سكينة فؤاد اسم أعطي الكثير في بلاط صاحبة الجلالة, وأعطي الكثير لبلده, ارتبط قلمها بالعديد من القضايا التي تخص المجتمع المصري بجميع أطيافه, وكان شرسا وضاريا في مواجهة قضايا الفساد التي عاني منها ولا يزال الشعب المصري وكان أشهرها ما يتعلق بقضية شبهة فساد وزير الزراعة الأسبق يوسف والي وقضايا اللحوم الأسترالية وجنون إهدار المال العام ومخططات التدمير وتلوث المياه والفساد الإداري وغير ذلك العديد. كما وقفت بجانب المرأة في كتاباتها فتطرقت للسجينات الغارمات, كما تطرقت للعديد من القضايا التي تخصها إيمانا منها بأن المرأة المصرية عنصر فاعل في الحياة السياسية وبإمكانها تغيير خريطة أي مجتمع وقادرة علي كتابة تاريخ وطنها إذا احتاج إليها ولهذا أكدت لنا الكاتبة الكبيرة أنها كانت معنية بالمرأة وقضاياها إيمانا منها بأهمية الدور التي تقدمه لبلدها. كما أكدت صاحبة التاريخ الطويل في مواجهة الفساد في حوارها مع الأهرام المسائي الذي تتحدث خلاله عن بعض ما تحتويه خزائنها من أسرار حول الفترة التي قضتها مستشارة في القصر الجمهوري أنه مازال يستشري في مصر وطالبت بضرورة مواجهته بكل الطرق وتساءلت عن المنطق الذي يسمح لسارق أموال الدولة بالتصالح بعد دفع الفتات للدولة لكي يبرئ ذمته المالية وقالت أي قانون هذا الذي لا يضرب بيد من حديد علي يد الفاسدين, وطالبت بضرورة تعديل الكثير من القوانين, مؤكدة أن مجلس الشعب لم يكن علي قدر المرحلة الخطيرة التي تمر بها مصر وأن العديد من القوانين في حاجة إلي تعديل وفتحت سكينة فؤاد في هذا الحوار صندوق ذكرياتها عن المرحلة التي كانت فيها مستشارة للرئيس عدلي منصور ومستشارة أيضا في فترة حكم الإخوان واصفة منصور بالمستشار الجليل ومؤكدة أنه تولي مصر في أخطر فتراتها الانتقالية بينما ألقت باللوم علي الإخوان وأكدت أنهم كانوا يريدون أن تكون مصر جزءا من الجماعة وليس العكس فانهزموا وقالت مصر مازالت تدفع ثمن حكم الإخوان. في البداية ومع تاريخ طويل في الكتابة عن الفساد والفاسدين, ما هي برأيك أسباب استقواء الفساد برغم الحرب الجادة التي تشنها الدولة عليه بأجهزة رقابية شديدة القوة؟ الفساد استشري واستقوي بسبب القوانين التي انتظرنا أن يقوم بتغييرها مجلس النواب ولم يفعل, فهل يعقل أن ترتكب جرائم مثل جرائم التوريدات الوهمية وبالأرقام الوهمية والتي تسببت في ضياع المليارات علي الدولة وعلي الشعب ثم يقوم مرتكبوها برد الفتات إلي الدولة لتبرأ ذمته ويسترد حريته, الفساد استقوي وسوف يستمر إن لم تعدل القوانين, فكيف لموظف بريد الاستيلاء علي900 ألف جنيه وما هي المنافذ التي ساعدته علي هذا الفساد, قبل الثورة كانت هناك إدارة للفساد سمحت لشبكاتها أن تتعملق, نحتاج إلي القانون الحاسم الحازم العاجل الباتر الذي يخيف مرتكبي جرائم الفساد فلو طبق هذا القانون لما سمعنا عن قرار النائب العام بحبس لجنة تسلم القمح المورد بعد أن ثبت أن بها عجز بالكميات الثابت توريدها للمصانع والشون يقدر ب31 ألف طن قيمتها87 مليون جنيه وهنا أحيي لجنة استقصاء الحقائق في قضية القمح بمجلس النواب وياليتها تفتح في كل المجالات, وبجانبها القانون الباتر لأنه الحل الذي يكمش الفسدة والفساد. إذن أداء المجلس علي مستوي التشريعات والقوانين غير مرض لك؟ بدون شك كنا ننتظر أكثر مما قدمه ويقدمه, وهو يعتبر أخطر برلمان في تاريخ مصر وجاء بعد ثورتين وكنا ننتظر منه الكثير, ومع احترامنا لبعض القامات كنا ننتظر منه أن يقف لمواجهة مصادر معاناة الشعب, فالملايين التي خرجت في يناير لتسترد بلدها ثم عادت وخرجت في30 يونيو لتسترد ثورتها كانت تنتظر في هذه المرحلة ما هو أكثر فاعلية في تغيير الواقع ومواجهه القضايا الأكثر إلحاحا لتحقيق العدالة الاجتماعية. وماذا عن أداء المرأة تحت القبة؟ من خلال متابعاتي وجدت الكثير من الأشياء الإيجابية ومحاولة التصدي لقضايا كثيرة مهمة وأيضا كنت أنتظر منهن المزيد ولكن بالطبع أنظر لظروف الأداء كله وبدون شك أنها واجهت كثيرا من الاضطراب التي مرت به الدورة البرلمانية الحالية والمشكلات ومع اعتزازي بكثير من النائبات وتصديهن للعديد من القضايا الجماهيرية ولكن أيضا انعكس عليهن الصورة العامة لأداء البرلمان. كتبت عن قضايا فساد يوسف والي وزير الزراعة الأسبق, هل توقعت أن تظهر قضايا فساد مماثلة بعد ثورتين؟ كتبت الكثير عن قضايا ومافيا القمح وعن كل الأداء المؤسف للمسئولين والقطاع الخاص الذي جعلنا الدولة الأولي في استراد القمح الذي لا أعتبره أبدا قضية غذائية بل هو قضية سياسية في المقام الأول, قضية ترتبط باستقلال واستقرار البلد وترتبط بدعم الفلاح وعودة الدعم ليصل لمستحقيه من الفلاحين واستثمار العلماء في مركز البحوث الزراعية والبحوث الرائعة التي انتجتها كليات الزراعة في مختلف جامعاتنا والتي تسرب الكثير منها للعدو الصهيوني واستغلت, ولا ننسي أن قضية الزراعة قضية مهمة. كيف تنظرين إلي ما يحدث في التعليم؟ قضية التعليم من أخطر القضايا في مصر ولا يمكن أن يظل التعليم في مصر محل تجارب, وإلغاء السناتر قضية مهمة ولكنها مرهونة بإعادة المدرسة لدورها الحقيقي مركزا للتعليم بأنظمه حديثة ومرهونة أيضا بتحسين وضع المعلم, وأعتقد الأمر كله يحتاج إلي عقول راشدة وما أكثرها في مصر وللأسف من الواضح أننا لا نستفيد بالعقول الرشيدة والخبرات الكبيرة التي تمتلئ بها مصر فغابت الكفاءات واعتمدنا علي أصحاب القدرات الضعيفة وفي ظني ما يحدث من تغيير في العملية التعليمية ليس علي قدر خطورة اللحظة وليس علي قدر طموحات المصريين في هذه المرحلة. عملت مستشارة للمرأة في فترة تولي المستشار عدلي منصور رئاسة مصر, ما شهادتك عن تلك الفترة؟ كانت فترة انتقالية خطيرة جدا ملأتها الكثير من التحديات والمخاطر وأشهد أن المستشار الجليل عدلي منصور كان مثالا للأمانة ونموذجا للقاضي العادل المحب والحريص علي الوطن وكل ما تقدمت به من أجل المرأة المصرية وفي صالحها طالما وثقته وقدمت الأدلة علي ضرورته لم يكن يتأخر أبدا في الموافقة عليه ومن خلال موقعي ككاتبة قبل أن أكون مستشارة للمرأة ما أكثر القضايا التي تداخلت فيها وقدمت للمستشار عدلي منصور ما يتعلق بقضية القمح ومحاولة تجديد إحياء القضية, ولم أتقدم باقتراح أو فكرة أو مطلب وقتها يتعلق بقضايا المرأة إلا ونظر فيها من جانبه واستجاب, ورغم أنها كانت فترة خطيرة لكن قابلها أداء أمين جدا علي مصر وعلي هذه الفترة وفي النهاية أنا كنت مستشارة للمرأة وعندما أخرج عن حدود قضايا المرأة ما كان يتردد المستشار الجليل علي الموافقة علي أي شيء يضيف للوطن. برأيك لماذا رفض المستشار عدلي منصور الترشح للرئاسة وفضل العودة مرة أخري رئيسا للمحكمة الدستوريا العليا.. وهل كانت مصر في حاجة إليه في تلك الفترة؟ بدون شك, مصر كانت تحتاج إلي جميع الأمناء وكل من يستطيع أن يمد لها يدا, ولكن كان من حقه أن يختار ما يراه مناسبا له, وأثق أنه لم يكن يتأخر إلا لظروف قاهرة أو لرؤية خاصة به ولا أعتقد أن شخصية المستشار الجليل عدلي منصور هي الشخصية التي تتخلي عن مصر في أي لحظة تحتاج فيها إليه وأثق بأنه حين كان في رئاسة المحكمة الدستورية العليا كان حاكما وغالبا علي شخصيته روح القاضي وعدالة القاضي وعدالة الميزان. كنت أيضا مستشارة وقت تولي الرئيس المعزول محمد مرسي رئاسة مصر من خلال موقعك كمستشارة له في تلك الفترة.. ما هي شهادتك عن تلك الفترة؟ لا أحب العودة لتلك الفترة ولكني أعتز بأنني منذ البدايات نبهته وقلت له عبارة كان مضمونها أنه إذا أراد أن ينجح هو وجماعته فيجب أن يحرصوا علي أن يجعلوا الجماعة جزءا من مصر أما إذا أرادوا أن يجعلوا مصر جزءا من الجماعة فلن ينجحوا وسيفشلوا, وأن احترام رغبات المصريين هي التعويذة السحرية وأيقونة أي حاكم ولم يتغير موقفي ولا موقف المستشارين وأظن الثورة عليهم كانت بداية ظهور أن القرار لا يصنع من داخل مؤسسة الرئاسة وكان لابد من المبادرة والإسراع إلي الاستقالة. كيف كان المعزول يتعامل مع مستشاريه وهل قدمت له اقتراحات ورفضها؟ لم أقترب من موقع صنع القرار في تلك الفترة وما كتبت إلا لأنقل ما تكتبه الكاتبة في القضايا الجماهيرية وفي دعم الجماهير وفي الانتماء, وقبل أن أكون مستشارة لأي رئيس أنا كنت مستشارة للشعب المصري, ويشهد الله أني ما قبلت أي منصب إلا لأنقل ما أكتبه إلي موقع صناعة القرار وكم تصادمت بسبب عدم وجود الاستجابة التي كنت أتوقعها أو أتمناها. حكم الإخوان لمصر عام, ما تقييمك لهذه الفترة وهل ما زال الشعب يعاني تأثير هذا العام علي الحكم أم ذهبت بما لها وما عليها؟ مازالت مصر تدفع حتي الآن ثمن عام حكم الإخوان, وللعلم الإخوان هم الذين أسقطوا أنفسهم بما فعلوه وتكشف للمصريين, وهذا الشرف الذي نزعه عنهم المصريون حدث لأن الشعب المصري بحسه التاريخي والحضاري شعر بالخطر وشعر أنه بصدد تغيير هويته ووجوده وإلغاء فكرة الوطن ومن يومها ما زلنا ندفع الثمن الذي لخص في عبارة يانحكمكم يا نقتلكم هم لا يدركون حتي الآن حجم الكراهية والرفض لهم, ومهما يتم من محاولات لاستغلال الأوضاع الاقتصادية لن ينالوا من مصر, والشعب رغم الظروف الصعبة ورغم تمنياته بتخفيف الأعباء عنه ورغم تمنياته بأن يترجم ذلك إلي واقع فعلي بإجراءات عملية عاجلة والتخفيف عن الجموع الأكثر ألما واحتياجا وتحقيق العدالة الاجتماعية لن يخدع مرة أخري. كيف يمكن القضاء علي الفساد برأيك؟ لابد من إجراءات عاجلة, لا تكفي السيطرة علي الأسواق لأنه لا توجد سيطرة حقيقية حتي الآن وللأسف علينا الأخذ بإجراءات وقوانين صارمة وعقوبات مشددة رادعة, الأيدي الرخوة مع الاتجار بالشعب وآلامة لا تجوز, فهل يعقل ما حدث في أزمة ألبان الأطفال ولماذا لم نسارع قبلها باتخاذ الإجراءات اللازمة, ما كان يجب أن تنفجر بكل هذه القوة, المبادرات وقراءة الواقع ومجسات المخاطر وإدراك الحس الشعبي وما يحتاج إليه كلها أمور لابد وأن تكون مقدمة, الرصيد الشعبي والقوة الداعمة لدولة30 يونيو التي تحتمل وتصبر والتي كانت عماد التغيير في مصر يجب الانتباه إلي آلامها ووضع مجسات لمعرفة معاناتهم وأن تكون هناك إجراءات تسبق الأحداث ولا تكتفي بإجراءات السيطرة علي السوق, ونحتاج لعمل مؤسسي. ما تعانيه مصر الآن أرصدة سابقة لسنوات عديدة, هل تتفقين مع هذا الرأي؟ نعم ما تعانيه مصر الآن هو أرصده لسنوات ما قبل25 يناير وللمؤامرات التي لم تتوقف لضرب الاقتصاد المصري بالإضافة إلي ممارسات الحكومة في سرعة تشغيل المصانع وفي إدارتها وحل مشاكل العمال وإدارة الثروة الزراعية, وجزء مهم جدا من الإصلاح الاقتصادي يعود لزيادة الإنتاج وجزء مهم جدا أن هذه المصانع العظيمة التي أنشأها طلعت حرب والرئيس جمال عبد الناصر أن تتحول إلي خردة وتباع ويجب أن تكون هناك وسائل عاجلة للعلاج الاقتصادي من خلال الحلول الذاتية, فلا يكفي قرض صندوق النقد الدولي, مصر ليست هينة وبه ثروات يجب أن تطلق وأن تدار إدارة رشيدة. ما هو انطباعك عن هذه المرحلة وكيف ترين المشهد السياسي الآن؟ بقدر الثقة في محبة وأمانة وإخلاص الرئيس عبد الفتاح السيسي علي مصر وخوفه عليها أقول له إنها تحتاج إلي من يحملون الخبرات والقدرات من الذين تمتلئ بهم مصر ولديهم من الأفكار والحلول ما يستطيعون به أن يحولوا الطموحات إلي واقع معاش, لابد من الاستعانة بالخبرات الكثيرة التي تمتلئ بها مصر ولابد من الحفاظ علي التوازنات التي يؤكد عليها الرئيس مثل الحرب علي الإرهاب وحفظ أمن الدولة, والحفاظ علي أمن الدولة واحترام الحقوق والحريات, التطبيق يجب أن يلتزم بهذه التوازنات, وأيضا نحتاج لمد جسور الحوار وضرورة إثبات عكس ما يتردد بأن القيادات العسكرية لا تستمع ولا بآراء الشعب بينما الرئيس يؤكد أنه يحكم بالشعب وينجح بالشعب وأنه لا يستطيع أن ينجح إلا إذا كان الشعب في ظهره, أتمني أن يكون الحوار موصولا والاستماع الدائم وتوضيح الرؤي والشفافية والحوار المفتوح والأخذ بآراء الخبرات التي تمتلئ بهم مصر لإثبات المؤكد من احترام الرئيس لإرادة وفكر الشعب.