في مناسبة تخرجه الأول وقف الملياردير ستيف جوبز مؤسس شركة آبل للكمبيوتر وقائدها كنجم من نجوم التكنولوجيا وأسطورة حية أهدي إلي العالم الكمبيوتر الحديث. وقف جوبز مرتديا الجينز الأزرق أمام ثلاثة وعشرين ألفا من الطلاب والآباء والصحفيين والأصدقاء مجتمعين وقال في كلمة قصيرة: أود أن أحكي لكم اليوم ثلاث قصص من حياتي فقط لا أكثر وفي كلمة قصيرة حكي عن طفولته: كابن بالتبني وفي شبابه كفشله في الجامعة ثم عن إصابته بالمرض الخبيث. كان ذلك في عام(2005) وكان في الخمسين وكثيرا ما قورن جوبز بتوماس إديسون الذي أضاء العالم بالكهرباء..وهنري فورد قطب السيارات وكما أمدا العالم بالنور وبالحركة فقد أمده أيضا.. وحديثا بأعجب مخترعات العلم..الكمبيوتر الذي نقل العالم كله إلي عصر جديد. قرأت عن حياة هذا العبقري في كتاب يحمل اسمه وما أكثر الكتب التي كتبت عن حياته المدهشة. ولفت نظري في طفولته قصة صغيرة حكاها جوبز نفسه لصحفي في1985 قال: كان أبي الذي تبناني دقيقا في حرفته كنجاره.. يستطيع إصلاح أي شيء ويجعله يعمل وكان هذا الوالد يؤكد له دائما أهمية إنجاز الأمور بشكل صحيح..علي سبيل المثال علمه: حين تكون نجارا يصنع أدراجا لا تستخدم في ظهر الدرج رقائق من الخشب أبلاكاج حتي لو كان هذا الظهر مواجها للجدار ولن يراه أحد أنت سوف تعرف أنه موجود..ولذا عليك أن تستخدم قطعة جميلة من الخشب في الظهر. كان هذا هو الدرس الذي طبقه جوبز علي منتجات شركة آبل أشهر وأهم شركة لتكنولوجيا الكمبيوتر في العالم اليوم.. يقول جوبز: حتي تنام مستريحا في الليل يجب أن يأخذ الجمال والجودة مجهود النهار. هذه هي المقولة التي استوقفتني عند قراءة قصة حياته.. علمه أبوه أن يري الجمال كضمير داخله.. وكعين خارجه في صنع الدرج وهذه عين الفنان.. وحرص هو علي الجودة كأسلوب عمل في كل ما يعمل وهذه يد العامل الماهر.. وبذلك عاش مكتملا كعامل فنان.. أن تقف في نقطة التقاء الفن والعلم.. وهذا ما حققه في اختراعه لذلك الجهاز المعجزة الذي تضعه علي مكتبك أو تحمله كحقيبة والذي تسأله فيجيب ويتجول بك في كل مكان في العالم كما لو كان العالم كله داخله. فيما مضي كان العقل العربي الناطق بالعربية يفكر.. إذ كان عقلا قارئا مطلعا مفتوح الآفاق.. فشارك في مد العالم بالكيمياء والجبر والفيزياء وساهم في الحضارة الإنسانية واليوم يعود إلي الانغلاق.. إما بدافع الأفكار الحديدية التي يلبسها وتمنع عنه التفكير الطلق وإما نتيجة خوف المبدعين منهم.. وإما بسبب مناهج التعليم التي تضعها عقول غير مبتكرة.. ولهذا يعتمد العقل العربي علي منتجات العقل الغربي في كل وسائل حياته كسوق استيراد كبيرة لا تفكر في التصدير.