لليوم الثاني علي التوالي واصلت ندوة تطور العلوم الفقهية المنعقدة حاليا بسلطنة عمان تحت عنوان( الفقه الإسلامي في عالم متغير). وأكد الدكتور محمد كما الدين إمام أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية في بحثه الذي حمل عنوان( قواعد تغير الفتوي بين الحدث الكائن والزمن قراءة أصولية) أن تغير الفتوي يفرضه أمران الأمر الأول شمول الشريعة الإسلامية وصلاحيتها لكل زمان ومكان والثاني تجدد الوقائع في زمن القادم فيه مجهول لأن المستقبل في عالم الواقعات غير معلوم, وكما يقول يحيي محمد في كتابه( جدلية الخطاب والواقع) إن تغير الفتوي تارة تستند إلي ما قد يؤثر علي دليل شرعي أقوي من النص والقياس وما إليه مما ليس له علاقة بالواقع. واشار الدكتور محمد كمال إمام إلي ان هناك مصادر لمشروعية التغيير لأنه شيء معترف به في مبحث أدلة الأحكام الفقهية ومشروعية التغير في القرآن الكريم كثيرة في الآيات التي تعد مصدرا قرآنيا لمشروعية التغير من ذلك قوله تعالي في سورة الأنفال(( يا أيها النبي حرض المؤمنين علي القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون)) ثم قال:(( الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين)). وأوضح أن كثيرا من المفسرين ذهبوا إلي أن هاتين الآيتين من قبيل الناسخ والمنسوخ إلا أن بعض العلماء رأوا أن الآيات عند التحقيق ليست ناسخة ولا منسوخة وإنما لكل منهما مجال تعمل فيه فقد تمثل إحدهما جانب الغريمة والأخري جانب الرخصة أو تكون أحدهما للإلزام والإيحاب والأخري للندب والاستحباب. وذكر أن مشروع التغير في السنة النبوية توجد أحاديث كثيرة تؤكد ما جاء في القرآن الكريم من مشروعية تغير الأحكام بحسب تغير الأمكنة والأزمنة والنيات والمصالح والعوائد والأحوال, مؤكدا أن للعرف والمصلحة وقواعدها دخلا في تغير الفتوي. ومن جانبه أوضح الباحث التركي محمد زاهد جول أن المواطنة مسألة لا تزال تعاني مشكلات حقيقية في ظل الدولة العلمانية ما دامت المواطنة ترتبط بشبكة من الحقوق التي تؤسس لها خلفية ثقافية أو دينية. وذكر جول أن هناك شبه اجماع لدي التيار الإسلامي بقبول المواطنة يتجاوز الخطاب السياسي المتكئ علي الماضي, حيث بدأت بوادر التبني الصريح للمواطنة الكاملة لغير المسلمين مع كتابات البعض التي تدعو إلي التسامي فوق التصنيفات والطبقات القديمة التي يشير إليها مصطلح الذمة وقبول غير المسلمين كمواطنين لهم جميع الحقوق. وتطرق إلي حكم تولي غير المسلم منصب رئيس الدولة الإسلامية مقدما الخلاف بين العلماء في هذا الأمر منتقدا المحاولات التجديدية للخطاب الإسلامي التي تناولت مفهوم المواطنة, حيث غفلت عن بناء المواطنة علي أساس النظر الأخلاقي وهو الأمر الذي أفقدها تماسكها وانسجامها مع المنظور الإسلامي. بينما أوضح الدكتور عبدالستار أبو غدة الأستاذ بجامعة جدة بالسعودية والذي تحدث عن فكرة الجنسية في الفقه الإسلامي وقواعدها الشرعية أن بعض آثار الجنسية بالمفهوم المعاصر تتنافي مع معطيات الفقه الإسلامي وروح الشريعة لما تتمسك به قوانينها من قيود تؤدي إلي الفرقة وفصم عري الوحدة الإسلامية التي يجب أن تظل بالصورة المتاحة حيث إن بعض العهود الإسلامية التي شهدت انقسامات سياسية إلي دول لكل منها سيادة ومواطنون بما يشبه الجنسية ظل التواصل بين مواطنيها دون حد.