منذ30 عاما تصدي الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان للديكتاتور الليبي معمر القذافي لأول مرة, وبالتأكيد علينا إعادة النظر في تفاصيل هذه المواجهة خاصة في ظل امتلاك ريجان للعزيمة ووضوح الهدف وهو المرجو من خلفه باراك أوباما. وكان بيل كلارك يتولي وقتها منصب نائب وزير الخارجية في غياب وزير الخارجية آل هيج, وكان ذلك عندما انتشرت أخبار بشأن آخر طرائف القذافي, وكان وقتها كلارك علي اتصال مستمر مع ريجان ووزير الدفاع كاسبر واينرجر, وكالعادة كان جوهر الأزمة القذافي نفسه, وكانت المشكلة في خليج سرت قبالة سواحل شمال افريقيا علي البحر المتوسط وهي منطقة ذات اهمية استراتيجية واضحة. وقد استمر القذافي مصدر ازعاج للعالم المتحضر حتي اعلن عام1970 تحديه للولايات المتحدة حيث كان الاسطول السادس الأمريكي يجري سنويا مناورات بحرية واسعة داخل المياه الدولية للتدريب علي شن حربين في آن واحد. وقد كان هذا العمل مقبولا, وكان الاتجاه يسير نحو التهدئة ولكن تغير ذلك بعد ان قام القذافي بتمديد نطاق المياه الاقليمية الليبية,12 ميلا في مياه خليج سرت فقد كان يبغي أن يجعل منه بحيرة ليبية وهو الأمر الذي لم يكن مقبولا للولايات المتحدة والغرب. صحيح أن ادارة جيمي كارتر آثرت عدم تحدي القذافي وعملت علي إعادة تنظيم ونقل التدريبات الأمريكية وأمر كارتر القوات البحرية بأن تقف أمام استعراض القذافي لعضلاته. أما في عام1981 فقد تبني الرئيس ريجان عدم السماح بسياسة الترهيب للولايات المتحدة, وأعلن وزير دفاعه كاسبر واينبرجر ان التدريبات الامريكية ستجري كما كان مقررا لها خارج حدود ليبيا الساحلية ب12 ميلا بل ووضعت هيئة الاركان المشتركة قواعد جديدة لمشاركة الاسطول الأمريكي والتي لاقت موافقة واستحسان ريجان معطيا الحق في اطلاق النار والرد للدفاع عن أي أمريكي. وخلال مؤتمر صحفي في مجلس الأمن القومي طلب الأميرال المسئول عن القوات الأمريكية قبالة السواحل الليبية تحديد إلي أي مدي سيسمح لنا بالرد علي الطائرات الليبية المقاتلة؟ فأجاب ريجان وصولا الي حظائرها وارسل ريجان بتعزيزات للقوات البحرية بقيادة يواس اس اس فورستال ونيميتز قبالة سواحل ليبيا. وبعد سلسلة من المواجهات اقتربت مقاتلتان ليبيتان من القوات الأمريكية فتم اعتراضهما من قبل مقاتلين أمريكيتين من طراز إف14 ونفذ الطيارون الاوامر الصادرة عن ريجان مباشرة وأطلقوا الصواريخ, ولم تعد هناك ضرورة لاعادة المقاتلات الليبية الي حظائرها لانها سقطت في البحر المتوسط. ولقد القت هذه الاحداث بظلالها علي تصرفات القذافي فهدأت من حدة تصرفاته؟ولكنه واصل نشاطاته الارهابية سرا باختيار قائمة أهداف واسعة النطاق لقتل مدنيين أمريكيين في الغرب وشملت بيل كلارك نفسه. وهو ما دفع ريجان إلي ارسال الطائرات الأمريكية في ابريل1986 لضرب مدينتي طرابلس وبنغازي واستهداف المواقع العسكرية, وتم إلقاء ما يقرب من100 قنبلة قصر علي باب العزيزية وثكنات القذافي, مما أدي إصابة عدد من أفراد أسرته وكان القذافي حينها داخل خيمة خارج مجمعه السكني الذي يضم مقر اقامته الخاص, فنجا من القصف. أما ريجان فقد رفض بمنتهي الحزم الاحتجاجات التي وجهت له من قبل المجتمع الدولي سواء من فرنسا أو الليبراليين الأمريكيين والذين اصروا علي ان خليج سرت سصيبح خليج تونكين آخر فيتنام أخري. باختصار الرئيس أوباما يواجه مهمة صعبة في الازمة الليبية الحالية ونعتقد أن الدروس المستفادة من ريجان تتحدث عن نفسها.فالموقف في ليبيا يحتاج الي تحديد الهدف والشعور بالثقة لأن حالة عدم اليقين تشير الي الضعف الذي سيمنع الولاياتالمتحدة من إيجاد طريقة للتعامل مع القذافي. فسيادة واشنطن تقف أمام اختبار الزمن فالمبادئ لا تتغير أبدا وانما يتغير المديرون فقط. كاتبا المقال في يو إس توداي بيل كلارك نائب وزير الخارجية الأمريكي السابق وبول كينجور استاذ العلوم السياسية في كلية جروف سيتي.