: النصر سيكون للشعب الفلسطيني رغم همجية إسرائيل ومؤيديها    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    وزير الصحة السعودى: انخفاض حالات الإجهاد الحرارى بين الحجاج    الدفاع المدنى الفلسطينى: قطاع غزة يشهد إبادة جماعية وقتلا متعمدا للأطفال والنساء    عروض الأضحى 2024.. «يوم عاصم جدا» يعود من جديد على مسرح السلام    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري يوم السبت 15 يونيو 2024    مستشفيات جامعة عين شمس تستعد لافتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ والسكتة الدماغية    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج الترجمة التخصصية باللغة اليابانية بآداب القاهرة    موعد صلاة عيد الأضحى المبارك في بورسعيد    بقرار من المحافظ.. دخول ذوي الهمم شواطئ الإسكندرية بالمجان خلال العيد (صور)    خلال جولة مفاجئة.. محافظ المنوفية يوجه «منافذ الزراعة» بتتخفيض أسعار اللحوم (صور)    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    عن عمر يناهز 26 عاما.. ناد إنجليزي يعلن وفاة حارس مرماه    أخبار الأهلي : هل فشلت صفقة تعاقد الأهلي مع زين الدين بلعيد؟ ..كواليس جديدة تعرف عليها    طريقة عمل الجلاش باللحمة المفرومة، أكلة سريعة التحضير    تدعم إسرائيل والمثلية الجنسية.. تفاصيل حفل بلونديش بعد المطالبة بإلغائه    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 يونيو 2024    ميناء شرق بورسعيد يستقبل سفنينة تعمل بالوقود الأخضر    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    بقايا الجيل الذهبي تدافع عن هيبة تشيلي في كوبا أمريكا    وفد "العمل" يشارك في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي بجنيف    مصادر أمنية إسرائيلية: إنهاء عملية رفح خلال أسبوعين.. والاحتفاظ بمحور فيلادلفيا    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة المياه تدخل موسوعة "جينيس" بأربعة أرقام قياسية (فيديو)    يسع نصف مليون مصلٍ.. مسجد نمرة يكتسى باللون الأبيض فى المشهد الأعظم يوم عرفة    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    دي لا فوينتي: الأمر يبدو أن من لا يفوز فهو فاشل.. وهذا هدفنا في يورو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأملات
حضارية الإيمان‏..‏ والعمل في صمت‏..‏ و إنكار الذات بقلم‏:‏ سمير صبحي

ابن عبد الحكم رائد المؤرخين العرب‏..‏ والذي كتب كتابه الوحيد فتوح مصر والمغرب وفيه دون تاريخ مصر طوال الثلاثة قرون الأولي للهجرة ويكشف الدور الجليل الذي قامت به تلك البلاد في سبيل نشر العروبة والاسلام في كل من جاورها من دول‏.‏ كان الايمان‏..‏ والايمان وحده الإيمان الصادق هو خير رائد للإنسان وهو يشق طريقه في الحياة
وكان العمل الصامت هو عقيدته وأشد دويا من التزاحم في مناكب الحياة وأبقي أثرا من الجري وراء زخارف الدنيا وزينتها هكذا وصفه الدكتور ابراهيم العدوي‏.‏
كيف كان يفكر وكيف كان يعيش التاريخ ويكتبه فلسفة حياه‏..‏؟ أول اجابة‏:‏ أن هذا الرجل وسيرته جديره بأن تحتذي من أجل إنكار الذات والعمل في صمت وتجديد الحضارة العربية لتشارك في الحضارة العالمية التي هي من المفروض أن تكون هي التي نعيشها الآن‏.‏
يتحدث عن مصر وتاريخها ودورها السريع في ازدهار الحضارة العربية ونشر رسالتها‏..‏ فإذا طلت مصر تعتبر درة العالم قبل الاسلام‏..‏ فإنها أصبحت أغلي درة في الوطن العربي‏.‏ لقد انتشرت القبائل العربية في شتي أرجاء البلاد المصرية واختصت كل ناحية بقبيلة أو أكثر‏..‏ فسكن حول أسيوط عرب من جهينة وفي الفيوم نزل بنو كلاب وفي ميت غمر إلي زفتي سكنت جماعات من جذام واشتغل أكثرهم مشايخ للبلاد وخفراء وامتلكوا المزارع‏..‏ ثم انتقلت عن فزارة إلي الغربية وقليوب‏..‏ كما سكن الدقهلية عرب ينتسبون إلي قريش‏..‏ واستقر حول تنيس ودمياط قوم ينتسبون إلي هوازن‏..‏ وصار لهم شأن عظيم في تلك الارجاء‏..‏ واختصت مدن مصر بعدد كبير كذلك من العرب الذين رابطوا فيها للدفاع عنها‏..‏ من هذه المدن التي اعتبرها العرب من الثغور البرلس ورشيد والاسكندرية والبحيرة وإخنا ودمياط وشطا وتنيس والاشتوم والفرما والعريش واسوان وقوص والواحات
باختصار صار العرب يعيشون تماما بين المصريين سواء في المدن أو في القري وصميم الريف‏..‏ أخذت تقوي بينهم أواصر المودة والالفة
المهم واللافت للنظر ماقاله ابن عبد الحكم‏..‏ إن مصر لم تعرف الفتنة الطائفية‏..‏ في هذا الزمن المتقادم‏..‏ بل كان العكس‏..‏ كيف‏.‏
لقد وفد مع القبائل العربية كثير من مواليها الذين أسهموا بدورهم في الاشغال في جميع النواحي الاقتصادية‏..‏ وأنه بمرور الوقت لم يعد هناك اي تفرقة بين العرب ومواليهم في أرض الوطن الجديد‏..‏ مصر الجديدة‏..‏
اللافت أيضا أن حدة العصبية القبلية ضعفت‏..‏ بل بدأت تنتهي وتتلاشي‏..‏ وساعد هذا التطور المهم علي سرعة الامتزاج بين العرب والمصريين حتي أنهم وقفوا صفا واحدا أمام عنت الحكام الذين جنحوا أحيانا إلي الاشتطاط في جمع الضرائب أو التمادي في فرض أخري جائرة‏..‏ أحس الجميع عربا ومصريين أنهم أبناء وطن واحد‏..‏ في السراء والضراء‏..‏ واستوعبوا الدرس‏..!!‏
لم يكن ينتهي القرنان الأول والثاني للهجرة حتي ظهرت طلائع الجيل العربي في مصر قوية وواضحة
ذلك أن العرب احتفظوا للانتساب الي قبائلهم حوالي هذين القرنين من الزمان‏..‏ وحيث أوضحت معظم شواهد القبور التي اكتشفت منذ وقت قريب في مقابر اسوان والفسطاط ان اسم المتوفي يتبع اسم قبيلته خلال القرنين الأولين للهجرة‏.‏
اللافت للنظر أنه بعد قرار الخليفة المعتصم باسقاط العرب من الديوان‏..‏ نجد أن اسم القبيلة قد حل محله اسم الجهة أو الاقليم الذي ينتسب اليه المتوفي‏..‏ وصار يكتب فلان المصري اللافت للنظر أيضا أن المصريين اقبلوا علي تعلم اللغة العربية‏..‏ وظهرت ايات التجاوب الطيبة بين الجيل الجديد في مصر‏..‏ متمثلة في اعتزاز افراده دون نظر الي أصلهم الأول بوطنهم المصري‏..‏ وتعاونوا جميعا علي تدعيم أواصر القربي بينه وبين الوطن العربي الكبير‏..‏
في هذا الجيل بالذات بدأ انتشار اللغة العربية في مصر وهذه ظاهرة مهمة سجلها ابن عبد الحكم في أن مصر دون غيرها من البلاد التي شاركت في الانضمام الي دائرة العروبة‏..‏ فالشعب المصري وقف طوال تاريخه العريق‏..‏ وقفة عناد لكل لغة أجنبية يحملها اليه الدخيل من أمثال اليونان والرومان‏..‏ حتي إضطر أحد المعاصرين لهذه العصور إلي القول‏:‏ إذا أراد اليوناني أن يعلم المصريين شيئا من القانون فخير له أن يتعلم لغة المصريين حتي يستطيع أن يتفاهم معهم‏.‏ وفضلا عن ذلك أبطل المصريون اللغة اليونانية في الكنائس واستبدلوها باللغة القبطية‏..‏ علي ماحدث في القرن السادس الميلادي‏..‏ وهو القرن السابق مباشرة للفتح العربي في مصر‏.‏
ماذا حدث بعد ذلك‏..‏ إنه بانتشار القبائل العربية في أراضي مصر‏..‏ بدأ الناس يتعلمون اللغة العربية‏..‏ وساعد تعريب الكتابة في الدواوين علي سرعة تعلم اللغة العربية‏.‏
مثلا في سنة‏87‏ ه‏/706‏ م‏..‏ علي عهد ولاية عبد الله بن الملك بن مروان علي مصر كان اللافت للنظر تلك الحقيقة التاريخية أن كبير أقباط مصر المطران بنيامين الشهير قد شرح الانجيل باللغة العربية للاصبغ بن عبد العزيز بن مروان ابن والي مصر برغم أن المصريين الذين اعتنقوا الدين الاسلامي تعلموا اللغة العربية حتي يستطيعوا قراءة القرآن الكريم‏.‏ أكاد أشعر بأن اسم بنيامين هو اسم بن أمون‏!‏
الحقيقة ايضا كما يذكرها ابن عبد الحكم ان احد قضاة مصر العرب واسمه خير بن نعيم كان يسمع كلام القبط ويخاطبهم بلغتهم وكذلك الشهود منهم وبحكم شهادتهم‏.‏ وكان كثير من العرب يحضرون مجالس القبط‏..‏ ويتحدثون بالعربية والقبطية معا‏.‏
أكثر من ذلك‏..‏ هذا القارئ ورش واسمه الحقيقي عثمان بن سعيد المصري الذي انحدر من أصل قبطي وتعلم القراءة من الشيخ نافع وهو الذي لقبه بورش لشدة بياضه‏..‏ ويقال لأن الورش شئ من اللبن‏..‏ وقيل ولقبه ورشان‏..‏ وهو طائر معروف‏..‏ وقد أصبح بعد ذلك الشيخ العالم المصري هو الذي تولي رياسة القراءة في مصر‏.‏ كما اشتهر باجادة اللغة العربية‏..‏ توفي ورشان سنة‏197‏ ه‏/813‏ م‏..‏ تاركا وراءة تلاميذ نجباء منهم يعقوب الازرق الذي اتقن الاداء في الإقراء علي نحو ماتعلمه من استاذه
إنما مدرسة التاريخ في مصر اتسمت كثيرا عقب الفتح العربي‏..‏ خاصة بعد ابن عبد الحكم الذي أرخ أهم عصور اليقظة الفكرية في تاريخ الثقافة العربية‏..‏ وحتما كانت حركة الترجمة الي العربية قذ نشطت وترجموا أشهر مؤلفات أرسطوا الفلسفية وغيرها من كنوز العلماء اليونانيين القدامي وذلك مع ترجمة المؤلفات الفارسية والهندية
‏,‏ نظر المؤرخ ابن عبد الحكم الي تاريخ وطنه مصر بنظرة جديدة لم يسبقه أحد من معاصريه وهي ربط حاضر مصر المشرق في ظل العروبة بماضي هذه البلاد قبل الاسلام
وقد أخذ يكتب التاريخ والقصص عن مصر القديمة‏..‏ وتجلت براعته حينما استهل عرضه لاحداث مصر القديمة بأقوال الرسول الكريم تبين فضائل مصر وما اختصت به من مركز ممتاز وسط مجريات التاريخ العالمي القديم‏..‏ نراه يروي وصية الرسول يهيب فيها الصحابة بأهل مصر خيرا‏..‏ إذ قال صلي الله عليه وسلم إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا‏..‏ فإن لهم ذمة ورحما‏..‏ وحينما سأله بعض الصحابة لماذا؟ قال النبي صلي الله عليه وسلم‏.‏ أم اسماعيل عليه السلام منهم‏..‏ وأن سيدنا ابراهيم تزوج من أهل مصر وهي السيدة هاجر التي ولدت له إسماعيل عليه السلام وهو أبو العرب جميعا‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.